أنس أبوسعدة - النجاح الإخباري - لكل بلد في العالم منتج أو منتجات وطنية ومحلية تَفخر بها وتعتز بأنها تمتلكها، سواء كانت قد ورثتها جيلا بعد جيل أو كان وجودها ثمرة لعبقرية وإبداع أجيالها المتلاحقة. فكانت على سبيل المثال لا الحصر فإن زهرة "التوليب" بألوانها المتعددة زهرة مملكة هولندا الأولى وأغلى ورودها، كما هو الحال مع منتجها من الغاز ومينائها البحري وغيرها من المنتجات الوطنية الأخرى. وتفاخرت جمهورية المانيا الإتحادية وما تزال بعلو كعبها في عالم صناعة السيارات، حتى أصبح ذكر السيارة يحول الأنظار والتفكير لسيارة المرسيدس و"البي أم" وغيرهما من السيارات وأنواعها الفاخرة التي عليها العلامة التجارية التي تميزها عن السيارات التي تُصنع في اليابان أو في فرنسا أو في كوريا رغم اعتزاز هذه الدول سالفة الذكر بصناعتها للسيارات أيضاً، لكن ليس كما هو الحال في المانيا. هناك أمثلة كثيرة أخرى على المنتجات المختلفة والتي يَفتخر صانعوها فيها ويعتبرونها فخر ما تنتجه تلك البلد كالشاي السيلاني الذي تفتخر دولة سيرلانكا بزراعته وصنعه. كذلك تَفتخر البرازيل بزراعة وتصنيع البن والقهوة وكذلك صناعة الكاكاو مع غيرها من دول أمريكا اللاتينية.

كلما زادت هذه المنتجات وزاد ثمنها كلما زاد الدخل القومي لأي بلد تملك هذه المنتجات بشرط وجود القدرة الكافية لتسويق هذه المنتجات في الأسواق المحلية أو العالمية على السواء. ولكي يتم تسويق هذه المنتجات بشكل كبير وتجاري ولكي تستطيع أن تقدم دخلاً مادياً وفرصاً جديدة للعمل للشباب والشابات وللكثير من العاطلين عن العمل يجب أن تتوفر بعض الشروط والظروف الموضوعية التي يمكن تلخيصها حسب أهميتها بالآتي: الجودة العالية، الأيدي العاملة المحترفة، التسويق والترويج الجيدين، ومعهما تقديم أي منتج للسوق بطرق فريدة، حرية الحركة مع المواصلات المتوفرة والمفتوحة والمتصلة بالأسواق سواء المحلية أو العالمية (شبكة مواصلات مع موانئ ومطارات تجارية)، خلق منصات في التجمعات الكبيرة سواء محلياً أو عالمياً للتواصل مع السوق أو الأسواق الموجودة في هذه التجمعات (أولاً لمعرفة كل جديد مشابه لمنتج البلد وكذلك لعمل دراسات بحثية وعلمية للسوق وإحتياجاته وقبوله من عدمه للمنتج المنوي طرحه فيه، أو لتقديم تقرير مفصل عن أي منتج منافس مطروح في السوق أو مرحلة التحضير لطرحه)، وأخيراً وليس آخراً البحث الدائم عن وسائل جديدة تساهم في زيادة الجودة للمنتج أو تحسين وزيادة إنتاجه خاصة في حال المنتجات الزراعية أو الصناعية التي تحتاج إلى أبحاث مستمرة من خلال مراكز أبحاث متخصصة لزيادة الجودة والإنتاج وتخفيف الأعباء المالية والإقتصادية على المزارع أو المصّنع.

في فلسطين المحتلة، هناك الكثير والكثير من هذه المنتجات التي تتميز في معظمها في ندرتها أو عدم وجودها في دول العالم للموقع المميز لفلسطين على الخارطة العالمية وكذلك لطبيعة مناخها المعتدل صيفاً وشتاءً على حد سواء. لا نستطيع عد هذه المنتجات لكثرتها سواء الزراعية ومنها البرتقال، الزيتون، اللوزيات، الورود، الأعشاب الطازجة، البقوليات، وغيرها، أو من الصناعات الغذائية والصناعات النسيجية والأحذية والجلود وكذلك الملابس والأثاث المنزلي وتكنولوجيا المعلومات وغيرها. هذه المنتجات الكثيرة والمتنوعة شجعت الكثير من رجال الأعمال الفلسطينيين على المجازفة بفتح شركات تجارية متخصصة رغم عدم وجود أدنى مقومات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة بل عدم وجود أي من المتطلبات الموضوعية التي ذُكرت سابقاً لعملية إنجاح تسويق وترويج أي منتج بالشكل الصحيح وليكون مصدراً ذا جدوى للدخل القومي لفلسطين.

أذكر هنا مع الاحترام الكبير لكل من يحاول مساعدة المنتج الفلسطيني، والذي أعتبره فدائياً من نوع آخر ولكل جهد يُبذل أو سوف يُبذل لدعم المنتج الفلسطيني أياً كان نوعه أو قيمته التجارية أو المادية وأخص بالذكر الشركات المحلية الفلسطينية ومعها شكر وتحية كل فلسطيني لهذه الشركات على إيصالها زيت زيتوننا التي لا هي شرقية ولا غربية، والتي يكاد زيتها يضيْ ولو لم يمسسه نار إلى أوروبا وباقي العالم. شكراً لها لأنها تحاول وبرغم كل العقبات التي يضعها الاحتلال لكي لا تصل أو تصل بعدما تفقد جودتها إلى أسواق العالم. شكراً لكل من يحاول أن يجد منصات وحاضنات للمنتجات الفلسطينية في أرجاء العالم، وهنا أخص بالشكر المؤسسة العتيدة التي لم تُحبط برغم كل الحواجز والعقبات في إيصال المنتج الفلسطيني إلى رفوف المحلات والمتاجر وإلى كل بيت في أنحاء العالم.

أعني وبكل فخر بالشكر هذا "مركز التجارة الفلسطيني" مع كل القائمين عليه، والشركات التي تعمل تحت مظلته. شكراً جزيلاً لأنك وضعت رمزاً للسيادة "صنع في فلسطين" مع عصفور الشمس على خارطة التجارة العالمية وعلى سلم البداية، ويبقى من يدق الجرس ويكمل هذا العمل الرائد. شكراً للدول التي تساعد المنتج الفلسطيني للوصول إلى المستهلك من خلال أسواقها أو معارضها التي تفتحها للمنتج الفلسطيني.

يبقى ملاحظة هامة وهي رجاء شخصي وهو أن يضاف للإشارة إلى البلد المنتج كلمة "المحتلة" لتصبح الجملة على أي منتج فلسطيني: "صنع في فلسطين المحتلة"، ليعرف العالم ولمن لا يعرف هذا المنتج أنه يُصنع على أرض محتلة ويواجه الاحتلال وعقباته ليصل هذا المنتج إليهم وليس كما يروج البعض بأن الفلسطينيين أخذوا حقهم في فلسطين وما عاد لهم من حق يطالبون به.!

عن القدس الفلسطينية