نابلس - خاص - النجاح الإخباري - ألقت جائحة فيروس كورونا بظلالها السلبية على الاقتصاد في فلسطين، الأمر الذي أدى لارتفاع نسبة البطالة في صفوف الطبقة العاملة وخاصة العاملين بنظام المياومة، في ظل إجراءات الحكومة الفلسطينية بمنع الحركة والعمل للحد من تفشي فيروس كورونا، إلا أن فئة العمال الذين يقدرون بمئات الآلاف بحاجة لمن يسد رمقهم وأبنائهم للصمود في وجه الحجر المنزلي، من قبل الحكومة وصندوق "وقفة عز" الذي تم تشكيله لهذا الغرض، خاصة في ظل مناشدات المواطنين في المحافظات الشمالية بطلب مساعدات عاجلة لهم في ظل حالة الطوارئ.

الحكومة الفلسطينية أمس، أعلنت عن عزمها تقديم مساعدات لـ 30 ألف عامل خلال شهر رمضان المبارك، بالتنسيق ما بين وزارة العمل والاتحاد العام لنقابات عمّال فلسطين، ووزارة التنمية الاجتماعية، وكذلك تقديم مساعدات عبر وزارة التنمية الاجتماعية لـ116 ألف أسرة إضافية، منها 81 ألف في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية وهي بقيمة 137 مليون شيقل.

يشار إلى أن وزير العمل نصري أبو جيش، أكد في تصريحات سابقة، أنه سيتم ملاحقة مهربي العمال للداخل المحتل، واتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، نظراً لما يمثله العمال من خطر في تفشي كورونا خلال تنقلهم من وإلى الضفة الغربية.

خبراء اقتصاديون، أكدوا أن الوضع المعيشي يزداد سوءًا بشكل عام للموطنين وخاصة العمال ، ولابد من تضافر الجهود لإغاثتهم بشتى الوسائل، وأن العدد الذي تم الإعلان عنه بشأن 30 ألف أسرة هو عدد قليل جداً مقارنة بأعداد العمال في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى أن المساعدات التي جرى توزيعها اليوم لـ 116 ألف أسرة عبر وزارة التنمية الاجتماعية، هي مرصودة أساساً ضمن موازنة الحكومة ويشترك فيها البنك الدولي والاتحاد الاوروبي والحكومة، وكان يفترض صرفها في شهر مارس وتأخرت بسبب جائحة كورونا.

عدد العمال أكبر بكثير من 30 الف

الدكتور معين رجب استاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، أكد في حديث لـ "النجاح الاخباري"، أن الوضع الاقتصادي للعمل سيء جداً، لأنهم يفتقدون للضمان الاجتماعي، ولو أن هناك ضمان اجتماعي لما وصل الحال بهم في ظل هذه الازمة الى ما هو عليه، داعياً الى اقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي تم الاحتجاج عليه في عهد الحكومة السابقة، ومن ثم تم تعليقه وعدم إقراره. وأوضح أن الواقع الفلسطيني بأمس الحاجة الآن لهذا القانون ليتكفل بالإنفاق على العمال في أي أزمة قادمة وبعد سن التقاعد عن العمل.

وأوضح، أن 30 ألف عامل سيتلقون مساعدات، هو عدد قليل جداً وغير كافي، وجاء في ظل امكانات الحكومة الحالية، مع العلم أن نصف سكان فلسطين البالغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة أكثر من نصفهم في سن العمل ذكوراً وإناثاً.

وأشار إلى أن المساعدات التي صرفت لـ 116 ألف أسرة في الضفة والقطاع، هي مرصودة سلفاً ولا علاقة لها بأزمة فيروس كورونا، كونها تصرف بشكل دوري على هذه الأسر.

في ذات السياق، أكد على ضرورة أن يباشر صندوق وقفة عز، الذي تم تشكيله في ظل الأزمة الحالية، لإغاثة العمال، وتشجيع القطاع الخاص على التبرع، لأن مواجهة الأزمة هي مسؤولية الجميع.

رفض الضمان الاجتماعي أكبر كارثة

في ذات السياق، أوضح أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية، البروفيسور أنور أبو الرب في حديث لـ "النجاح الاخباري"، أن الواقع المعيشي صعب على العمال في ظل أزمة كورونا، وأن المساعدات التي أعلن عنها رئيس الوزراء د. محمد اشتية لـ 30 ألف عامل، تعد جزءا بسيطاً وغير كاف، لكنها تعتبر مساعدة في تحريك الاقتصاد المحلي.

وأشار إلى أن إمكانات الحكومة في ظل الجائحة والحصار المفروض على السلطة بسيطة، بسبب انخفاض ايراداتها والتي تتراوح قرابة الـ70%، ورغم ما ستقدمه الحكومة لهذه العائلات التي اعلن عنها اشتية في مؤتمره الصحفي إلا أن الحاجة أكبر من ذلك بكثير بالنسبة للأسر الفلسطينية المتضررة من جائحة فيروس كورونا.

وأشار إلى أن قرابة 500 ألف عامل يعملون في الأراضي الفلسطينية في مهن حرة ومشاريع صغيرة بخلاف العمال الذي يعملون في الداخل المحتل والذين يقدر عددهم بنحو 200 ألف عامل، جميعهم تضرروا من الأزمة.

وأشار إلى أن آلية الدفع لهذه الأسر غير معلومة في الخطة التي أعلنها رئيس الوزراء، هل سيتم الدفع للعائلات المسجلة في الشؤون الاجتماعية، أم لفئات أخرى.

وحول اتفاقية أطراف الانتاج الثلاثة وزارة العمل والقطاع الخاص والنقابات العمالية لصرف 50% من رواتب العمال، أوضح أن استمرار الجائحة لن يمكن أرباب العمل من الاستمرار في دفع الرواتب والأجور ولو بالحد الأدنى، ولكن السؤال الابرز ما مصير أرباب العمل حال استمرت الجائحة لفترة أطول؟.

وأكد أن قانون الضمان الاجتماعي هو الضمان لهذه الفئات، وأن رفض هذا القانون وإقراره كان أكبر مصيبة على الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه لا يوجد دولة بدون هذا القانون. موضحاً أن الأسرة الفلسطينية اليوم تدفع فاتورة رفض قانون الضمان الاجتماعي، مشدداً على أن هذا القانون لو تم إقراره لما وجدت مشكلة أصلاً.

مساعدة 30 أسرة لا يفي العمال حقهم

كما أكد الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، أن عدد العمال بحسب جهاز الاحصاء الفلسطيني، يتحدث عن 456 ألف عامل تضرروا بفعل انتشار عدوى جائحة الكورونا في الاراضي الفلسطيني، وبالتالي الحديث عن 30 ألف عامل سيتم مساعدتهم ليس بالرقم الذي يوفي العمال حقهم، وهو رقم منخفض جداً ونحتاج إلى أكثر من ذلك إضافة إلى أن أرباب العمل والمصانع والمحلات التجارية لديهم مشاكل أكبر من أن تتحدث عن 30 ألف عامل فقط، مقارنة بالأضرار التي لحقت بالجميع.

وأشار إلى أن مصدر المساعدات لـ 30 ألف عامل سيكون من عدة مصادر مختلفة، أبرزها جزء من الحكومة، وجزء من صندوق "وقفة عز".

وعن صندوق "وقفة عز"، أوضح الخبير الاقتصادي نوفل، أن هذا الصندوق يعمل في الضفة الغربية دون قطاع غزة، وهذه إشكالية بحد ذاتها، مشيراً إلى وجود نحو 100 ألف عامل في قطاع غزة تضرروا بفعل انتشار فيروس كورونا، إضافة إلى العديد من أصحاب المزارع والمصانع والمحلات التجارية في القطاع تضرروا أيضا جراء الجائحة والاشكالية الاكبر تكمن في استثناء قطاع غزة، كما تم استثناؤه من المساعدات التي حصلت عليها وزارة الصحة.

وأمام الحاجة الكبيرة لمساعدة العمال المتضررين من جائحة فيروس كورونا، تبقى الحاجة لمساعدتهم ملحة خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان، وعدم وجود أفق لانتهاء الأزمة.