النجاح الإخباري - حوّلت ستة أشهر من القصف الإسرائيلي جوا وبرا وبحرا والحصار المطبق على قطاع غزة أمنيات سكانه لعيد الفطر السعيد من الحصول على ملابس جديدة والبحث عن مكان جيد للتنزه إلى مجرد البقاء على قيد الحياة.

فغزة المنهك أهلها بعد 6 أشهر من الحرب التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي تخلو اليوم من أي مظاهر للاحتفال أو ربما السعادة، بعد أن أستشهد أكثر من 33 ألفا من أبنائها وأصيب ما يزيد على 75 ألفا في 182 يوما من القتال لم يتخللها إلى 7 التزم فيها طرفا القتال - إسرائيل وحركة حماس - بهدنة إنسانية.

اليوم وقبل أيام من حلول عيد الفطر، يصف خالد محمد وهو نازح استقر به المقام في رفح أقصى جنوب القطاع الأيام المتبقية قبيل قدوم العيد بالصعبة، ويقول إنه لم يكن يتخيل أن يأتي العيد في مثل هذه الظروف.

وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "أول عيد يمر بهذه الظروف والأجواء من الدمار والموت والدم والشهداء، لا نريد لهذا العيد أن يأتي".

يصف خالد كيف كانت غزة تستيقظ بالتهليل والتكبيرات كغيرها من البلاد التي يحتفل أهلها بصوم شهر رمضان ثم يستقبلون عيد الفطر.

وقال "كنا نرى الفرحة على وجوه الجميع.. الآن نستيقظ على أصوات القصف والصراخ والفقد والدمار".

سيكون عيدا ملؤه الحزن والإحباط لمئات الآلاف في القطاع ممن فقدوا الكثير من الأحبة، حتى أن خالد يستبعد أن يبادر للتهنئة بحلول العيد.

وأضاف "لقد انتهينا فكريا وعاطفيا، الحرب دمرتنا".

* آمال الهدنة

فشل الوسطاء المصريون والقطريون في إعادة القطاع إلى هدنة كتلك التي عرفها في نهاية نوفمبر تشرين الثاني الماضي، حين توقفت أزيز الطائرات الإسرائيلية وصوت القصف المتبادل لسبعة أيام كاملة.

لكن مرات الفشل في اجتماعات عرفتها القاهرة والدوحة وباريس لم تبدد آمال كثيرين في غزة في أن يأتي عيد الفطر ومعه وقف جديد لإطلاق النار.

تلحظ هذا واضحا في أعين الغزيين الذين قتلت الحرب وأصابت قرابة 110 آلاف من أبنائهم منذ شنت حماس هجوما مباغتا على مستوطنات ومعسكرات وبلدات إسرائيلية قريبة من غزة قبل 182 يوما.

تكشف جولة لوكالة أنباء العالم العربي على خيام النازحين في رفح اختلاط الذعر من المجهول المنتظر بالأمل في تهدئة تتيح للناس البحث عن جثث لم تدفن أو العودة لتفقد منزل أحاله القصف إلى أطلال.

تقول إيمان سلامة، وهو واحدة من مئات الآلاف نزحوا عن شمال القطاع ووسطه إلى رفح التي يتوعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم بالغزو البري إن الهدنة فقط من شأنها أن تمنح الناس بصيص أمل.

تتحدث إيمان وقد بدت على وجهها علامات التعب والحسرة لتصف كيف كانت تستقبل العيد بتحضير الكعك والمعمول وشراء الملابس لأطفالها.

وتضيف "حاليا حرمنا من معنى الحياة.. وحرمنا من الشعور بالأمان لا نعلم إن كان سيأتي العيد ونحن على قيد الحياة، لقد حرمنا من أن نكون بخير الحرب أتعبتنا لدرجة أننا نسينا معنى أن نكون بخير".

وتتابع "غزة دمرت وبيوتنا دمرت وعائلاتنا تشتت وفقدنا الكثير من الأحبة، لا أحد في غزة بخير ولا مكان لجملة كل عام وأنت بخير، فنحن لسنا بخير".

* "لسنا بخير"

تعيش نازحة أخرى عرفت نفسها باسم أسماء حجازي ظروفا مماثلة في خيمة مماثلة.

تقول "في السنوات السابقة كنا ننتظر قدوم العيد ونتجهز له كانت الأجواء مميزة.. كنا نتوجه للسوق ونشتري ملابس العيد. اليوم نعيش أجواء مأساوية.. لسنا قادرين على استقبال العيد، ولا قدرة لنا على أن نكون بخير".

لن يكون هذا العيد الأول الذي يستقبله قطاع غزة في ظل حرب. فقبل ثلاث سنوات، حل عيد الفطر في قطاع غزة على وقع انفجارات وقصف.

لكن أحد لا يذكر أياما كتلك التي يعيشها القطاع الآن من دمار وخراب في كل شبر منه.

يلخصها محمد إسماعيل بعبارات يائسة من فم أب راحت منه أسرته في شهور الحرب.

يقول "أسبوع ونستقبل العيد ووضعنا مأساوي ومصيرنا مجهول لا نعلم ما القادم، ولا ندري ما الذي ينتظرنا".

ويضيف "كل عام وأنت بخير كذب.. لا أحد في قطاع غزة بخير.. فنحن ننتظر مصيرنا المجهول. فقدنا أحبتنا وبيوتنا، سنفتقد أجواء العيد وصلاة العيد، حتى إننا لن نتمكن من أن نصل الرحم لقد فرقتنا الحرب، أصبحنا موزعين في الشمال والجنوب، سأفتقد عيدية الأطفال وأصواتهم وفرحتهم بالعيد، وشراء الملابس وكعك العيد".