اياد عبادلة - النجاح الإخباري - تحطمت أحلام وطموحات الخريجين والخريجات في قطاع غزة بمجرد الاصطدام بصخرة الواقع المرير, فبعضهم لجأ إلى تعلم المهن الحرفية واليدوية, وآخرين اضطروا لتعلُّم السياقة والعمل بالأجر اليومي في المطاعم والفنادق والبناء والمصانع وغيرها, من أجل توفير مصروفهم اليومي بعدما ضاقت بهم السبل نتيجة ارتفاع نسبة البطالة وانعدام الوظائف وحصرها لفئات تنظيمية بحتة بعد الانقسام الداخلي الذي شهده القطاع منذ منتصف العام 2007, إضافة إلى الحصار الخانق الذي فرضه الإحتلال على القطاع منذ أكثر من عشر سنوات.

تقدم الحاصل على الماجستير في العلوم السياسية من معهد البحوث من مصر منذ العام 2012 أحمد عبدالهادي إلى عدد كبير من الوظائف الحكومية والخاصة, دون أي جدوى سوى العمل لمدة ثلاثة أشهر على بند أحد برامج البطالة التابع لوزارة العمل, وبدأ في تكوين ملامح مستقبله المجهول طبقًا للوعودات الذي أعلن عنها بأن البرنامج سوف يكون لمدة عقد سنوي قابل للتجديد, ليتفاجأ بانتهائه بعد ثلاثة أشهر.

وأوضح في مقابلة مع "النجاح الإخباري" أنه يعمل حاليًا سائقًا على تاكسي بقوت يومه, ويقضي يومه من ساعات الصباح الأولى حتى منتصف الليل من أجل أن يوفر 35 شيكلًا, تساهم بالحد الأدنى في مصروف العائلة اليومي بعدما أنفق والديه عليه كل ما يملكون لاتمام دراسته والحصول على الماجستير, حالمين بأن يحصل على وظيفة محترمة تعوضهم الحرمان الذي عايشوه من أجل الإسراف على تعليمه.

وإلى جانبه يعمل زميله هيثم الصفدي الذي تخرج من كلية الآداب في جامعة الأزهر تخصص لغة انجليزية في العام 2009, في مهنة السياقة بعدما تقطعت به السبل في الحصول على وظيفة حكومية تُؤهله للعمل مدرسًا بعدما أضاف إلى تخصصه سنة تربية من جامعة الأقصى, وكسابقه أشار إلى أنه كان يتقدم سنويًا للوظائف المعلنة, ويخوض الإختبارات المختصة, دون جدوى, مشيرًا إلى أنه لجأ مؤخرًا إلى تعلم السياقة كمهنة يحاول من خلالها توفير مصروفه اليومي وتحقيق جزءًا من اكتفائه الذاتي.

لم يختلف عنهم خريج كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية سعيد عمار الذي اختار العمل في البناء بعد أن يأس من التطوع في المؤسسات التجارية ومكاتب المحاسبة بأجور زهيدة لم تفي بالموصلات التي ينفقها من أجل الوصول إلى أماكن عمله, ليلجأ بعدها إلى العمل في احدى شركات المقاولات بعد علاقة نسجها مع مديرها عندما كان يعمل في مكتب للتدقيق والحسابات.

واتجهت خريجة العلوم من جامعة الأزهر سنة 2007 ناريمان المصري إلى تصنيع الإكسسوارات الخاصة بالفتيات والنساء بعد أن ضاقت بها كل السبل في الحصول على وظيفة تناسب تخصصها ودرجتها العلمية, وكشفت في مقابلة مع "النجاح الإخباري" أنها أصرَّت على البدء بمشروع خاص بها تعوض فيه وقت الفراغ الذي رافقها بعد تخرجها من الجامعة لسنوات, وأشارت إلى أن فكرة العمل على مشروعها الخاص بلورتها بعد دورة في تجميع الاكسسوارات وصناعتها بطريقة تتلاءم مع أذواق الفتيات وطالبات الجامعة والمقبلات على الزواج.

وأكدت على أنها تسافر بين الحين والآخر إلى جمهورية مصر العربية لشراء كميات من الاكسسوارات والخامات التي تتناسب مع موضة العصر , مشيرة إلى أنها تحرص على مواكب كل جديد في عالم الموضة, لكي تحظى صناعاتها بقبول ورواج.

ولفتت إلى أن نجاحها فتح لها العديد من الأسواق أبرزها العرض لمنتجاتها في كبرى فنادق القطاع والتوريد للمحلات المختصة بأزياء واكسسوارات العرائس, فضلا عن انشائها بازار خاص في جمهورية مصر العربية.

يُذكر أن مركز الإحصاء الفلسطيني أعلن في عام 2016 أن نسبة البطالة بلغت في الأراضي الفلسطينية 27% بينما بلغت في قطاع غزة على وجه التحديد 41.7%, في المقابل سجلت في الضفة الغربية 18.3%.