آلاء البرعي - النجاح الإخباري - بحثت الشابَّة خلود شمالي، بكلِّ جهد عن عمل يوّفر لها حياة مليئة بالإنجازات إلى جانب الدخل الشهري، بعد تعرضها لإعاقة جزئية بقدمها اليمنى، والتي ظنَّ الكثيرون ممن تقدَّمت لهم بطلبٍ للحصول على وظيفة بعدم قدرتها على أداء العمل بالشكل المطلوب، لتنجح شمالي أخيراً في الحصول على وظيفة في " مهنة النجارة " وتكسر بذلك العقباتكافة، ضمن مشروع إرادة المموّل من الحكومة التركيّة لذوي الإعاقة في قطاع غزة.

تقول الشابة شمالي لـ"النجاح الإخباري": "تمَّ اختياري للعمل ضمن مشروع "إرادة للنساء ذوات الإعاقة"، نظراً لامتلاكي المؤهلات والقدرات على العمل في هذا المجال، نظراً إلى أنَّ مهنة النجارة تحتاج لحركة اليدين أكثر من دونهما، وحقيقةً هذا ما أتقنه، فالإعاقة البدنيّة لم تكن يوماً "إعاقة" ولن تعيقني، بل الإعاقة الحقيقية تكمن في فقدان القدرة على السعي وراء الهدف".

تعتبر شمالي أنَّ ما أصابها من إعاقة جزئية في قدمها، بمثابة مُحفِّز لطاقتها وميزة تتمتع بها دون غيرها من السيدات، مؤكِّدةً على ضرورة أن يسعى الإنسان للحصول على ميزاتٍ أفضل في عمله وحتى حياته الشخصيّة تؤهله على أن يكون قادراً على تحصيل ما يريد.

وتشير شمالي إلى أنَّ نهاية المشروع لن تكون مرحلة هامشيّة في حياتها ولن تتوقف عن العمل، وستسعى للحصول على تمويل بسيط، وتفتتح الورشة الخاصة بها وفق إمكانياتها، وتعمل على صناعة كل ما تعلمته ضمن المشروع وتكوين مصدر دخل خاص بها دون الحاجة لأحد.

لم يختلف حال ماجدة مراد زميلة شمالي في نفس المهنة، في مواجهة العقبات قبل الحصول على عمل ضمن المشروع، كونها تمتلك ركبتيّن صناعيّتين، فقبل إصابتها خلال العدوان الإسرائيلي عام (2008) على قطاع غزة، كانت تعمل في سلك التدريس لستة عشر عامًا، إلا أنَّ واقعها الجديد فرض عليها معادلة جديدة تُلحُّ بضرورة تعلُّم حرفة يدوية تناسبها.

تقفُ بجانب طاولتها الخشبية في المعمل، تقيس الأمتار تمهيداً لقص الخشب وما إن تنتهي تبادر بالحديث وتقول: "اكتسبت خبرة جيدة في مجال النجارة، من كيفية قص الأخشاب وتجميعها، وصولاً لتصنيع الكنب ومراحله من قص القماش ووضع الإسفنج وطلي الأثاث، وكيفيّة اختيار ألوان متناسقة يتمّ إنتقاؤها ليظهر الشكل النهائي بطريقة حرفيّة جميلة، بالإضافة للقص والحفر على الخشب برسوماتٍ مميزة وصناعة علب الحلوى والبراويز والساعات والمجسمات الخشبيّة".

فيما تأمل السيّدة مراد أن تحصل في النهاية بعد كل التعب والعناء والرفض الذي لاقته من المحيط نظراً لطبيعة المهنة القاسيّة، على مشروعها الخاص، متمنيّةً أن يصبح هناك وجود حقيقي وتقبُّل من المجتمع لأصحاب العزيمة أمثالها، يوفِّر لهن الفرصة المناسبة ليطلقن إبداعهن.

وبالعودة لبرامج إرادة وبحسب نائب مدير التمويل والعلاقات العامّة في المشروع منال حسنة، فإنَّ فكرة البرنامج تقوم على تدريب أشخاص من ذوي الإعاقة في تخصصات حرفية مختلفة، على أن تكون هذه التخصصات مطلوبة في سوق العمل، فيما يتم تدريب الكادر المختار لتحسين فرص توظيف الشخص الملتحق بالبرنامج بعد التخرج منه.

وبحسب حسنة فإنَّه ومنذ انطلاق البرنامج تمَّ تدريب وتخريج (700) شخص من ذوي الإعاقة  وتشغيل أكثر من (400) شخص منهم في سوق العمل.

يذكر أنَّه وبحسب دراسة حول فهم احتياجات ووجهات نظر ذوي الإعاقة في دولة فلسطين بعنوان:" كل طفل مهم"، بتكليف من "اليونسف"، فإنَّ الإحصائيات التي تخصُّ هويَّة الشخص ذي الإعاقة في الأسرة، أشارت إلى أنَّ نسبة الكبار من ذوي الإعاقة كانت (21%) في قطاع غزة، و(30%) في الضفة الغربية وبإجمالي (25%) في فلسطين.