محمد علي طه - النجاح الإخباري - أكره الحرب والقتل والدّمار وصفّارات الإنذار والطّائرات الحربيّة والدّبّابات والصّواريخ والقذائف والبنادق والرّصاص والخناجر، وأحبّ السّلام والحرّيّة والأزهار والعصافير والنّدى والحياة. وأشفق على هؤلاء الذين احتّل الحقدُ قلوبَهم واستوطن فيها وشربوا قهوة الصّباح معه، وأرثي للذين لا يرَون في هذا العالم سوى أنفسهم وأنّ الدّنيا والهواء والماء والأرض والحقيقة لهم وحدهم.

حبّذا لو كنت أستطيع مباركة لاعنيّ وحبّذا لو أقدر على محبّة أعدائي. وأعترف بأنّني أغبط من يستطيع أن يكون كذلك.

أجد نفسي أحيانًا عاجزةً عن فهم ما يحدث حولها، فقد "كسّرت رأسي" وأنا أقرأ "أسطورة داعش" التي احتّلت بلدانًا شاسعة وهزمت جيوشًا بسرعة فائقة. كيف أرضعها عرّابها ولبّاها ونمّاها وأرخى رسنها ثمّ استجار بالأصدقاء واستغاث بالأعداء منها!!

لا أفهم أبناء عمومتنا عندما يتباكون ويندبون ويستجيرون بالعالم لأنّ الفلسطينيّين أسموا ساحة أو دوّارًا أو زقاقًا على اسم شهيد فلسطينيّ قاوم الاحتلال فيما يرونه هم "قاتلًا مخرّبًا" وفي الوقت نفسه يحيون ذكرى رحبعام زئيفي ويتغاضون عن تمثال ومزار غولدتشتاين في دمّل في قفا مدينة الخليل اسمه كريات أربع. وقد اخترت عينة من أسماء الشّوارع والسّاحات في مدن إسرائيل وبحثت عن تاريخ أصحابها فوجدت الأكثريّة منها قد قتلت عربًا أو نفّذت أعمالًا إرهابيّة.

 ولا أفهم ادّعاء قادة إسرائيل وإعلامها الحرّ بأنّ قادة ومناضلين فلسطينيّين أيديهم ملطّخة بالدّم، ولا يرون "الأيدي النّاصعة البيضاء" لشارون وشامير وباراك وبن اليعيزر. فإذا كانت أيدي هؤلاء القادة ناصعة بيضاء وسلاحهم نقيًّا طاهرًا فمن قتل الكاتب غسّان كنفاني والشّاعر كمال ناصر والقائد أبا جهاد، ومن ارتكب مجازر دير ياسين والطّنطورة والدّوايمة؟ والقائمة طويلة!

كتب الصّحافيّ الاسرائيليّ البارز بن كسفيت، وهو الخبير بما يجري في الغرف الحاكمة، في صحيفة "معاريف" في 16 تشرين الأوّل 2017 ما يلي: " كانت لأرئيل شارون في تلك الفترة ظاهرة متكرّرة صباح كلّ يوم أحد، وكان مقرّبوه يدركون أنّ الرّجل بعد قضائه عطلة نهاية الأسبوع في مزرعته مع ابنيه وعودته في صباح الأحد يكون الأمر الأوّل الذي يطلبه من طاقمه: "يجب قتل عرفات حالًا وسريعًا" ويطقطق أسنانه..... وكان الطّاقم يدعو عاموس جلعاد من تل أبيب أو يدعو السّكرتير العسكريّ موشيه كبلينسكي ليشرحا لشارون أنّ هذا الطّلب ليس سهلًا حتّى يهدأ....!"

متى هدأ شارون وكيف هدأ؟!

واسمحوا لي مرّة أخرى أن أقول أكره الحرب والاحتلال والانتقام الذين لطّخوا أيدي البشر، قادة وأناسًا عاديّين، بالدّم.