النجاح الإخباري - غزة: لم يعد النازحون في قطاع غزة يعرفون ما ينتظرون، ولم تصلهم أي أخبار موثوقة عن مصيرهم، وأصبح ما يتردد في وسائل الإعلام عن احتمال الوصول لاتفاق تهدئة مجرد همسات لا تعطيهم أملا.

وداخل خيام النازحين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يمكن رؤية دموع المقهورين وسماع صراخ المظلومين، حيث يلامس النازحون جدار اليأس مع استمرار الحرب الإسرائيلية واسعة النطاق على القطاع والتي دخلت يومها الخمسين بعد المئة.

وبعد أن اضطر كثيرون منهم إلى مغادرة بيوتهم في شمال ووسط القطاع بسبب ويلات الحرب، استقروا في خيام بائسة في رفح ولم يكن لديهم سوى انتظار الأخبار التي تذيعها وسائل الإعلام عن اتفاق تهدئة محتمل، دون أن يجدوا إجابة على سؤالهم العاجل: هل سيكون صيامنا هذا العام في زمن حرب أم هدوء؟

ومع قرب حلول شهر رمضان، يعيش أهالي القطاع في أجواء من الترقب، ممزقين بين الأمل في التوصل إلى تهدئة تتيح لهم الصيام في ظروف أفضل والخوف من استمرار القصف والحرب في ظل نقص حاد في الأغذية يزيد قلقهم من ألا يتمكنوا من تأمين وجبات الإفطار.

ولا يعرف أهالي قطاع غزة ما إذا كانوا سيخرجون من شهر رمضان أحياء أم أمواتا في ظل ارتفاع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى أكثر من 30 ألف قتيل فضلا عن عشرات الآلاف من المصابين.

ويقول أحمد حماد، وهو من مدينة غزة ونزح إلى رفح، إنه لا يعرف كيف سيكون الحال في رمضان، حاله مثل نحو مليوني نازح.

وأبلغ وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "لم نعد قادرين على معرفة مستقبلنا حتى بعد دقائق، ربما الكل يأمل في الاتفاق على تهدئة تمكن الناس من الصوم في ظروف آمنة تتيح لهم تدفق المساعدات والحصول على المواد الغذائية بالشكل المطلوب".

وتابع قائلا "الناس أيضا لا تثق كثيرا في الأخبار الواردة حول قرب التوصل إلى تهدئة، وبالتالي يتوقع كثيرون أن يحل شهر الصوم في ظل الحرب ونقص المواد الغذائية، ويكون شهرا للجوع والحرب بدلا من الصوم والعبادة".

أما عماد عرفات، وهو نازح آخر في رفح، فلم يعد على يقين إن كان سيكون هو وعائلته على قيد الحياة في رمضان أو لا.

ويقول "لا نعرف متى يصلنا الموت، إسرائيل تلوح بعملية عسكرية في رفح التي نزح إليها معظم سكان قطاع غزة. وإذا فشل اتفاق التهدئة، فإن الأمور ستكون صعبة جدا على رفح في شهر رمضان ولن يكون هناك فرق بالنسبة لبنيامين نتنياهو إن هاجم رفح في رمضان أو في وقت آخر".

من جانبها، تقول آمنة نصر، التي نزحت هي الأخرى مع أربعة من أطفالها إلى رفح، إن ما تأمله أن يتمكن أطفالها من الصوم والإفطار في رمضان.

وأضافت "لا أريد أن يموت أطفالي جوعا، نريد هدنة لإدخال المواد الغذائية، فلم يعد هناك شيء نأكله والناس بدأت تموت من الجوع".

وتابعت "يسألني أطفالي عن الصور التي انتشرت لاستشهاد 70 شخصا في شارع الرشيد (في مدينة غزة) خلال محاولتهم الحصول على الدقيق، لا أعرف كيف أجيبهم ولا أريد أن يكون مصيرهم مماثلا".

* محادثات في غياب إسرائيل

بدأت في القاهرة أمس الأحد جولة جديدة من المحادثات بهدف التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك بمشاركة ممثلين لمصر وقطر والولايات المتحدة والحركة الفلسطينية، فيما قررت إسرائيل عدم المشاركة.

وذكرت تقارير إعلامية أن الاقتراح الذي تقدم به الوسطاء في محادثات القاهرة ينص على وقف القتال لمدة ستة أسابيع والإفراج عن 42 من الأسرى في غزة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، على أمل إبرام اتفاق قبل حلول رمضان في 11 أو 12 مارس آذار.

وفقا للتقارير، أحد أهم العوائق التي تحول دون إبرام اتفاق للتهدئة هو رفض حماس تسليم قوائم بأسماء الأسرى الإسرائيليين لديها ومن منهم على قيد الحياة. ومن جانبها، تصر حماس على إيجاد حلول لعودة النازحين من شمال قطاع غزة.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية أيمن يوسف إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير معني على ما يبدو بالتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى يحقق تهدئة خلال رمضان.

وأبلغ يوسف وكالة أنباء العالم العربي "نتنياهو أظهر خلال الأيام الماضية عنجهية واستطاع احتواء الضغوط الداخلية ويسوق لاستمرار المعركة".

وأضاف "نتنياهو بدأ يدخل على تفاصيل المفاوضات بشكل دقيق جدا وهو ليس دوره وإنما دور الوفد المفاوض، لكن ما يقوم به هو عرقلة لكل الجهود الرامية للتوصل إلى صفقة قبل شهر رمضان".