نابلس - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يتوقع خبراء بالشأن الإسرائيلي تأجيل موعد خطة ضم أراضي الضفة الغربية وشمال البحر الميت والأغوار التي تنوي حكومة الاحتلال الإسرائيلي اتخاذها في تموز المقبل، في ظل التلويح عن عملية تأجيلها بالعديد من التقارير الإسرائيلية والدولية، سيما وأن الأسباب ودوافع التأجيل كثيرة في الوقت الحالي.

وبحسب الخبراء فإن هناك قناعة كبيرة لدى "الإسرائيليين" أنفسهم بأن خطة الضم ليست إلا مصلحة شخصية لرئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو وليس لإسرائيل، مشددين في ذات الوقت على أن نتنياهو هو من يحدد فعلياً البدء بعملية الضم أو تأجيلها.

حيث ألمح نتنياهو، يوم الاثنين الماضي، أنه قد يتم تأجيل تطبيق خطة الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها إلى ما بعد الموعد الذي حدده مسبقاً، مرجعاً ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية لم تمنح الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر من أجل البدء في هذه الخطوة.

وأشار نتنياهو إلى أن "هناك خلافات في الرأي مع الأمريكيين حول مساحة الأراضي التي سيتم ضمها وتحيط بالمستوطنات المعزولة، وإن المطلب الأمريكي الوحيد من "إسرائيل" بموجب خطة الرئيس دونالد ترامب، هو اتفاق مبدئي على خوض مفاوضات مع الفلسطينيين".

ووفق ما نقلت عنه قناة i24 news"" "الإسرائيلية" الناطقة بالعربية، "فإن الولايات المتحدة تسمي ما يراد التحاور عليه بالدولة الفلسطينية ونحن لا نسميها بهذه التسمية“، منوهاً إلى أن ”إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية وحرية التنقل كما هو الحال عليه الآن".

وكانت ما تسمى المحكمة العليا الإسرائيلية قررت الثلاثاء الماضي بعدم شرعية مستوطنات في الضفة الغربية، حيث ألغت قانونًا كان قد أضفى الشرعية بأثر رجعي على نحو 4 آلاف منزل بناها مستوطنون على أراض يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة، وهو مأ أغضب حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو.

مصلحة شخصية لنتنياهو

يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر إنه "من الواضح أن هناك حالة تخبط كبيرة في النخب السياسية الاسرائيلية حول خطة الضم وكل له اعتباراته وحساباته الخاصة به، فهناك قناعة في إسرائيل تقترب ان تكون قناعة عامة، في أن موضوع الضم بحد ذاته وفي هذا الوقت  مصلحة شخصية لنتنياهو وليس للإسرائيليين".

وأضاف أبو عامر في حديث لـ "النجاح الاخباري"، ان "التخوف الإسرائيلي في أن المصلحة الشخصية لنتنياهو قد تّدفع إسرائيل أثمان باهظة سياسية عسكرية أمنية اقتصادية.. فقط من أجل أن ينجو نتنياهو من المحاكمة المرتقبة له او أن يحقق لنفسه إرثا سياسياً في مسيرته السياسية"،  مشيراً إلى أن المستوى الأمني والعسكري في "إسرائيل" يبدي عدم رغبة لخطة الضم.

وعدم رغبة هذين المستويين للضم على اعتبار أن ليس هناك من داعي لها؛ لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الشاباك يسيطران على الضفة الغربية سيطرة محكمة ومطلقة دون الحاجة إلى الضم، وبالتالي ما الذي يدفعنا على خطة الضم ونحن لسنا بحاجة إليها.. نفتح على أنفسنا أبواب كثيرة ونجبر الفلسطينيين على وقف التنسيق الأمني وندفع حماس والفصائل الأخرى لتنفيذ عمليات عسكرية دون الحاجة لها"، كما قال المحلل أبو عامر.

وتابع: " لذلك تتوقع هذه المستويات في أن يكون للضم تأثيرا سلبياً في استراتيجيات إسرائيل"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن السبب الأهم لتأجيل نتنياهو عملية الضم هو أن  الراعي الأمريكي لصفقة القرن، وهو الرئيس دونالد ترامب بدأ حماسه يتراجع على موضوع الخطة.

وأردف قائلاً: " كان ترامب يتبنى كاملا هذه الخطة إلى حد ما ولكن في ظل موضوع الأحداث الامريكية الأخيرة والتظاهرات، فإنه يعتقد أن آخر ما يحتاج إليه الآن اثارة الأوضاع في الشرق الاوسط من خلال موضوع الضم".

وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية تصاعداً لوتيرة المظاهرات ما بين المواطنين والشرطة الامريكية،  احتجاجاً على مقتل  جورج فلويد من الاصول الافريقية، أثناء اعتقاله من قبل ضابط شرطة امريكي، بتهمة محاولة ترويج عملة مزورة بقيمة (20) دولاراً، وما زاد من سخط الشارع الامريكي مقطع الفيديو الذي يظهر فلويد وهو يناشد  الشرطي بإزاحة ركبته عن عنقه، قائلا: "لا أستطيع التنفس".

القرارات الفلسطينية

كل هذه الأسباب وفق الخبير بالشأن الإسرائيلي، قد تجعل الاحتلال الاسرائيلي يتراجع إلى حد ما في موضوع الضم على الأقل مرحلياً، فضلا عن الخشية الاسرائيلية من اندلاع انتفاضة فلسطينية كبرى في الضفة الغربية أو انهيار السلطة الفلسطينية أو عودة العمليات العسكرية في الضفة. لكنه أشار أيضاً إلى أن قرارات القيادة الفلسطينية المتعلقة بحل الاتفاقيات ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل الأخيرة، وقد تكون سبباً لتأجيل الخطة، وهي احتمال ضئيل.

وبيّن أبو عامر إلى أنه رغم اعلان السلطة الفلسطينية التحلل من الاتفاقيات إلا أن الاتصالات الاسرائيلية الفلسطينية مستمرة على قدم وساق في الضفة الغربية ولن تتراجع، وإن كانت اسرائيل ليست بحاجة إلى السلطة الفلسطينية في عملياتها الأمنية، فهي لديها بنك أهداف ومعلومات ومخبرين، لكنه استدرك بأن اسرائيل قد تنزعج من هذه القرارات.

هذا ما وافقه الرأي الخبير بالشأن الإسرائيلي، عليان الهندي وقال "انه بالرغم من عمليات التنسيق الامني بين الطرفين إلا أن إسرائيل لم تعتمد على السلطة الفلسطينية ولا غيرها في عملياتها الامنية"، مستدركاً "لكن اسرائيل تأخذ بالحسبان هذه القرارات، والأهم من ذلك تحلل السلطة الفلسطينية  نفسها".

وبحسب تحليلات الهندي لـ"النجاح الاخباري" فإن كثير من الإسرائيليين حذّروا من أن انهيار السلطة سيؤدي إلى عملية انهيار تدريجي، والانهيار التدريجي سيؤدي إلى تدخل تدريجي أيضا من قبل الحكومة والجيش الاسرائيلي"، موضحاً بأن انهيار السلطة سيؤدي إلى عملية بحث خيارات ذاتية أخرى من قبل الفلسطينيين، وهذا ما تخشاه إسرائيل.

وكانت قناة إسرائيلية كشفت عن تفاصيل لقاءات فلسطينية إسرائيلية تمت في الأيام القليلة الماضية، على الرغم من إعلان الرئيس محمود عباس الانسحاب من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني.

وذكر موقع "والا" العبري إنه على الرغم من تصريحات الرئيس الفلسطيني، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت عقد لقاءات ومناقشات بين كبار المسؤولين الفلسطينيين ومسؤولين "إسرائيليين"، مشيراً إلى أن هذه اللقاءات جاءت بطلب من الطرف الفلسطيني. وهو ما نفاه القيادي في حركة فتح، عبدالله عبدالله خلال حديث سابق لـ"النجاح الاخباري"، جملة وتفصيلاً، حيث أكد أن الرئيس عباس أعطى تعليماته بوقف التنسيق الأمني ضمن قراره الأخير.

وقال عبدالله إن "ما يتناقله الإعلام الإسرائيلي بشأن استمرار اللقاءات بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين غير صحيح وعار عن الصحة، لأن التنسيق الأمني بين الطرفين توقّف منذ إعلان الرئيس القرارات".

أمريكا القول الفصل

ومن مؤشرات تأجيل عملية الضم وفق الخبير الهندي، فإن المؤسسات "الإسرائيلية" لم تبحث خطة الضم وانعكاساتها، وماذا ستحقق من مكاسب أو قد تضر (..) حتى الأمريكان أنفسهم مشغولين بقضاياهم الداخلية والمظاهرات، وأبلغوا الإسرائيليين بتأجيل خطة الضم"، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دوراً بارزاً في هذه الخطة ولها القرار النهائي والقول الفصل بالبدء أو التأجيل، "وأنه إذا قالت لإسرائيل أن تضم فستضم، وإن قالت لا او طلبت التأجيل فذلك سيتم".

وتابع: " أمريكا من بدايتها أعلنت أن الضفة الغربية لها وضع قانوني غير ما يتحدث عنه القانون الدولي، وتحدثت أن أراضي الضفة مختلف عليها، وأنه بإمكان إسرائيل أن تضم أراضي كثيرة من الضفة، وستعترف بهذا التوجه".

وحول عملية البدء بالضم أو تأجيله، فيرى الخبير بالشأن الإسرائيلي أن نتنياهو سيحدد هذا الموقف وفقاً لحساباته الشخصية، " فإذا أدرك أن محاكمته ستنهي حياته السياسية سيذهب بالتأكيد إلى عملية ضم سريعة، لأنه معني بأن يكون جدول الأعمال الاسرائيلي ليس له علاقة في المحكمة، وان يكون له علاقة بقضايا أخرى غير المحكمة".

وأشار إلى أن الرأي العام الإسرائيلي غير مؤيد لعملية الضم الآن، " وخرج يوم الثلاثاء الماضي أحدث استطلاع جرى داخل اسرائيل، يتحدث عن أن 15 % من المجتمع الاسرائيلي يؤيد عملية الضم ونسبة كبيرة منه ترفض الخطة".

وكانت هيئة البث الإسرائيلية "قناة كان" العبرية كشفت في 3 يونيو الماضي عن مكالمة هاتفية تلقاها نتنياهو من مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير تتعلق بقضية "الضم"، مؤكدة أن المكالمة الهاتفية تعلقت بمسألة "ضم" أراض فلسطينية لدولة الاحتلال، حيث تزداد الضغوط على إسرائيل لتأجيل الضم أو رفضه تماما.

ونقلت القناة عن مصادر في البيت الابيض بشأن المكالمة بين كوشنر ونتنياهو، أنها كانت ودية ومثمرة، لكن الإدارة الأمريكية لا تنوي التطرق إلى قضايا دبلوماسية.

يذكر أن نتنياهو أعلن أن خطته لضم الضفة الغربية سيتم تطبيقها مطلع شهر تموز/يوليو المقبل، فيما تعارض قوى إسرائيلية تطبيق هذه الخطة لأسباب عدة، حيث ترى الأحزاب اليمينية أن هذه الخطوة تمنح الحق للفلسطينيين في إقامة دولة، فيما ترى الأحزاب اليسارية في الخطوة تدميرًا لعملية السلام.