حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - يواجه العراق عجزاً مائياً يصل إلى 65 بالمائة من حاجاته الضرورية، تتحمل إيران جزءاً من هذا العجز، سببته تحويل 90 بالمائة من حجم تدفق الأنهار المشتركة مع العراق، إلى مشاريع إيرانية محلية، وبذلك تحرم العراق من 20 بالمائة من حاجاته الأساسية الكلية، وتتحمل تركيا جزءاً آخر من فقدان العراق حاجاته التي كان يتسلمها من تدفق نهري دجلة والفرات.
السؤال إذا كانت إيران تتباهى أنها دولة شيعية، وهي كذلك، ولا أحد ينافسها هذه المباهاة، وأنها تمثل الشيعة في العالم، وتدافع عن مصالحهم، فكيف لها أن تحرم شيعة العراق سكان محافظاته الشرقية والجنوبية، وغالبية أهل العراق من الشيعة، لماذا تحرمهم حقوقهم المائية المتدفقة نحوهم منذ آلاف السنين؟؟.
صديق محايد أجاب بقوله لأنها دولة تهتم بمواطنيها، ولهم الأولوية سواء كانوا من الشيعة أو السنة، سواء كانوا من الفرس أو العرب أو من القومية الكردية، فهي دولة تعددية، جميعهم من مواطني الدولة الإيرانية، لهم الأولوية كمواطنين على ما عداهم من مواطني دولة أخرى مجاورة حتى ولو كانوا من الشيعة.
جواب منطقي مقبول ومعقول، ولكن هذا يُسقط الادعاء أن إيران وطن الشيعة، والمدافع الحقيقي الوحيد عن الشيعة، فهي المدافع الوحيد الحقيقي عن مواطنيها الإيرانيين: الفرس، العرب، الكرد، الشيعة والسنة، هذا حق لهم وواجب عليها.
الاستخلاص يستدعي الاعتراف والإقرار أن الدول المجاورة لها، الأولوية عندهم الدفاع عن مواطنيهم، على قاعدة الحق والواجب سواء كانوا من الشيعة أو السنة، سواء كانوا من العرب أو الكرد، سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين.
والاستخلاص الثاني أنه من المنطق أن البلدان العربية المجاورة غرباً لإيران، أو البلدان الإسلامية المجاورة شرقاً لإيران، لديها جزء من مواطنيها ينتمون للمذهب الشيعي، لا يحق لإيران ادعاء تمثيلهم، مثلما لا يحق للبلدان المجاورة إدعاء تمثيل المواطنين الإيرانيين إذا كانوا عرباً أو سنة أو من الكرد، فهم من مواطني الدولة الإيرانية، وهي الأقدر على تقييم وضع مواطنيها ومعاملتهم بالمثل كمواطنين إيرانيين، ليس إلا.
قواعد قانونية ثابتة، تقوم على عدم التدخل بالشؤون الداخلية من طرف لأي طرف، بل إقامة العلاقات بين إيران والبلدان العربية على أساس حُسن الجوار، والاحترام المتبادل، والمنافع المشتركة.
إيران تربط معالجة الوضع المائي، وحقوق العراق المائية من الأنهر المشتركة، بالموقف السياسي، والعراق يُطالب عدم ربط الماء بالسياسة، فالسياسة متقلبة، والماء حق طبيعي فرضته الطبيعة وقنواتها، وجريان حصيلة ما وفرته للبشر، وأن يكون الماء منفعة وأداة تقارب، بدلاً من أن يكون أداة ضغط وابتزاز ونفور وصراع.
السؤال الجوهري هل صدفة أن البلدان الإقليمية الثلاثة المحيطة بالعالم العربي: إيران وتركيا وأثيوبيا تعمل على توظيف الماء خدمة لسياساتها على حساب العرب وإضعافهم؟؟.
والسؤال الملحق هل لو كان العالم العربي مُعافى من الحروب البينية، تسوده علاقات جمع الشمل بين أطرافه، ولديه الأمن القومي المشترك، هل يتمادى أي طرف نحو المساس بالعرب وخياراتهم؟؟ وهل يملك شجاعة التطاول على مصالح العرب وحقوقهم؟؟.