النجاح الإخباري - لا يزال التوقيت الفلسطيني يتأخر بساعة كاملة عن توقيت إسرائيل التي أعلنت في نهاية مارس آذار الماضي الانتقال للتوقيت الصيفي. فعندما تشير الساعة إلى العاشرة لدى سكان قطاع غزة المنكوب بالحرب، فإنها تشير للحادية عشرة في أيدي الجنود الإسرائيليين الذين يقصفون القطاع جوا وبرا وبحرا منذ ستة أشهر.

ستة أشهر جعلت من الزمن عاملا مقتصرا على إحصاء القتلى وانتظار مساعدات غذائية لا يُعرف إن كانت ستعبر إلى القطاع بهذا التوقيت أو ذاك.

أما في الضفة الغربية، فالالتباس أكبر على ما يبدو، إذ قد يعبر فلسطيني حاجزا عسكريا من مدينة إلى أخرى تفصل بينهما 60 دقيقة، فلا يتغير التوقيت بين يديه.

يحدث هذا بعد أيام قليلة من إعلان إسرائيل في 29 مارس آذار الانتقال للتوقيت الصيفي، وقرار الجانب الفلسطيني مواصلة العمل بالتوقيت الشتوي لما بعد شهر رمضان.

تداخُل فروق التوقيت بين الفلسطينيين والإسرائيليين يُحدث قدرا من الارتباك لدى كثيرين، حتى أن الهواتف النقالة الفلسطينية انتقلت تلقائيا للتوقيت الصيفي مع موعد التوقيت الإسرائيلي.

فالطرفان الفلسطيني والإسرائيلي يرتبطان بعلاقات تجارية شديدة التشابك تأثرت هي الأخرى بفعل فرق التوقيت، كما أن حركة الفلسطينيين على المعابر الحدودية تتحكم بها إسرائيل وفقا لتوقيتها.

وبلغ حجم الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل العام الماضي 217.5 مليون دولار وفقا لإحصائية رسمية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما بلغ حجم الواردات من إسرائيل 4.4 مليار دولار.

ويقول الفلسطيني منذر راشد، وهو من سكان قرية أودلا في محافظة نابلس، إن فرق التوقيت أربك حركة الكثيرين بمن فيهم العمال الفلسطينيون في الداخل.

وقال إن الفلسطيني لا يعرف على أي توقيت يتحرك، فإذا كان يعمل في إسرائيل عليه أن يصل إلى هناك وفق التوقيت الإسرائيلي أي بوقت أبكر بساعة كاملة، والمغادرة وفق ذات التوقيت.

* للأردن القريب توقيته أيضا

يواجه الفلسطيني المسافر من الضفة الغربية إلى الأردن ذات الإرباك، حيث تقف في طريقه ثلاثة معابر: فلسطيني وإسرائيلي وأردني. ولكل منها توقيته.

ويقول غسان السائح وهو من مدينة نابلس في الضفة الغربية "كل معبر حدودي يعمل وفق توقيت بلده، وفي الوقت الذي يكون فيه المعبر الفلسطيني مغلقا يكون الإسرائيلي الذي يبعد مئات الأمتار مفتوحا، وكذلك عندما يُغلق المعبر الإسرائيلي يكون الفلسطيني لا يزال يعمل".

وانتقل الأردن بدوره للعمل بالتوقيت الصيفي.

ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس أن السلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو تتبع الجانب الإسرائيلي في كل شيء، بما في ذلك موضوع الضرائب والمقاصة بين البنوك.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "مسألة فرق التوقيت هي محاولة لصنع سيادة وهمية، وهو قرار في الشؤون غير المركزية".

وأضاف "حياتنا مرتبطة مع الاحتلال بشكل كامل، سواء في التنقل المعابر أو على الحواجز، أو من يعملون في الداخل أو لديهم علاقات تجارية متبادلة مع إسرائيل".

وأشار أبو العدس إلى أن هذا الإرباك يحدث بشكل سنوي وينعكس سلبا على حياة الفلسطينيين.

* بأي توقيت يُقتل المرء في غزة؟

تبدو الصورة مغايرة في قطاع غزة الذي فقد قرابة 33 ألفا من أبنائه استشهدوا في الهجمات الإسرائيلية المتواصلة. فالوقت بالنسبة للكثيرين أصبح مقترنا بموعد وصول مساعدات غذائية أو الحصول على فرصة استثنائية للسفر وتلقي العلاج خارج القطاع.

ويقول تميم بركات لوكالة أنباء العالم العربي إن شيئا لم يتغير في يومه بقرار تغيير التوقيت في إسرائيل، فالتوقيت الآن في غزة "وسيلة لإحصاء ضحايا الحرب".

وأضاف "الوقت لم يعد فارقا لدينا، كل دقيقة هناك موت، وقصف يطال المستشفيات والمدارس. سابقا كان هناك فرق عندما كان لنا حياة".

أما أحمد كرسوع من مدينة غزة، والنازح في رفح، فيقول لوكالة أنباء العالم العربي إن التوقيت لم يعد على قائمة الاهتمامات لدى أهالي القطاع، فلا توجد مدارس ولا مؤسسات تعمل ولا موظفون يتجهون إلى العمل.

وتقول الصحفية يافا أبو عكر لوكالة أنباء العالم العربي "الوقت لم يعد مهما بعد ستة أشهر من المذابح. الناس هنا تُقتل في أي وقت وفي أي ساعة أو دقيقة، وليس هناك فرق إن تم تقديم الساعة أو تأخيرها".