نهاد الطويل - النجاح الإخباري - إذًا انتصر المقدسيون وانكفأت إسرائيل عن فرض عدوانها عند بوابات الأقصى وفي محيطه، إذ جاء قرار إزالة كل أشكال العدوان الإلكتروني في محيط المسجد المبارك نتيجة فشل الرهان على تطويع الشارع الفلسطيني، ودفعه إلى التكيف مع الإجراءات الأمنيّة العقيمة بعد "عملية الأقصى"، التي أدّت إلى مقتل جنديين منتصف الشهر الجاري واستشهاد المنفذين الثلاثة.

تراجعت إسرائيل

ولمست قيادة الاحتلال إصراراً فلسطينياً، لم يكن بالإمكان مواجهته أو احتواؤه، بل أكَّد لها أنَّه متواصل بما ينبئ بإمكان اندلاع انتفاضة جديدة قد لا تقوى تل أبيب على تحمل تبعاتها.

وفي هذا السياق يؤكِّد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنَّ سياسة التسويف الإسرائيلية كانت واضحة منذ اللحظة الأولى للأزمة مراهنة على إمكانية تراجع الحراك الشعبي.

وشدَّد عوكل لـ"النجاح الإخباري"، على أنَّ رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" دخل في مأزق، وأراد الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، لكنَّه خرج بصفر كبير.

ولفت عوكل إلى أنَّ الأزمة العميقة التي شهدتها المؤسسة الإسرائيلية لجهة احتمالية التصعيد، كما حذَّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومن بينها "الشاباك" و"الاستخبارات العسكرية"، ما دفع نتنياهو إلى البحث عن مخارج بلا طائل.

بدوره علَّق الصحفي الجزائري عبد الحفيظ دمش بالقول ": نتنياهو زرع ريحاً وحصد عاصفة وذلك في أعقاب الرضوخ للضغط الفلسطيني."

وشدَّد في تعليق لـ"النجاح الإخباري"، على  أنَّ تراجع الاحتلال جاء بعد قوة رد الفعل الفلسطيني الذي دفع سلطات الاحتلال إلى الخضوع للمطالب الجماهيرية بعودة الأمور إلى نصابها السابق، أي قبل تاريخ (14 يوليو/تموز الجاري).

ويؤكد الإعلامي والكاتب الأردني نضال سلامة بأنَّ المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية منيت بفشل ذريع لجهة تسجيل نقاط لمصلحة تشدّدهم في مواجهة الفلسطينيين داخل الشارع اليميني، وفي الوقت نفسه إضفاء طابع أمني على قراراته، مع التنصل من مسؤولية أيّ قرار تتخذه الجهات المهنية.

وشدَّد سلامة لـ"النجاح الإخباري"، يتضح لاحقاً أنَّ المستوى السياسي في إسرائيل لم يقدّر بصورة كافية الانعكاسات المتوقعة لقرار وضع آلات الكشف عن المعادن، الذي اتَّخذ بتسرع بعد مقتل الشرطيين في الحرم.

ويتفق الصحفي أيهم أبو غوش مع من سبقه، لافتًا إلى اليمين الإسرائيلي اعتقد في خضم الإنقسام، وفي ظل حالة التردي العربية والإسلامية اعتقد بأنَّ اللحظة قد حانت لبسط السيادة على الأقصى.

وأكَّد أبو غوش لـ"النجاح الإخباري": "الأقصى كان وما زال عنوانًا موحّدًا وجامعًا لكل التناقضات الفلسطينية، فجاءت الوقفة الشعبية على قدر المسؤولية والتحديات وظهر الفلسطينيون موحّدين في هذه الهبة".

الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبوعلان أكَّد أنَّ تراجع نتنياهو عن البوابات الإلكترونية والكاميرات على مداخل الأقصى ستتسبب له بخسارات سياسية في المجتمع الإسرائيلي بشكل عام، وداخل معسكر اليمين بشكل خاص.

وأضاف أبو علان في تعليق لـ"النجاح الإخباري: "حتى قبل إزالة الجسور المخصصة للكاميرات، ومع إزالة البوابات الإلكترونية كانت الخسارة السياسية لنتنياهو تطفو على السطح، وذلك في استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أجرته القناة الثانية الإسرائيلية تبيّن أنَّ (77%) من الإسرائيليين يعتقدون أنَّ إدارة نتنياهو للأزمة في المسجد الأقصى لم تكن جيدة."

موقع "واللا" الإخباري العبري، أيضًا، هاجم "نتنياهو" بعبارات حادّة جداً، مشيراً إلى أنَّ "النتيجة النهائية للأزمة تظهر أنَّ إسرائيل تراجعت وذيلها بين أرجلها.

يأتي ذلك في ظل "النفير" الذي دعت إليه فصائل العمل الوطني والإسلامي في الضفة المحتلة وقطاع غزة، غدًا الجمعة، في كل المناطق، نصرة للمسجد الأقصى والتوجه إلى نقاط التماس مع جيش الاحتلال، دعماً لصمود المقدسيين."

تزامن التطور على الأرض عقب اتصال هاتفي تلقاه الرئيس محمود عباس من الملك الأردني عبدالله الثاني بحسب ما أفادت به الوكالة الرسميّة "وفا".

وجرى خلال الاتصال، التشاور حول التطورات الجارية في مدينة القدس المحتلة، والمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص، حيث اتُّفق على توحيد الجهود والإبقاء على المشاورات.

ودعت المرجعيات الدينية في القدس المقدسيين إلى العودة للصلاة في المسجد الأقصى، بعد أن أزال الاحتلال كل الإجراءات الأمنية التي استحدثتها في الحرم القدسي، وتسببت بغضب فلسطيني وعربي وإسلامي واسع، والعودة إلى الأوضاع ما قبل يوم (14 يوليو/تموز الحالي).