نابلس - النجاح الإخباري - في الوقت الذي يتم فيه ملاحقة العمال الذين يعملون في الداخل المحتل، في إطار مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد في الضفة الغربية، وما يقوم به بعض العمال باللجوء لطرق التفافية للتهرب من إجراءات الفحص المتبعة، لضمان استمرار عملهم لتوفير قوت أبنائهم، لابد من التساؤل كيف سيؤمن هؤلاء العمال قوت أبنائهم إذا تم إجبارهم على عدم العمل؟، في وقت تتواجد فيه رجال الأعمال والشركات الربحية والتي من المفترض أن يكون لها دوراً مسانداً إلى جانب الحكومة لتأمين هؤلاء العمال خلال فترة الطوارئ لضمان توفير قوت لأبنائهم وإجبارهم على الجلوس في منازلهم، بعد أن أفشل أصحاب المصالح من الشركات إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي لو تم إقراره سينقذ هؤلاء العمال في هكذا أزمة.

يشار إلى أن العمال وتنقلهم من "إسرائيل" إلى الضفة الغربية، يشكل خطراً صحياً قد يؤدي الى تفشي الفيروس ويضرب جهود مكافحته وتتفاقم الأزمة الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود من القطاع الخاص لحماية أنفسهم من المرض والمجتمع.

وأعلن اليوم الخميس، مدير عام الرعاية الصحية الاولية بوزارة الصحة، كمال الشخرة، تسجيل فلسطيني 21 إصابة جديدة لعمال كانوا داخل الأراضي المحتلة (إسرائيل) ومخالطين لهم".

إنشاء صندوق عاجل من قبل رجال الاعمال والقطاع الخاص لإغاثة المتضررين ضرورة ملحة

الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، أكد في حديث لـ موقع "النجاح الاخباري"، على ضرورة تشكيل صندوق مركزي يكون للقطاع الخاص دوراً ريادياً فيه، ويجمع على أقل تقدير 100 مليون دولار، لتقديم مساعدات نقدية للعمال، سواء الذين يعملون في الداخل المحتل، أو العمال الذين يعملون في الضفة الغربية وتضررت مصالحهم جراء فيروس كورونا.

وأوضح، أن التأخر في إنشاء هذا الصندوق، وتوحيد العمل الجماعي من قبل القطاع الخاص سيؤدي إلى تفاقم المشكلة والوصول لكارثة ستطول كل القطاعات الاقتصادية، لافتاً إلى أن هناك بعض رجال الاعمال والشركات لو تبرعوا بـ 100 مليون دولار، لن تنهز مملكتهم الاقتصادية. مشدداً على توحيد الجهود والابتعاد عن التقاط الصور والعمل العشوائي.

وقال:" ان التبرعات الفردية من بعض المقتدرين مشكورة ومثمنة، لكنها لن تحل المشكلة، لذلك وجب إنشاء الصندوق لمعالجة الأزمة ويبقى مستمراً بعد ذلك وتتكون له هيئة تتابعه لتحديد أوجه الصرف وقت الأزمات. مضيفاً أن قانون الضمان الاجتماعي الذي أفشله أصحاب الشركات لو تم إقراره لاستطاع حل الأزمة بالكامل، لافتاً أن أصحاب الشركات لو علموا أن هناك أزمة كأزمة كورونا ستأتي لما وقفوا ضد إقرار هذا القانون.

وأوضح، أن الحكومة لن تستطيع القيام بدور إغاثي لهذه الشريحة من العمال والتي يصل عددها لنحو 400 ألف عامل ما بين العمال الذين يعملون في الداخل المحتل، واصحاب المنشآت الصغيرة الذين اضطروا لإغلاقها جراء الازمة، كالمحال التجارية ومن يعملون بها، والذين يعتاشون منها.

وأشار إلى أن الأردن، أنشأت صندوق وتوزع المساعدات عبر الهيئة الهاشمية ولا تسمح لغيرها بالتوزيع، والاموال تتجمع لدى هذه الهيئة.

ولفت إلى ما أقدم عليه رجل الأعمال الإيطالي جورج أرماني الذي تبرع بمليار ونصف لإيطاليا، عندما تفشى المرض وقال مقولته الشهيرة، لن أسمح بسقوط إيطاليا حتى لو خسرت كل ثروتي. داعياً القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين إلى أخذ العبرة من هذا الرجل، وسرعة معالجة الازمة قبل تفاقمها.

وأكد أن الحكومة عليها التزامات كبيرة، في ظل نقص الموارد وزيادة النفقات، والتي ربما لن تمكنها من دفع رواتب موظفيها كاملة الأشهر القادمة والاكتفاء بنصف الراتب، لذلك فإن الأزمة أكبر من الحكومة ولا تستطيع تحملها لوحدها، والوباء يفوق طاقتها وقدرتها.

وحذر ما تضرر فئات أخرى غير العمال في حال استمر الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي يوقعنا في كارثة، مناشداً القطاع الخاص والاثرياء والاغنياء المحظوظين اقتصادياً، أن يساهموا بشكل عاجل بتوفير مساعدات نقدية خلال الشهرين القادمين، إضافة إلى تعزيز دور التكافل الاجتماعي بين الافراد.

وأكد أن المواطنين لن ينسوا للقطاع الخاص تدخله بعد الأزمة.

كما أكد ان هناك مسؤولية على صندوق الاستثمار الفلسطيني، الذي يتمتع بمصداقية عالمية، بأن يكون له دور ريادي في موضوع الأزمة والتدخل بشكل عاجل، وجلب التبرعات من الفلسطينيين وغيرهم في الخارج.

العمل الموحد مسؤولية الجميع لمواجهة الأزمة

في ذات السياق، شدد إياد عوض الله عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في حديث لـ "النجاح الاخباري"، على ضرورة توحيد كافة الجهود في إطار مساندة العمال وكافة الشرائح المجتمع، لضمان عدم انتشار الوباء، بما يضمن توفير حياة كريمة له. موجهاً التحية للعمال وكل من تضرر من أزمة كورونا.

وقال:" نحن أمام ظرف استثنائي تتعلق بأزمة كورونا، والمسؤولية الآن تقع على كاهل الجميع، وكل مؤسسات لمجتمع المدني والشركات، لذلك لابد من التكاثف بروح المسؤولية الجماعية لإنقاذنا من هذا الوباء، لتوفير حياة كريمة تسمح لهذه الشرائح المتضررة البقاء في منازلها ومنع الاختلاط لوضع حد لهذا الوباء القاتل.

وأشاد بعوض الله بالنموذج الاردني في تكاثف الجهود بإغاثة المواطنين في ظل إجراءاتها لمحاصرة انتشار الفيروس، وكذلك ما أقدم عليه رجل الأعمال الإيطالي الذي تبرع بمليار ونصف المليار لصالح مواجهة فيروس كورونا، مشدداً على أن هذا النموذج يحتذى به، والأصل أن نعمل بشكل جماعي، في إنشاء هيئة موحدة، تستقبل كل الدعم ومنه ينطلق لشرائح المجتمع بعيداً عن العمل الحزبي والفئوي، لأن المسؤولية كبيرة، محذراً من العمل بحسابات ضيقة.

واستدرك أن قانون الضمان الاجتماعي لو جرى على أساس توفير الخدمة للمواطنين لكنا في وضع أفضل، معتبراً أن هذه التجربة لعلها تؤكد من جديد بضرورة تصويب المسار في المرحلة القادمة باتجاه تحصين العمال وشرائح شعبنا، وتكون عبرة لنا في كيفية إدارة أمورنا ومؤسساتنا في إطار أن تكون مؤسساتنا قادرة على حماية شعبنا في هذه الظروف الصعبة.

وكان وزير العمل الفلسطيني د.نصري ابو جيش ، قد أكد في تصريحات سابقة، أنه لو أقر قانون الضمان الاجتماعي، لكان الوضع بالنسبة لنا أفضل بكثير، في حماية العمال كافة. وأشار إلى أنه تم توقيع اتفاقية بين الوزارة والمؤسسات للحفاظ على حقوق العمال.

الجدير ذكره، أن الصين تمكنت من مواجهة فيروس كورونا بالحجر الطوعي في المنازل ومنع الاختلاط بين المدن، بينما يشكل تنقل العمال من اسرائيل للضفة أزمة تستدعي توحد الجهود للتصدي لها مع توفير حياة كريمة لهذه الشريحة الكادحة، نظراً لتفشي فيروس كورونا في "إسرائيل"، فهل سيستجيب القطاع الخاص ورجال الاعمال للقيام بدورهم الريادي في هذه المحنة؟ أم أن تكدس أموالهم وأرصدتهم أهم من حماية الوطن والمجتمع؟.