غازي مرتجى - النجاح الإخباري -
(1)
قرار إعادة جبريل رجوب أمين سر مركزية فتح من مطار القاهرة وإن صح التعبير "طرده" دبلوماسيًا يجب أن يُقابل بتحرك فلسطيني على مستوى اقليمي لوقف التدخل "الواضح" بالشأن الفلسطيني الداخلي، لم نكُن نتوقع أن تستخدم القاهرة ذات الأسلوب المُستخدم سُوريًا وقذافيًا في الماضي غير القريب، بعيدًا عن "الرجوب" فهو يُمثل موقعًا رسميًا فلسطينيًا فإضافة إلى كونه رئيسًا لإتحاد كرة القدم فهو أمين سرّ اللّجنة المركزية لحركة فتح . 
من المُتعارف عليه أن يستدعي رئيس الدولة سفيره في البلد التي أقدمت على الطرد وكذا استدعاء سفير البلد الطارد لديه للإستفسار، وإن لم يحدث هذا فستتكرر حالات الطرد للمسؤولين الفلسطينيين، الإعلام المصري الذي يُعبر بغالبيته العظمى عن الرأي الرسمي المصري شنّ هجومًا على السلطة الفلسطينية، تامر أمين قال في برنامجه :" الرجوب شخصية غير مرحب فيها بمصر وعلى هذا الأساس تم منعه من دخول الأراضي المصرية وترحيله إلى عمان، ومن يتعامل على أن له دولة عظمى وهو قائدها عليه أن يعلم بأن شرعيته منتهية وبأنه غير قادر على حماية نفسه أو جلب الأمان لشعبه، وبالتالي عليه أن يتحمل نتائج وتبعات قراراته الهوجاء التي يتخذها سواء بفعل عامل السن أو الإصابة بالعمى، فمصر كانت ولا زالت وستبقي هي التي تقرر وتفعل وستفعل .
هذا الموقف الإعلامي المصري يتطلّب كذلك موقفًا فلسطينيًا مماثلاً، فلم تنته شرعية القضية الفلسطينية بل هي ذاتها التي تٌعطي الشرعية للأنظمة العربية ولقادة العرب، فلسطين لم تكن يومًا حملًا زائدًا على أحد بل كان الجميع أحمالًا ثقيلة عليها وعلى مواقفها وقضيتها .
هنا لا بُد من توجيه التحية للحكومة الفلسطينية التي أوعزت بانسحاب ممثليها من المؤتمر الذي كان سيحضره الرجوب احتجاجًا على "طرد" الأخير .
(2)
تحركت جحافل الصفحات الزرقاء نحو الإنتقام من أي إنجاز وطني و"تسخيف" أي تحرك حقيقي لصالح المواطن في المقام الأول والوطن بالتأكيد – فهذه أجندة السياسات الوطنية التي تحتوي على خارطة طريق حقيقية نُسيت أو خُطط لها أن تُنسى رغم أنها تهم المواطن أولاً  وهو شعارها "المواطن اولاً". 
إنّ الإستمرار بحالة "الجر" المُتعمد لقضايا الرأي العام التي تهم المواطن باتجاه الأسلوب السلبي الاستهزائي لن يؤدي إلا إلى المزيد من التراجع واستخدام الأساليب الضاغطة بالشكل السلبي و لن يُفضي إلى أي نتيجة .

(3)
 صفحات الفيسبوك هذه لم تنتبه لجدليتي "الدولة الواحدة والقوات الدولية" التي أطلقتها الولايات المتحدة وإسرائيل على التوالي . فترامب صاحب المزاج المُتغير رمى الكرة بملعب الفلسطينيين والإسرائيليين وانه سيقبل ما يقبله الطرفان أما الطرف الإسرائيلي فتقدّم خطوة للأمام نحو تجسيد فصل الوطن واقعًا فطلب نشر قوات دولية في غزة واعترف باحتلال قواته للضفة معتبرًا اياها "كافية" !
جدلية حل الدولتين أو الواحدة و"جزرة" القوات الدولية كان يجب أن تأخذ حيزًا أوسع من النقاش السياسي الداخلي وأن لا تمر مرور الخبر المحلي، فنتنياهو الذي يعيش لحظاته الأسعد يرمي دوريًا أفكار غير منطقية لحل "أزمة القطاع" وكلا طرفي الانقسام ما زالا يتلقيان أفكار نتنياهو فيصمت أحدهما ويرد الآخر أو يرد كلاهما والوضع على الأرض على ما هو عليه . غزة مفصولة عن الضفة بحسابات الجغرافيا والثقافة أيضًا .
القوات الدولية عرض مقبول إن كانت الضفة وغزة وحدة واحدة مع انسحاب اسرائيلي كامل على حدود 67 وهذا الخيار الذي يطرحه نتنياهو "مُقسماً" تعرضه القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية وتُطالب به . أما ترهات ترامب "الجوزائية" فهي لا تُلبي الحد الأدنى من الذكاء السياسي وعلى المستويات السياسية الفلسطينية بمساعدة صالونات العصف الفكري أن تتحضّر لترهات "ترامبية" مختلفة في كل وقت فـ"البزنس مان" لا يمكن أن يقتنع باستمرار حالة "الإستاتيكو" الحالية وسيعمل على تحريك المياه دومًا والكفّة ترجح لصالح اسرائيل طالما لم تضع الديبلوماسية الفلسطينية مخططها الكامل لكيفية التعاطي مع أطروحات ترامب الدولية.