خلف خلف - النجاح الإخباري - تحوّل موقع فيسبوك -أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شهرة في فلسطين- إلى مرتع للشائعات مؤخرًا، بما ينسجم مع نظرية "الطلقة السحرية" أو "الحقنة تحت الجلد".

فبعد قصف إسرائيل لسوريا بتاريخ (17/3/2017)، وإطلاق الأخيرة لصواريخ مضادة للطيران، سُمع بعد الساعة الثانية ليلاً، صوت هزّ المنازل، وفيسبوك أيضًا، إذ انتشرت عليه، جملة شائعات منها، أنّ نيزكًا فضائيًّا سقط من السماء، ومكوكًا فضائيًّا أسقطته وكالة "ناسا".

والسبت الموافق (19/3/2017) نُشر مقال لشخصية مجهولة- أغلب الظن وهمية- تتحدث عن ما أسمته "فساد" شخصية سياسية فلسطينية.

هذه الإشاعة حفلت على فيسبوك بتعليقات وتبادلات ومشاركات بأعداد مهولة تثير رعبًا بما تحمله الشائعات من خطر على استقرار المجتمع الفلسطيني، وخاصة أنّ بعض الكتاب تناولوا الحدث من زاوية المصداقية، قبل الكشف لاحقًا أن المقال تم نشره عام (2011) في صحيفة صفراء لا تتمتع بأي ثقة.

هذا الفعل ليس بحدث عابر، بل يثبت أن مواقع التواصل الاجتماعي بات دورها لا ينحصر في إظهار ما يدور في أذهان الناس الآن. بل إنها ناجحة وبدرجة مخيفة لتملي على الناس أفكارها.

الأخبار الكاذبة تستهدف العقل وهنا مكمن الخطورة، وهي أحيانًا لا تعدو بضع كلمات، ولكن ما يمسها عائد لعدم استنادها لمصدر موثوق يشهد بمصداقيتها، لذا فهي قد تعبر عن الواقع وعكسه على نحو جلي.

قد تشتمل الأخبار الكاذبة على شيء من الحقيقة، لكنه شيء يعتريه تلفيق ما، وذلك ما يقود إلى نشر البلبلة في المجتمعات، ويؤدي على الأغلب إلى نتائج سلبية.

المفاجئ أنه لم تعلق أي جهة رسمية فلسطينية على الإشاعة التي تم تداولها بغزارة، وبقيت عائمة حتى انبرى بعض الكتاب في توضيح الحقيقة للناس، ومنهم القائم بأعمال مدير فضائية النجاح، غازي مرتجى.

إنّ التجارب العديدة لتفشي الأخبار الكاذبة في فيسبوك وغيره من مواقع التواصل تشير بكل وضوح إلى ضرورة إيجاد جهة تتكفل في محاربة الإشاعات على الساحة الفلسطينية، وخاصة في وقت الأزمات.

فتأثير الشائعات وصداها، لا يقتصر على المتلقي فقط، والذي قد يشك بمصداقية بعض الأخبار إلا انها تترك أثرًا في نفسه، فينشغل به لفترة زمنية وهو يحاول التحقق من مصداقيته، مدفوعًا بحب الاستطلاع، والفضول.

ويمكن القول إن نشر الأخبار الكاذبة يؤثر سلبًا في سلوك الناس، ومنطقهم الاستدلالي، بمعنى إذا كانت المعلومة التي استقاها الشخص في الأساس خاطئة، فربما تنعكس سلبًا في سلوكه، فيقوم بأعمال غير سليمة على أرض الواقع.

وهو ما تجلى بخروج رئيس تحرير إحدى الوكالات الفلسطينية المعروفة، بمقال صحافي، مطالبًا النيابة العامّة، بالتحقيق مع المسؤول الفلسطيني المتهم- بحسب المقال الكاذب- بالفساد.

علماً أنّ هناك علاقة تبادلية وثيقة بين الإشاعة والرأي العام، فكلاهما يشكل الآخر بمنطق جدلي تفاعلي، فلا يمكن لأي إشاعة أن تستمر إذا لم تلق اهتمام الرأي العام، ما يجعله  الرأي  أحد ركائز تشكيلها".

ولا يخفى دور مواقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك وتويتر .. الخ" في نشر الشائعات بصيغ مجازية عبر الهمس، والعبارات المستقبلية كالقول: "تتوقع أوساط سياسية.. أو من المنتظر حصول كذا"، هذه العبارات تفتح الباب أمام تلفيق الإشاعات ونشرها، وكذلك الاعتماد على خاصية الإسقاط مثل (قال مراقبون).

وأحيانًا يتكىء المصدر على ضمير الغائب (دون تحديد لما يعود إليه)، وقد يكون معيار الصدق مائعاً لا يمكن الإمساك به، كمقولة: (كشفت مصادر مطلعة أو موثوقة...الخ).

وعليه، ينصح بالتأكد من مصداقية كل الروايات المتناقلة عبر وسائل التواصل الإجتماعي قبل مشاركتها والاندماج في تيارها، وتزداد أهمية القيام بمثل هذا الإجراء كلما ارتفعت درجة خطورة الموضوع، وردود الأفعال التي قد تنتج عنه، فعلى سبيل المثال إذا وردتْ معلومة حول تورط مسؤول ما بقضية فساد، فهذه المعلومة خطيرة بحاجة ماسة جداً للتدقيق والتمحيص، لما لها من انعكاسات كبيرة على الرأي العام.

أخيرًا إنّ وراء كل إشاعة، قاعدة فردية أو جماعية تنطلق منها، فهي ليست – على الأغلب- عملاً فوضويًا. لذلك يتوجب الحذر.