طلال عوكل - النجاح الإخباري - التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الأمريكي، الذي ينطوي على إدانة حركة حماس وشكل الكفاح الوطني الذي تعتمده المقاومة، يطرح العديد من الأسئلة الجوهرية التي تستدعي وقفة تقييم وحوار تذهب إلى الأعماق. فشلت الولايات المتحدة في أن تحصل من الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار كان في حال نجاحه سيشكل مرجعية قانونية تعطي إسرائيل الضوء الأخضر لارتكاب أفظع الجرائم بحق المقاومة والشعب الفلسطيني بدعوى مكافحة الإرهاب. نجحت الدبلوماسية الفلسطينية في إفشال القرار لكن حصوله على سبعة وثمانين صوتا، يشعل كل الأضواء الحمراء.

عدد الأصوات التي حصل عليها مشروع القرار الأمريكي مقابل الأصوات المعترضة وهي سبعة وخمسون صوتا، يعني أن غالبية الرأس العام الدولي في أحسن الأحوال يخلط بين المقاومة والإرهاب، ولا يؤيد على الأقل في هذه المرحلة اعتماد المقاومة المسلحة من قبل الفلسطينيين. هذا الرأي العام هو الذي صوت في اليوم ذاته على قرار حق الفلسطينيين في دولة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967، وبمئة وسته وخمسين صوتا. ليس ثمة أي تناقض في هذا التصويت فالرأي العام الدولي يؤيد الحق الفلسطيني ويعترض على شكل معين من أشكال النضال وهو المقاومة المسلحة. لا أرغب في فحص واستعراض كل تداعيات التصويت وأبعاد ذلك، ولكن من أهم الدروس وعلى رأسها، مدى أهمية الوحدة الوطنية، والانخراط في الأطر الشرعية الفلسطينية. لا ينبغي أن تظل مسألة الغزل بأهمية الوحدة الوطنية، في إطار عاطفي وأخلاقي بعيدا عن الممارسة العملية، والحقيقة أن فعالية الدبلوماسية الفلسطينية في مواجهة القرار الأمريكي لم تكن ولا ينبغي أن تكون محل اختبار. الآن الآن وليس غدا مطلوب إعادة فتح الحوار الوطني الفلسطيني بدوافع فلسطينية قبل أن تكون بمبادرة مصرية جديدة، من أجل إنهاء ملف الانقسام الذي يغري التحالف الأمريكي الإسرائيلي بالتغول في نهش الحقوق الفلسطينية والدم والأرض الفلسطينية.

أقول ذلك وعلى الكل أن يعلم بأن العام القادم هو على الأغلب عام الحسم بالنسبة لفرض صفقة القرن، ذلك أن العام الذي يليه 2020 سيكون عام الانتخابات الأمريكية وإسرائيل لا تريد أن تفقد فرصة وجود رئيس كالذي يقف على رأس الإدارة اليوم. هذا يعني أن على الأطراف أن تتجاوز اعتراضها وشروطها على مسألة تمكين الحكومة باعتبارها الخطوة الأولى على طريق تنفيذ الخطوات الأخرى من اتفاق 2011. تمكين الحكومة لا يعني أن ينتقل الوزراء وبعض المواطنين إلى غزة، وتخصيص الأموال للنهوض بالبنية التحتية المهمشة فقط. تمكين الحكومة يعني السيطرة الكاملة على كل ملفات العمل، من المعابر، إلى الجباية الداخلية، والأمن والأراضي والقضاء بدون أية عوائق. تمكين الحكومة يعني تطبيق القانون على الكل بدون اعتراضات، والعمل بما تم الاتفاق عليه من الموظفين إلى حين استكمال اللجنة الإدارية الفنية لعملها.

وتمكين الحكومة يعني تحييد السلاح وفصائل المقاومة، إلى ان يتم الاتفاق على كيفية معالجة هذا الملف بدون التفريط لا بالموظفين، ولا بمقدرات المقاومة التي سنحتاجها ولكن بأفق وطني. واستنادا إلى صيغة قرار وطني. حين تتوفر أجواء ثقة سيكون بالإمكان التوافق عبر الحوار على كل الملفات والعقبات بما في ذلك، استمرار حكومة الوفاق او تشكيل حكومة وحدة وطنية فصائلية. لا يمكن الاستمرار بالتمسك بحسابات المحاصصة والمكاسب الفئوية لان هذه الاخرى مهددة بالخطر، كما القضية الفلسطينية والحقوق مهددة من قبل التحالف الامريكي الاسرائيلي. وفق رؤية التحالف الامريكي الاسرائيلي لا احد يملك الحصانة، وقد يكون من بين دروس التصويت في الجمعية العامة. رسالة تقول بأن القاومة مستهدفة بالتصفية، كواحد من استحقاقات صفقة القرن.