غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - لم تقف الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وقلة الامكانيات حائلا أمام حلم صديقين في غزة من اكمال طريقهما خاصة في ظل الدعم الكبير الذي تلقيانه من قبل باقي أصدقائهما، فبورشة عمل متواضعة، وأدوات بدائية، قرر هيثم مقداد (35 عاما)، وصديقه عمر العسلي، التمرد على الواقع الفلسطيني الصعب بغزة، من خلال افتتاح منجرة بسيطة لتكون مصدر رزق لهما.

ويصنع الصديقان في المنجرة ذات الأدوات البسيطة، منتجات بجودة عالية في مختلف المجالات، فيقومان بتصنيع الأثاث المنزلي والمكتبي والقطع الخشبية، وقطع الأنتيكة، وترميم بعض الزوايا القديمة في المنزل، باستخدام خشب "المشاطيح" بشكل أساسي، وهي أخشاب مخصصة لنقل البضائع المستوردة.

وأوضح هيثم مقداد أنه في بداية هذا المشروع أهداه أحد اصدقائه منشار للبدء بالعمل، فكان ذلك دافعا كبيرا لتحقيق طموحه وإنشاء المنجرة التي ستكون مصدر رزق لهما.

وأشار مقداد أنه كان لـ "اليوتيوب" الفضل الأكبر في تعلم الكثير من فنون التعامل مع الأخشاب واستخدامها وتحويلها إلى أثاث وقطع فنية، فمن خلاله بدأ برفقة صديقه في رحلة التعلم الذاتي، والتطبيق على أرض الواقع، والتطوير من العمل شيء فشيء، بتشجيع ودعم من الأقارب.

ويقول مقداد وهو أب لثلاثة أبناء، إن العمل بالخشب هوايتي منذ الصغر، فكنت أعيد تشكيله، إلا أنني لجأت للعمل في النجارة بعد تقليص نسبة الرواتب، والوضع الاقتصادي المتردي بشكل عام، في محاولة لتوفير احتياجات أسرتي الأساسية".

وذكر مقداد أبرز الأعمال التي نفذها مؤخرا، حيث تتمثل في إنشاء "كوفي شوب" مكوَّن من طاولات وكراسي وجدران خشبية، وتصاميم مختلفة من القطع الفنية الخاصة بزينة الحائط، إلى جانب غرف الأطفال ذات الألوان الجذابة.

وحول آلية العمل قال: "يعطينا الزبون صورة لقطعة معينة يريد صناعتها، وبالاستعانة بمهندس لتطبيق المقاسات بدقة عالية دون أخطاء، يتم تفصيل المطلوب طبق الأصل وبجودة فائقة".

ويحتاج الصديقين لمشروعهما البسيط توفير الأدوات الأساسية، من أخشاب "المشاطيح" الأقرب لأخشاب "السويد"، والآلات الخاصة بالتقطيع والتجميع، والمسامير، والبراغي، وزوايا التجميع، والغراء، والدهانات بمختلف أنواعها، وبعض المستلزمات الأخرى.

ويوضح العسلي أنهما يحتاجان عدة ماكينات؛ لكنها غير موجودة بغزة "ولا نستطيع إدخالها بسبب الحصار الإسرائيلي، وإن وجدت لا نستطيع شرائها لارتفاع أسعارها بشكل جنوني"، وفق قوله.

ولفت إلى أن الكهرباء من المعيقات الأساسية التي تحول دون إنجاز عملهما بالوقت المطلوب؛ جراء انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي لأكثر من 8 ساعات.

ويطمح الشابان لتطوير مشروعهما "ليكونا من المتقدمين في فلسطين في ريادة وصناعة الأثاث المنزلي والتحف الفنية والأنتيكا".

كما يسعيان لتصدير منتجاتهما إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة، وإلى خارج فلسطين، "لأن بداية الحلم خطوة ثم ريادة وإبداع"، وفق قولهم.

وأشار إلى أنه بات يتقن منتجاته بدرجة كبيرة من الدقة على الرغم من الأدوات البدائية التي يستخدمها، وعدم بتوفر بضعها لكون اسعارها مرتفعة ولا يستطيع توفيرها في الوقت الحالي.

ويطمح الصديقان بتطوير الورشة، لتكون من أكبر المناجر في فلسطين، تيمناً بقول "الحلم خطوة".

في منطقة أخرى من قطاع غزة، يجلس النجار عبد الرؤوف حسنين"40عاما"،امام ورشته في شمال القطاع لينظف العوالق الترابية والمسامير، لإعدادها لكي تكون جاهزة لعمل الُاثاث المنزلي.

يقول حسنين ل"النجاح الاخباري" النجارة وتشكيل الخشب، ليست مهنتي الأصلية، فأنا خريج تربية فنية، ولان تشكيل الخشب قريب من دراستي، نصحني أحد الأصدقاء النجارين بأن اتعلم مهنته ومن ثم اساعده العمل، فلم امانع، فالوضع الاقتصادي الصعب الذي نمر به في غزة، جعلني ضمن جيش العاطلين عن العمل ولم اجد مصدر رزق لي ولعائلتي سوى العمل في النجارة."

وأضاف " بدأت التعلم في مدة زمنية قصيرة، بل تفوقت على صديقي بالعمل وتشكيل قطع الآثاث، وبعد ان سافر صديقي، ظلت الورشة لي لوحدي."

وتابع " أشتري المشاطيح ولدي عاملان يفككان خشبها وينظفونها من المسامير، ومن ثم أقوم بتشكيلها كراسي، طاولات، قطع ديكور للصالونات وغرف النوم، وغيرها من القطع، والحمد لله أصبح لي زبائني الذين يطلبون مني بين الفينة والأخرى بعض القطع، بالإضافة ل"مقاعد الكورنر".

وأشار حسنين إلى أن طاقة كل عامل يوميًّا قرابة 20مشطاحا ينظفها من المسامير بأجرة شيكل واحد على كل مشطاح، وهو أجر زهيد، لكن شبح البطالة ليس أفضل منه.

ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق منذ 12عاما، ما أدى لتدهور كبير في الأوضاع المعيشية للمواطنين.