عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - على مر حقب التاريخ اصطدمت البشرية بشخصيات حالفها الحظ في التربع على عرش هذا النظام، أو تلك الإمبراطورية دون أية مؤهلات سياسية، أو علمية، وتنقصها الحكمة والشجاعة، أو مصابة بداء كلب العظمة والنرجسية، ومسكونة بالأساطير، والاعتقاد، أنها "وكيلة" الله على الأرض، تنطق باسمه، وتستوحي سياساتها "منه" بإلهامها "الخاص". كما أصاب هذا المرض أحزابا وحركات وقوى.
ومن بين هذه النماذج، التي ابتليت بها البشرية عموما والولايات المتحدة خصوصا الرئيس دونالد ترامب، الذي ادعى يوم الأربعاء الماضي في مؤتمر صحفي عقده في حديقة البيت الأبيض، أن الله "اختاره" ليخوض حروب أميركا ضد أعدائها، خاصة الصين الشعبية. واستخدم مصطلحا توارتيا لإضفاء المكانة الدينية على مكانته الشخصية "المتميزة"، عندما أكد قائلا: "أنا هو "المختار" لخوض الحروب التجارية ضد الصين ودول العالم، وطبعا لاحقا العسكرية، مستحضرا مقولة الحركة الصهيونية لتسويق مشروعها الاستعماري على الأرض الفلسطينية العربية، التي تدعي أن "اليهود، هم، شعب الله المختار". الموعودون بالعودة لـ "أرض الميعاد"، أي لأرض فلسطين العربية. 
وكلاهما مصاب بمرض الإسقاط الرغبوي (الإرادوي) لنزعاته، وأهدافه على الواقع بعيدا عن مصلحة شعبه، أو ما يمثل من قوى ونزعات وشعوب العالم الأخرى. وإذا حاولنا أن نجول قليلا في هذه العجالة حول فرادة الإنسان أو الشعب، فهي مرهونة أولا بشروط بيولوجية واجتماعية محددة، وهي الحامل الأساس لتميز إنسان عن آخر. وثانيا الشروط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أي مستوى تطور قوى وعلاقات الإنتاج في مرحلة تاريخية، وهي التي تميز شعبا عن آخر.
نعرف جميعا أن وحي السماء انقطع منذ 1400 عام خلت، وفي القرآن الكريم، فإن محمداً عليه الصلاة والسلام. هو آخر الأنبياء. كما أنه لم يعد ممكنا نزول "كليم الله جديد"، لأن كليم الله الوحيد، هو النبي موسى عليه السلام، الذي رحل منذ الآف السنين. وبالتالي لا يوجد إنسان "مختار" وآخر غير مختار، فالإنسان نتاج واقعه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديني، قد يكون إنسانا خيرا وإيجابيا، وقد يكون العكس تماما. والشيء بالشيء يذكر، فإن الله سبحانه وتعالى لم يميز شعبا على شعب آخر، فلا يوجد شعب مختار، وآخر غير مختار، فالشعوب وأتباع الديانات والمعتقدات، جميعهم شعوب خيرة، وتحمل في ثناياها الخير والشر، الغث والسمين، الإيجابي والسلبي، وكل من يدعي غير ذلك، يكون نرجسيا ومعقدا وعنصريا، أو مجنونا طبيعيا. 
وبالعودة للرئيس الأميركي فإن خيارات المصالح الاستعمارية هي التي جاءت به إلى البيت الأبيض، ولخدمة هذه المصالح فإن الرئيس الأميركي مصمم هو ومن لف لفه من الأفنجليكانيين المتصهينين، والمتعصبين والمتزمتين، المسكونين بعقد النقص، والعنصرية والأساطير الخرافية إلى جر البشرية جمعاء إلى حافة الهاوية، ودفع الأمور دفعا نحو دوامة حرب عالمية، قد لا تبقي ولا تذر. لا سيما وأن ما تختزنه بعض الدول والأقطاب (الـ14) من الأسلحة النووية والكيمياوية والهيدروجينية يكفي لتدمير كوكب الأرض مئات المرات. الأمر الذي يحتم على عقلاء أميركا ونخبها السياسية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والمؤثرين في صناعة القرار السياسي وقف اللوثة الترامبية، وإنقاظ أميركا وشعبها من جنون رجل مغامر، لا يملك حدا أدنى من كفاءة الحكم، ومعالجة كل قضايا الخلاف مع الأقطاب والدول على طاولة المفاوضات، لا بالعصا الغليظة. 
[email protected]