غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - اول التعقيدات المتصلة بسيناريو "التطبيع" بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ودول عربية بما فيها خليجية برزت على ضوء الزيارة المفاجئة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سلطنة عُمان وذلك في ترجمة عملية لسلسلة تصريحات صدرت عن "تل أبيب" وبالتحديد عن نتنياهو والتي اكد فيها أن علاقة "اسرائيل" بالدول العربية تأخذ بعدا جديدا وأقوى من السابق في ظلِّ عدم التوصل لتسوية وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

فرض المقاطعة

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، د. واصل أبو يوسف أكَّد أنَّ الأولوية يجب أن تكمن في فرض المقاطعة مع الاحتلال الإسرائيلي وليس التطبيع معه.
وقال في تصريحات لـ "النجاح الإخباري"، الأحد: "يجب أن يكون هناك توجّه واضح تمامًا في الضغط على الاحتلال من أجل الانصياع لتنفيذ قرارات الشرعية الدوليَّة"، لافتاً إلى أنَّ حكومة نتنياهو حكومة مارقة لا تعترف بأيّ من هذه القرارات شأنها شان الحكومات  السابقة.

واعتبر أبو يوسف أنَّ أيَّة عملية تطبيع مع الاحتلال  تقدم في إمكانية الحديث عن تعنت حكومة الاحتلال، ومواصلة نهجها في عملية عدم تطبيق قرارات الشرعيّة الدوليّة وعدم إيجاد حلٍّ للقضية الفلسطينية، مشدّدًاً على ضرورة دعم حركة مقاطعة الاحتلال (BDS) وفرض عقوبات على الاحتلال وعدم التعاطي معهم.

وأشار إلى أنَّنا بحاجة إلى موقف جدي وحقيقي لتنفيذ القرارات العربية المتعلّقة في عدم بناء علاقة مع الاحتلال، وفي  استمرار دعم القضية الفلسطينية على المستويات كافّة، موضّحًا أنَّ القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الضهران وحملت اسم "قمة القدس"، وبالتالي "كان هناك مجموعة من القرارات التي تساهم في دعم القضية الفلسطينية.. وعدم إيجاد أيَّة نافذة لبناء علاقات مع الاحتلال حتى لا يستمد القوة"، كما قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أبو يوسف.
وكانت دولة قطر قد استضافت وفداً رياضيًّا من "إسرائيل" للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، وعبر الوفد الإسرائيلي عن سعادته بحفاوة الاستقبال وحسن الضيافة في قطر؛ حيث قال مدير الوفد، جاكى فيشنيا، في تصريح لموقع يديعوت أحرونوت "لقد تلقينا استقبالًا جيّدًا ونحن سعداء بالضيافة"، مضيفاً: "تمَّ معاينة العلم الإسرائيلي بالإضافة إلى تشغيل النشيد (حتيكفا) للتأكد من أنَّ كلَّ الأمور على ما يرام قبل انطلاق البطولة، حيث يمكننا الآن التركيز على المنافسة".

قمم عربية

من جهته، دعا أمين سرّ المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني "فتح"، ماجد الفتياني الدول العربية الشقيقة لإعادة النظر في تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، مطالبًا إيّاهم بضرورة الالتزام بقرارات القمم العربية، التي أكَّدت على عدم التطبيع مع الاحتلال دون الوصول إلى تسوية.

وأكَّد الفتياني في تصريحات لـ "النجاح الإخباري" أنَّ المبادرة العربية التي تمَّت في قمَّة بيروت عام (2002)، وتمَّ التأكيد عليها مؤخَّراً في قمة الضهران التي انعقدت في المملكة العربية السعودية أكَّدت على أنَّ حلَّ القضية الفلسطينية على أساس قيام دولة فلسطين، وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقًا لما جاء في المبادرة العربية هو شرط واجب النفاذ قبل البدء بأيّ علاقات مع دولة الاحتلال.

وشدَّد على أنَّ الالتزام بهذه القرارات هو الأساس قبل البدء بأيَّة علاقة ثنائية أو علاقات أوسع من ثنائية مع دولة الاحتلال، مؤكّدًا في الوقت ذاته على أنَّ أيَّة علاقة عربية مع دولة الاحتلال لها تأثير على القضية الفلسطينية في هذه المرحلة.

وقال القيادي الفتحاوي: " نحن نقول  للأشقاء العرب أينما كانوا أن يعيدوا النظر في هذه العلاقات ونؤكّد على موقف الأخوة العرب من قضية فلسطين والقدس العاصمة وحقوق شعبنا الفلسطيني، ونحّذر من هذا الانفتاح الذي فيه خطر على الأمن القومي العربي و اختراق للأبواب الخلفية".

علاقات مركزية

وفي الكثير من التصريحات التي أدلى بها رئيس حكومة الاحتلال اليمينية، يتباهي نتنياهو بتطبيع  العلاقات بين "إسرائيل" ودول عربية والتي وصفها بالمركزية، وأنَّ هذه العلاقات تتنامى وتتحقق على أرض الواقع بشكل مباشر أمام أعين الناظرين.

ومع تزايد التقارير في الصحافة الإسرائيلية والعالمية التي تتحدّث عن تسارع في توجّه دول خليجية للتطبيع مع إسرائيل، يحذّر المحلل السياسي هاني حبيب من تداعيات هذه الخطوة على القضية الفلسطينية، واستفادة الاحتلال منها.

وقال حبيب في تحليل خاص لـ "النجاح": "إنَّ العرب يرتّدون عن قراراتهم وعن مبادئهم وسياساتهم المعلنة"، لافتاً إلى أنَّهم أكثر الدول التي تحاول حصار الشعب الفلسطيني والشرعية الفلسطينية في الوقت الذي يجابه فيه الفلسطينيون صفقة القرن".

وأضاف، أنَّ هذا الأمر بحاجة إلى جهد شعبي عربي من أجل الوقوف في عملية التطبيع وعملية إدارة الظهر للمسؤولية العربية التاريخية عن القضية الفلسطينية، خصوصًا في ظلِّ هذا الوتر التي تحاكي فيه المؤامرات ضد القضية الفلسطينية".

وأشار إلى أنَّ  المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية في السابق كانت تجابه بجهد عربي وموقف عربي رسمي وشعبي، مستدركاً: " لكن هذه الأيام يطرح ترامب ما يسمى صفقة القرنوليس من فراغ، بل لأنَّه يعلم تمامًا أنَّ بعض الدول العربية ستكون مشجعة وربما لا تكتفي للتشجيع بل ستضغط على القيادة الفلسطينية من أجل الاستجابة مع معطيات هذه الصفقة التي من شأنها نسف القضية الفلسطينية".

وتابع المحلل حبيب: "على العرب على الأقل إذا لم يمدوا يد المساعدة للشعب الفلسطيني أن لا يضغطوا على الجانب الفلسطيني للرضوخ للمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية".

الجدير بالذكر، أنَّ دراسة إسرائيلية أكَّدت في وقت سابق أنَّ "إسرائيل" تتوفر لديها فرصة تاريخية لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية المعتدلة، في ظلِّ ما تشهده الآونة الأخيرة من اتساع شبكة المصالح المشتركة بين الجانبين، ونشوء حالات ناجحة من التعاون المشترك، ما من شأنه إعادة حلم التطبيع بينهما إلى الواجهة، من خلال إثارة أجواء من النقاش الحيوي في العالم العربي حول هذه القضية.