عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - تشير التقارير والأحاديث الإعلامية عن قرب الإعلان عن هدنة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة وعلى وجه الخصوص حركة حماس مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تقوم بجهودها مصر مع المبعوث الأممي للشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، من أجل تحسين الأوضاع في غزة وإنهاء الحصار الإسرائيلي المطبق منذ عام 2006.

وبالرغم من الجهود المصرية بشأن التهدئة، إلا أنها تقوم بالوقت ذاته بجهود لإنهاء الانقسام الحاصل وإتمام المصالحة الفلسطينية، الأمر الذي جعل القيادة الفلسطينية في رام الله أن تصر على التوصل لاتفاق مصالحة أولاً قبل التوصل لهدنة بشأن غزة، ورفضها تغريد حماس خارج السرب بعيداً عن منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

مسؤولون سياسيون ومتابعون في الشأن الفلسطيني يرواً في أحاديثهم لموقع "النجاح الإخباري" أن عقد اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي بشأن قطاع غزة بعيداً عن منظمة التحرير، له انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية، أولها تمرير صفقة القرن من بوابة غزة الإنسانية.

وبحسب هؤلاء الساسة فإن المصالحة لا بد أن تسير أولاً قبل اتمام هدنة، وذلك من أجل أن يشارك الكل الفلسطيني في اتفاق التهدئة ليكون ضمن الكل الفلسطيني، ويكون اتفاق ترعاه منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمسؤول عن المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وترعى العاصمة المصرية "القاهرة" الفترة الحالية مفاوضات غير مباشرة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي لتوقيع اتفاق تهدئة بشأن قطاع غزة، خصوصاً وأنها قامت بجهود كبيرة خلال الأسبوع الماضي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة التي تكلله قصف العديد المواقع التابعة للمقاومة في غزة ومركز ثقافي.

وكانت كتائب شهداء الأقصى فلسطين، الذراع العسكري لحركة فتح أكدت على أن شروطها هو الهدوء الشامل والمتبادل، والمتزامن، بما يضمن رفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة، وإعادة بناء المطار والميناء التجاري .

وشددت كتائب الأقصى في بيان لها، على أنها لن تلتزم بأي اتفاق غير مباشر مع الاحتلال حول هدنة أو تهدئة أو هدوء ما لم تكن شاملة قطاع غزة والضفة الغربية ومتبادلة ومتزامنة بالتوقيت والمدة مع الاحتلال الاسرائيلي بضمانات دولية وأممية، لرفع الحصار بالكامل مع إعادة بناء مطار غزة الدولي وتأهيل ميناء تجاري علي سواحل غزة .

وأشارت إلى أن الاحتلال لم يلتزم بأي اتفاق سابق ولا يفهم إلا لغة القوة .

عمل وطني

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عزام الأحمد، اعتبر التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي عملا وطنيا وليس فصائليا، مبينا أن جميع فصائل منظمة التحرير أكدت أن أية مفاوضات حول التهدئة يجب أن تتم باسم منظمة التحرير .

وأوضح الأحمد، أن ما يجري الآن _بين حماس وإسرائيل_ ليس مفاوضات وإنما مهرجان للإعلان عن الاتفاق، مبينا أنه أبلغ الجانب المصري بتجنب موعد المجلس المركزي للإعلان عن التهدئة التي بدأ الجانب الإسرائيلي إجراءاته بتطبيقها.

وأضاف، ليس لدى القيادة الوقت لمثل هذه المهرجانات التي لا فائدة منها، مشيرا إلى أن ليست كل الفصائل مشاركة في هذا الاتفاق، ومبينا أن هناك أسماء لقوى لم نسمع بها من قبل .

ويزعم الاحتلال الإسرائيلي أن مصر والأمم المتحدة اتفقتا مع "إسرائيل" وحماس على العودة إلى تفاهمات وقف حرب عام 2014.

ونقلت القناة 14 العبرية عن المسؤول، أقوال مسؤول إسرائيلي وصفته بالكبير: "إن الاتفاق يتضمن أن توقف حماس الهجمات على "إسرائيل" وفي المقابل ستفتح الأخيرة المعابر الحدودية لغزة، وتزيد من مساحة الصيد في غزة إلى 9 أميال، وأضاف أن "هذه التفاهمات دخلت حيز التنفيذ اليوم عندما فتحت "إسرائيل" معبر كرم أبو سالم التجاري مع قطاع غزة بالكامل".

وذكر، أنه تم إطلاع وزراء الكابينت اليوم على دخول التفاهمات حيز التنفيذ، مشيراً إلى أن "إسرائيل" ستدرس في الأسابيع المقبلة ما إذا كان الهدوء في قطاع غزة سيستمر، وبالتالي ستتخذ خطوات إضافية لتحسين الوضع الإنساني وإعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والكهرباء في قطاع غزة.

المصالحة أولاً

من جهته، أكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح، عبد الله عبد الله أن حركته مصُرّة على توقيع اتفاق مصالحة مع حركة حماس، قبل توقيع الأخيرة اتفاق هدنة مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى يكون لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بصمة في التهدئة بشأن قطاع غزة.

وقال عبد الله لـ"النجاح"، إن حركته غير متواجدة في مفاوضات التهدئة التي تسير بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية، لافتاً إلى أن "حماس تقول أنها ضد المفاوضات مع الاحتلال، وتتفاوض في خط موازٍ للقيادة الشرعية الممثل القانوني للشعب الفلسطيني"، مشدداً على أن ما تقوم به حماس خطأ كبير.

وأضاف "نحن نصر على إنجاز المصالحة أولاً وبعد ذلك نتفق على تهدئة، كي لا يمس حقوق شعبنا ويبقى يحفظ التمتين القانوني لشعبنا الفلسطيني"، لافتاً إلى ضرورة أن يسبق توقيع المصالحة التهدئة كي يشارك الكل الفلسطيني.

وأوضح عبد الله أن مفهوم الشراكة ليست توزيع مناصب فقط، مبيّنا أن الشراكة يعني تحمُّل العبء الوطني وتحمُّل كل ما يترتب عليه من مسؤوليات.

وتابع عضو المجلس الثوري لفتح، تجربة حماس في خوض مفاوضات لوقف عدوان صيف 2014، قائلاً " خلال العدوان الأخير على غزة حاولت حماس أن تعمل جهود لوحدها، مرة عن طريق تركيا ومرة عن طريق قطر وذهبت إلى باريس، وبالآخر لم تتمكن من ذلك".

وأردف " ثم عادت إلى المنظمة وللرئيس محمود عباس باعتباره رئيسا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني قانوناً، وهي صاحبة البداية في التفاوض بما يضمن الحقوق الوطنية الفلسطينية التي يجمع عليها الجميع".

ولفت عبد الله إلى أن الرئيس أبو مازن شكّل وفداً في حينه من منظمة التحرير يتكون من عدة أشخاص يمثلون العديد من الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح وحماس، وذهبوا للقاهرة ووقعوا اتفاق التهدئة، مشدداً على أنه في حال تم تغيير هذا النمط فسيكون هناك خطأ كبير "من الناس الذين يصرون إلى ابقاء الانقسام قائماً"، على حد تعبيره.

ويجري وفد من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، لسلة لقاءات مع قادة القوى والفصائل الفلسطينية التي تصل تباعا للعاصمة المصرية القاهرة.

والتقى وفد الحركة الذي ضم أعضاء من المكتب السياسي في الداخل والخارج، بوفود حركة الجهاد الإسلامي، وحركة الأحرار، ولجان المقاومة الشعبية، وحركة المجاهدين، وحركة المقاومة الشعبية.

وتناولت اللقاءات ثلاث قضايا، هي: الأوضاع الحياتية في قطاع غزة، وملف التهدئة، والمصالحة الفلسطينية.

أبعاد خطيرة

في السياق، يرى المحلل السياسي، عبد المجيد سويلم أنه في حال سبقت التهدئة المصالحة الفلسطينية، فإن هذا يعني بأن حركة حماس ستتمكن من استخدام هذه الورقة في ابتزاز القيادة الفلسطينية، لافتاً إلى أنه لا أحد ضد التهدئة من حيث المبدأ.

وقال سويلم لـ"النجاح" "حماس تنتظر للمصالحة مع الأسف الشديد من زاوية مصالح فئوية وخاصة، وهذا لا يشكل حافزاً لحركة حماس للوصول لمصالحة".

وأضاف "المسألة لها علاقة بالقيادة الفلسطينية للضروريات والاولويات والفرق الشاسع بان يكون هناك هدنة يعقده فصيل لأهدافه الخاصة ووفقاً لمنظوره الخاص، وبين هدنة تتم من منظمة التحرير وحالة فلسطينية موحدة لمجابهة الأخطار ولضمان عدم انزلاق القطاع لما يخطط له عبر البوابة الإنسانية"، مشدداً على أن هذا الأمر له أبعاد خطيرة جداً.

وبحسب تحليل سويلم فإن القيادة الفلسطينية لن تمرر هذه الصفقة ولن يكون موقفها الصمت أو السكوت أو النأي بالنفس، لافتاً إلى أن القيادة الفلسطينية منتظرة ولديها من الوسائل ما يكفي للتصدي لهذه الخطوة إذا ما سبقت المصالحة وفيما إذا ما ذهبت الأمور نحو تهدئة في قطاع غزة. على حد اعتباره.

الجدير بالذكر، أن العاصمة المصرية ترعى حوارات المصالحة منذ عام 2007، وتم التوصل للعديد من الاتفاقيات، لكن حركة حماس هي من تعرقل هذه الاتفاقات، لعدم تمكينها لحكومة الوفاق الوطني في قطاع غزة، والتي كان آخرها اتفاق عام 2017.

وفي الوقت ذاته رعت مصر العديد من اتفاقيات التهدئة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً اتفاق التهدئة الذي أُبرم بعد عدوان غزة 2014، والذي أنهى العدوان الإسرائيلي على غزة لمدة 51 يوماً، في حين أوقفت الجهود المصرية العدوان الإسرائيلي على غزة الأسبوع الماضي، الذي قصف العديد من المواقع التابعة للمقاومة والمنازل والتي كان آخرها مرك المسحال الثقافي.