وفاء ناهل - النجاح الإخباري - مازالت القاهرة تبذل جهوداً لإتمام المصالحة الفلسطينية، التي يأملها الشارع الفلسطيني الذي فقد الأمل في إتمامها جراء فشل المحاولات السابقة، خاصة الأخيرة التي انتهت باستهداف موكب رئيس الوزراء د. رامي الحمدالله ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج في غزة في 13 مارس الماضي، إلا أن الجهود الأخيرة للوفد المصري الذي زار غزة ورام الله عدة مرات، تستدعي من حركة حماس تنفيذ ما تم التوافق عليه في 12 أكتوبر 2017، بتمكين حكومة الوفاق الوطني للقيام بمسؤولياتها في القطاع كما الضفة الغربية لنجاح هذه الجهود.

ويرى محللون سياسيون أن كل المؤشرات في هذه الآونة إيجابية، نظراً للخطر المحدق بالقضية الفلسطينية، إضافةً للجهود المصرية التي تريد تخطى كل الأسباب التي أدت لفشل المصالحة خلال المحاولات السابقة، إضافةً لتأكيدهم على أن خطاب نتنياهو الأخير والذي وصفه مراقبون "بالحربي"، يشدد على أهمية إتمام المصالحة الفلسطينية، لمواجهة أي عدوان محتمل من قبل الاحتلال.

الجهود المصرية ستكلل بالنجاح

المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أكد في حديث لـ "النجاح الاخباري": أن الجهود المصرية هذه المرة ستتكلل بالنجاح ".

وتابع:" هناك أمل لدى الجانب المصري هذه المرة أن تتكلل جهودهم بالنجاح، وذلك لعدة اسباب أهمها أنه بات واضحاً، إذا ما تمت أي تهدئة مع الإسرائيليين، وتم توثيق هذه التفاهمات ما بينها وبين حماس، فستطوى صفحة المصالحة بالكامل ولن يعود لها أي مجال لتتحقق، ولذلك يبدو أن المصريين تحدثوا مع حركة حماس بأنه لن يكون هناك أي تفاهمات إلا بإتمام المصالحة".

وأضاف سويلم:" كما أن المصريين حاولوا تجسير الموقف ما بين حركتي فتح وحماس، ويبدو أن هناك تقدماً على هذا الصعيد، مستدركاً أنه رغم فشل الجولات السابقة إلا أنه الجهود المصرية هذه المرة مختلفة من حيث الضغط والمضمون والتوجهات، ما يعني أننا ربما سنشهد انفراجة على هذا الصعيد".

وحول مدى تأثير خطاب نتنياهو على سير المصالحة، قال سويلم:" للخطاب تأثير كبير، لأن الجانب الاسرائيلي لا يريد للشعب الفلسطيني أن يتوحد، ونتنياهو قالها بوضوح، فهم يخططون لتوجيه ضربة قاسمة لقطاع غزة، وانسحابهم من العدوان الأخير، كان لعدة أسباب أهمها أنهم لا يريدون دخول معركة قبل أوانها، كما أنهم ليسوا جاهزين حتى الان لدخول المعركة، كما أنهم لا يريدون أن يشعلوا خلافاً مع الإدارة الامريكية، قبل طرح ما تسمى صفقة القرن".

الفلسطينيون أمام خطر حقيقي

المحلل السياسي طلال عوكل قال في حديث لـ "النجاح الاخباري": هذه المرة وبعد (11) عاماً من المحاولات الفاشلة، الوساطة المصرية الان تريد أن تتجنب أي سبب من الممكن أن يقودها للفشل كما في محاولاتها السابقة".

وتابع:" كما أن هناك خطراً كبيراً وإستراتيجياً يحيط بالقضية الفلسطينية، ما يؤكد على ضرورة توحيد جهود كافة الأطراف لمواجهته، بالتالي نحن أمام مستجدين وهما التجربة وطبيعة المخاطر التي تحيط بشعبنا".

وفيما يتعلق بخطاب نتنياهو أضاف عوكل:" من الواضح أن الخطاب كان (حربياً) ومن الممكن أن يكون تأثيره على المصالحة إيجابياً، لأن السلطة الفلسطينية لن تنتظر الحرب لإتمام المصالحة، لتبدو وكأنها جاءت على ظهر الدبابة الإسرائيلية، كما أن المسؤولية الوطنية تقتضي أن تسير المصالحة ليتوحد الشعب بأكمله لمواجهة المخاطر المحدقة بقضيتنا".

فجوة كبيرة تواجه المصالحة

من جهته قال المحلل السياسي، د. عماد أبو عواد في حديث لـ"النجاح الاخباري": من الممكن أن نسمع هذه المرة صوتاً إيجابياً، وأن يكون هناك تحديداً لآليات عمل معينة".

وأضاف:" لكن أتوقع أن نصطدم بالواقع الذي يؤكد أنه من الصعوبة بمكان أن تكون المصالحة جدية، ولو كان هناك نوع من الإيجابية فهناك فجوة كبيرة من الصعب التغلب عليها إلا بوجود نوايا حقيقية، فهناك عوامل خارجية وداخلية تحاول إفشال كل الجهود التي تبذل لإتمام المصالحة".

المؤشرات ايجابية

لم يكن رأي المحلل السياسي هاني حبيب مخالفاً لمن سبقوه، فهو يرى أن هناك بعض المؤشرات التي تجعل هذه المرة مختلفة".

وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري": هناك مناخ جيد هذه المرة لإتمام المصالحة، وهذا ما ركز عليه الرئيس خلال كلمته قبل عدة أيام، عندما قال أن الطريق الى المصالحة سالكة، حيث أشار من خلال كلمته أننا على أبواب تقدم في ملف المصالحة، وهذا يدل على أن الرئيس لديه مؤشرات جعلته يصل الى قناعة أن قطار المصالحة سينطلق من جديد".

وأضاف حبيب:" لكن علينا أن نأخذ الامور بتحفظ نظرا للتجارب السابقة التي وصلت لطريق مسدود، ولإصرار حماس على عدم تمكين الحكومة وفقاً لإتفاق عام (2017)".

وحول خطاب نتنياهو، قال: " نظرياً يجب أن يوحد هذا الخطاب الحربي الفلسطينيين، فهناك تهديدات واضحة لقطاع غزة، ويجب أن يتم إزالة كل العقبات لكن للأسف شهدنا ثلاثة حروب ولم تكن كافية لإزالتها، لكن هذه المرة وربما بالتوازي من جملة المعطيات والجهود المصرية، من الممكن أن تستكمل الجهود وتوجه الأطراف نحو مصالحة حقيقية".

في ذات السياق، وجهت القاهرة دعوة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي للتباحث في ملفي التهدئة والمصالحة الفلسطينية، بعد جولة التصعيد الأخيرة في القطاع، وبعد زيارات عدة للوفد المصري برئاسة اللواء أحمد عبدالخالق للقطاع، ولقائه الفصائل الفلسطينية.

يشار إلى أن القاهرة تواصل جهودها الحثيثة للوصول إلى تفاهمات حول الإجراءات التنفيذية لعملية المصالحة ورؤية وطنية فلسطينية موحدة، حيث يؤكد الجانب المصري أن تحقيق الوحدة الفلسطينية وتولي السلطة الوطنية الفلسطينية لمهامها في غزة كما الضفة، مفتاح الدفع لعملية السلام واحياء المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، والتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وأمام الواقع الصعب الذي تعيشه القضية الفلسطينية، يبقى الأمل المنشود في أن تتكلل الجهود بالنجاح التام وطي صفحة الانقسام مرة واحدة وإلى الأبد.