غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يقفل عام 2018 على مشهد فلسطيني متشابك ليس أقله التغول الاستيطاني" المدفوع بالدعم الأمريكي أمام أنظار العالم الذي لم يتوقف عن إصدار بيانات الاستهجان و"الصراخ" من الخارج دون أن يحرك ساكنا أو يدفع باتجاه إدانة اسرائيل على الملأ أو حتى أخذ موقف أعمق لجهة "مقاطعة" الاحتلال بينما لا تزال "شكوى الإستيطان" تراوح مكانها في أدراج محكمة الجنايات الدولية في وقت يترقب فيه الفلسطينيون الخطوة التالية وهي: إحالة مجرمي الاستيطان الى المحكمة الدولية.

"السلام الان": 5618 وحدة استيطانية

 

وقالت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان في بيان أن 87% من هذه الوحدات السكنية ستبنى في مستوطنات "معزولة"، أي تقع خارج الكتل الاستيطانية.

 وأوضحت أن 1908 وحدات سكنية يخطط لبنائها في مستوطنة تقع شرقي جدار الفصل العنصري في الضفة و283 وحدة سكنية في مستوطنات تقع غربي هذا الجدار.

ودفعت قوات الاحتلال مخططات بناء 5618 وحدة سكنية خلال العام 2018 الحالي، بينها 4672 (83%) وحدة سكنية في مستوطنات "معزولة" تقع شرقي جدار الفصل العنصري، ما يؤكد رفض إسرائيل لحل سياسي للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والسعي من أجل منع قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ترامب وقراراته

ومن بين الأسباب التي دفعت الاحتلال الإسرائيلي تكثيف عملياته الاستيطانية هذا العام، تولي ترامب حكم الولايات المتحدة، والذي أعطاهم الضوء الأخضر لزيادة جرائمهم ضد الفلسطينيين، خصوصاً بعد إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل.

حيث أعلن ترامب نهاية العام الماضي بأن القدس عاصمة لدولة "إسرائيل" حيث أوعز لوزارة خارجيته بنقل سفارة بلاه من تل أبيب إلى القدس. وتم نقل السفارة في مايو 2018 تزامن الافتتاح مع ذكرى احتفال إسرائيل بذكرى إعادة توحيد القدس (احتلال القدس الشرقية).

دغلس:ضوء أخضر أمريكي

في هذا السياق، يقول الخبير بالشأن الاستيطاني ومسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس انَّ حكومة اليمين المتطرِّفة كانت تنتظر الوقت المناسب لتنفيذ العديد من المشاريع والمخططات الاستيطانية، مشدداً على أن الوقت الآن مناسب لتنفيذ ما يحلو لها.

وأضاف دغلس لـ"النجاح": "أنَّ الوقت الآن مناسب لحكومة الاحتلال في ظلّ وجود ترامب الذي أعطاهم الضوء الأخضر، ووجود نتنياهو وأعضاء كنيست يمين متطرف، وانقسام فلسطيني والحديث عن فصل غزّة عن الضفة، وحالة الفوضى وما يجري في المحيط العربي كل ذلك فرصة مواتية لتهويد الضفة الغربية".

وذكر أن الفرص أصبحت مواتية لبناء أكبر تجمع استيطاني لتهويد الضفة، هم يريدون توزيع المستوطنات حتى في البؤر الاستيطانية لتكون حيًّا داخل المدينة"، لافتاً إلى أنَّ هذه المخططات جهنمية تهويدية بمعنى الكلمة"، حسب وصفه.

وأشار الخبير بالشأن الاستيطاني إلى أنَّ هناك زيادة كبيرة جداً في الاستيطان بالضفة الغربية، حيث شهد العام الماضي (2017) بأكثر أضعاف عن الأعوام العشر الأخيرة، منوِّهًا في الوقت ذاته إلى أنَّ عام (2018) هناك مخططات لبناء المزيد من المستوطنات وفي حال تم تنفيذها فسيكون العام الجاري أكثر بكثير من الأعوام الماضية بنسبة (75%).

تقرير وطني: مخطط لابتلاع الضفة الغربية

وفي سياق متصل، أفاد تقرير توثيقي صادر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان عن استغلال الحكومة الإسرائيلية موقف الإدارة الأميركية من نشاطاتها الاستيطانية لتعميق مصادرة الأراضي الفلسطينية وتنفيش مشاريع استيطانية بالقدس والضفة عبر حيل قضائية.

وبين التقرير أن من ضمن مخططات حكومة الاحتلال والاستيطان الرامية لابتلاع الضفة الغربية وتثبيت دعائم الاحتلال وتشريع الاستيطان، أقرت اللجنة الوزارية الاسرائيلية للتشريع مقترح القانون الّذي بادرت إليه وزيرة القضاء من البيت اليهودي أييليت شكيد، والّذي ينص على مصادرة صلاحيات المحكمة العليا النظر في التماسات الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ونقل هذه الصلاحيات القضائية الى المحكمة المركزية الإدارية في القدس.

وحسب التقرير، فإن المقترح يأتي في سياق مشاريع القوانين الّتي تبادر لها الوزيرة شكيد وحكومة المستوطنين من أجل تقويض أية إمكانية للاستئناف على قرارات الاحتلال وتأخير تنفيذها، ومن أجل تسريع تنفيذ سياسات الاستيطان الّتي يتبناها حزب البيت اليهودي وحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية.

ومن الناحية العملية، فإن نقل الصلاحيات لمحكمة إدارية سيعيق الإجراءات القضائية الّتي تتعلق بالفلسطينيين وسيؤدي الى إطالة الفترة الزمنية للإجراءات في المحكمة مما سيصّعب عليهم متابعة قضاياهم أكثر من الصعوبة الموجودة أصلًا اليوم، بالتالي سيسرّع من تطبيق مخططات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية من خلال "شرعنة" البؤر الاستيطانية العشوائية وتسهيل مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة.

استهجان دولي

من جهتها، استهجنت العديد من دول العالم والمؤسسات الدولية وأدانت دولة الاحتلال لتماديها في عمليات بناء الاستيطان على مدن الضفة والقدس، ولأنها تضرب بعرض الحائط جميع المواثيق والأعراف الدولية.

ومؤخراً حذّر الاتحاد الأوروبي مساء الخميس "إسرائيل" من انتهاكها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة الأخيرة، داعية اياها لإعادة النظر في بناء 2191 وحدة استيطانية جديدة في الضفة المحتلة.

ووافقت اللجنة العليا للتخطيط في دولة الاحتلال، يومي 25 و26 ديسمبر كانون الأول، على بناء 2191 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات الإسرائيلية رغم عدم إصدار تصاريح بناء حتى الآن.

وادانت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها القرار الإسرائيلي الذي يوسع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية.“

وقالت الوزارة في بيان لها إن المستوطنات قوضت أسس حل الدولتين الذي يمثل ”السبيل الوحيد لضمان سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين وزادت التوتر“ داعية السلطات الإسرائيلية إلى إعادة النظر في القرارات.

ويعيش نحو 500 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهي المناطق التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 والتي يقطنها أيضا أكثر من 2.6 مليون فلسطيني.

والمستوطنات واحدة من القضايا الشائكة في الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات المجمدة منذ عام 2014.

قانون القومية

من ذات الإطار، ذكر عبد الهادي حنتش الخبير بشأن الاستيطان أن الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال أعطى الضوء الأخضر للتمادي في عملية الاستيطان، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لافتاً إلى أنَّ السبب الثالث وهو قانون القوميّة الذي تحدَّث عن أرض إسرائيل ولم يعطِ أيَّة حدود.

وقال حنتش لـ "النجاح الاخباري" فإن الاحتلال الإسرائيلي وضع الاستيطان رقم واحد بالنسبة لقانون القومية"، مشيرا في الوقت ذاته على أنَّ التغوّل الاستيطاني الذي يجري الآن هو ممنهج ومخطط له مسبقاً.

وأوضح أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة للتغول الاستيطاني في الضف من بينها أنَّ الحكومة الإسرائيلية أصدرت قبل عدَّة سنوات ما يسمى بتبييض الأراضي الفلسطينية، وهذا يعني عمليًّا إتاحة الفرصة لأيّ مستوطن أو جهة حكومية أن تصادر أي قطعة أرض أو تستولي عليها دون سابق إنذار.

وخلافاً عن التغول الاستيطاني، أشار حنتش إلى أنَّ هناك جرائم متزايدة من قبل المستوطنين تمثّلت في الاعتداء على أراضي وبيوت وممتلكات المواطنين الفلسطينيين، لافتاً إلى أنَّ سلطات الاحتلال تعرف بهذه المنظمات الإجرامية لكن دون أن تعتقلهم كمنظمات تدفيع الثمن.

وقانون القومية هو قانون إسرائيلي، صوت عليه الكنيست الإسرائيلي في 19 يوليو عام 2018 الجاري،  يُعرِّف إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.

وحدد أن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية في إسرائيل، وبه تفقد العربية صفة لغة رسمية، لكنها ستحظى بمكانة خاصة. كما يشير القانون إلى أن الهجرة التي تؤدي إلى المواطنة المباشرة هي لليهود فقط. ولاقى هذاالقانون إدانة دولية واسعة واشتملت على إدانات صدرت بين أوساط مجتمعات يهود الشتات حول العالم.

الخان الأحمر

وأثارت أحداث قرية الخان الأحمر ضجة كبيرة في وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية عام 2018، سيما قرار محكمة العليا الإسرائيلية خلال جلسة الالتماس، تنفيذ إخلاء وهدم القرية خلال أسبوع من قرارها.

في حين احتج المتظاهرون الفلسطينيون على هدم قريتهم، وأصيب واعتقل 35 فلسطينياً، وحصل سكان التجمع على قرار من محكمة الاحتلال العليا بتجميد قرار الهدم، ومنحت وزارة الحكم المحلي الفلسطينية المنطقة لقب قرية.


و"الخان الأحمر" قرية فلسطينية بدوية في محافظة القدس، تقع على الطريق السريع 1 شرق مدينة القدس، وبالقرب من مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، بلغ عدد سكانها عام 2018، حوالي 173 بدوياً من بينهم 92 طفل يعيشون في الخيام والأكواخ من قبيلة الجهالين البدوية، وهي من القرى الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وتكتسب القرية أهميتها الاستراتيجية لأنها تربط شمال وجنوب الضفة الغريبة، وهي من المناطق الفلسطينية الوحيدة والمتبقية في منطقة "E1"، وحديثاً قررت محكمة العدل العليا للاحتلال إخلاء وطرد سكان القرية.

الاستيطان الى المحكمة الجنائية

يعتبر الفلسطينيون الاستيطان من أكثر أسلحة الاحتلال الإسرائيلي فتكا بهم، والمهدد الأخطر لحلمهم في دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على حدودهم وفوق أراضيهم المحتلة عام 1967، كما يعتبرونه المنغص الدائم لحياتهم بسلبه للأرض وبسبب ما ينجم عنه من اعتداءات مستمرة.

ومنذ أكثر من ثلاثة أعوام وتحاول القيادة الفلسطينية من إدراج ملف الاستيطان ضمن الملفات التي ستتوجه بها إلى محكمة الجنايات الدولية، وبالفعل بعد حرب 2014 توجهت بثلاث ملفات وهي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وملف الاستيطان وملف الأسرى.

في حين أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية في يوليو 2018 أن الوزير رياض المالكي قدم رسيما إلى المحكمة الجنائية الدولية طلبا للتحقيق في الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وانضمت فلسطين إلى المحكمة الدولية في يونيو 2014، فيما تجري المحكمة تحقيقا مبدئيا منذ 2015 في جرائم مفترضة في الأراضي الفلسطينية منها الاستيطان الإسرائيلي.

وجميع المستوطنات في الأراضي المحتلة تعتبر غير شرعية بنظر القانون الدولي، وهي العقبة الأساسية أمام تحقيق السلام.

ويزيد عدد المستوطنين عن 600 ألف بينهم 400 ألف في الضفة الغربية، والباقون في القدس الشرقية المحتلة. ويعد وجودهم مصدر احتكاك وتوتر مستمر مع 2.6 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين منذ 1967.