غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - كعادتهم لا يتخلّف الغزيون عن ممارسة حياتهم الطبيعية، رغم جرائم الاحتلال اليومية، فقد خرجوا من منازلهم في كافة مناطق القطاع ،لأداء أوّل صلاة للتراويح على وقع الصواريخ والدمار الذي ارتكبه الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء على مدار (3) ايام.

وما إن أعلن عن ثبوت هلال شهر رمضان، وأنَّ  يوم الإثنين هو أوَّل أيام الشهر الفضيل، حتى ابتهل المواطنون واستبشروا خيرًا برغم  المجازر التي ترتكب ضدهم .

في مدينة غزة الفلسطينية، اعتاد أهلها استقبال شهر رمضان ورؤية هلاله في أجواء حزينة، جرَّاء القصف الإسرائيلي الذي يضرب المدينة في نفس التوقيت من كلّ عام، حيث تشهد المدينة هذه الأيام، ومزامنة مع شهر رمضان غارات وقصف إسرائيلي على القطاع دخل يومه الثالث على التوالي.

الشارع يتحدث

موقع النجاح الإخباري التقى مجموعة من المواطنين شمال القطاع، وهو يشهد ساعات عنيفة تحت القصف.

عدنان أبو نخلة قال:"نحن تعودنا على الحروب منذ عشرات السنين، وان كان مكتوب لنا أن نموت ونحن في طريقنا للمسجد، فهي ستكون ميتة جميلة وخاتمة يتمناها أيّ إنسان."

وتابع: "الاحتلال لا يفرّق بين كبير وصغير ولا مسجد ولا موقع عسكري، فسلاح الحقد لديه أعمى، ونحن سنظلّ نمارس حياتنا الطبيعية مهما حاول الاحتلال أن ينغّصها سنعيشها، ولن نختبئ بالملاجئ مثلما يفعلون ، أرواحنا فداءً للوطن."

الشاب رؤوف العسلي يقول: "نحن لا نخاف على أرواحنا بقدر ما نخاف على أولادنا، اليوم نحن نتوجّه لصلاة التراويح، واضعين أولادنا ونساءنا في حفظ الرحمن، وسنعود مرَّة أخرى لصلاة الفجر كالمعتاد ،وأتمنى أن تنتهي هذه الغمّة على خير."

السيدة الستينية أم طلال أبو القمصان قالت بكلماتها البسيطة لمراسلة "النجاح الإخباري": "والله يا بنتي صرلنا يومين ما نمنا من هدول الأنجاس، قلقوا منامنا، الله لا يباركلهم، لكن الحمد لله راح نظل صامدين، وسنعيش أجواء رمضان رغم عن أنف الاحتلال ."

وحينما تسير في شوارع مدينة غزَّة وشمال القطاع،لا تجد تغييرًا يذكر على الحياة فيها، فهم يفرضون الحياة  التي تدب في الأسواق والمحلات والمارة بالشوارع، لم ترهبهم صواريخ الاحتلال.

السيدة انتصار وشاح تقول لـ"النجاح الإخباري" وهي تزين منزلها بفوانيس رمضان والأضواء :" أحاول أن أفرض أجواء رمضان في المنزل، لكي أشغل أطفالي عما يحدث في الخارج، ولكي ألهيهم قدر المستطاع كي لا يخافوا، مع أنَّني لا أستطيع أن أجعلهم لا يسمعون أصوات الانفجارات الناجمة عن الصواريخ ، أصواتها مرعبة للكبار قبل الصغار."

وعن سحورها في أول يوم برمضان، تقول: "اشتريت قبل أيام المربى والجبنة، وعنا بيض رح نتسحر ونصوم بإذن الله، ربنا يرفع عنا هذه الشدة، والحمد لله على كلّ حال ،كلّ ما أتمناه أن يسلم الله الناس من أذى المحتل."

 رمضان العام الماضي، لم يكن أفضل حالًا، إذ استقبل سكان غزة سحور أول أيام شهر رمضان المبارك، على صوت المدافع ورائحة الدخان، وقضوا أوّل أيامه في ظلام جراء القصف الذي استهدف المدينة.

وتستمر الجرائم الإسرائيلية وآلة الحرب التي لا تفرّق بين بيت آمن أو موقع للمقاومة، وتهدمه فوق رؤوس ساكنيه كما حصل مع كثير من العائلات كان آخرها مع عائلة أبو الجديان التي تقطن في برج زايد شمال القطاع، والتي تمَّ استهداف البرج بصاروخين، ما أدَّى لاستشهاد طفلين ورجل وامرأة  بالإضافة  للعشرات من الإصابات.

حركة الأسواق مستمرة 

ورغم استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزَّة، خرج سكان القطاع من منازلهم إلى الأسواق الشعبية المركزية، والمحلات لشراء المواد الغذائية، وبعض لوازم السفرة الرمضانية، وهم لا يبالون بأصوات القصف الجوي والمدفعي.

كما انتظمت حركة الأسواق في شمال القطاع، حيث توافد الناس على سوق الأحد الأسبوعي القريب من مدينة الشيخ زايد لشراء ما يحتاجونه لبيتهم، ولشهر رمضان.

حصيلة الشهداء 

استشهد (25) مواطنًا وأصيب عشرات آخرون، ودُمّرت عدد من المنازل والمنشآت التجارية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة صباح السبت.

وأفادت وزارة الصحة باستشهاد: إياد عبد الله الشريحي (٣٤ عامًا)، وعماد محمد نصير (22 عامًا) وخالد محمد أبو قليق (25 عامًا) من شمالي القطاع، وفلسطين صالح أبو عرار (37 عامًا) وجنينها "عبد الله" داخل أحشائها، والطفلة صبا محمود أبو عرار (14 شهرًا) من شرقي غزة، ومحمود صبحي عيسى (26 عامًا) وفوزي عب الحميد بوادي (24 عامًا) من المحافظة الوسطى، جراء العدوان  الذي بدأ فعليا يوم السبت الماضي.

وبالأمس أعلنت الصحة عن استشهاد بلال محمد البنا، وعبدالله أبو العطا بقصف إسرائيلي شرقي مدينة غزة، والشهيد حامد أحمد عبد الخضري (34 عامًا) والذي ارتقى بقصف مركبة كان يستقلها وسط مدينة غزة. بينما استشهد محمد عبدالنبي أبو عرمانة (٣٠ عاما) ومحمود سمير أبو عرمانة (٢٧عاما) بقصف في البريج وسط قطاع غزة، والمواطن علي عبدالجواد (٥١ عامًا) ,المواطن موسى حسين معمر (24 عامًا) جراء استهداف إسرائيلي وسط رفح.

الغزيون يثبتون دائمًا أنَّهم عصيون على الانكسار و الخوف من الموت، فتوافدوا جماعات وأفراد نحو المساجد لأداء صلاة التراويح ، داعين من الله أن يكون شهر رمضان برداً وسلاماً على أهل غزة الضعفاء.

وأعلن فجر اليوم عن بدء سريان وقف إطلاق النار بعد التوصل إلى اتفاق مع الاحتلال إثر مفاوضات غير مباشرة رعتها القاهرة وأطراف دوليّة.