غزة - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - بعد أن ذاقت ويلات الحرب في مدينة إدلب شمال سوريا اضطرت اللاجئة الفلسطينية "يارا" وعائلتها للنزوح إلى دمشق كونها تعتبر منطقة أكثر أمنًا من بقيّة المناطق السورية التي استنزفتها الحرب.

أقارب عائلة يارا في غزَّة تواصلوا معها للاطمئنان عليها ومن ضمنهم فادي الغزالي (21) عامًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

مرَّت الأيّام وزادت العلاقة بين "فادي ويارا" لتتحوَّل تلك العلاقة إلى قصة حب لكنَّها لم تكن مفروشة بالورود، ففي بداية الأمر عارضت عائلة فادي ارتباطهما وعائلتها كذلك، وذلك بسبب بعد المسافات.

لكنَّهما حاربا معًا حتى رضخت العائلتان و تحقق مرادهما.

قصة حب "فادي ويارا" دامت أكثر من ثلاث سنوات، حاول "فادي" كثيرًا خلال تلك الفترة أن يجلب فتاة أحلامه من الدولة التي أصبحت ركامًا، لكن محاولاته المتكرّرة باءت بالفشل بسبب ظروف معبر رفح خاصة أنَّها سورية، ليتم بعد عناء السماح لها بالسفر إلى قطاع غزة.

يوم الأحد الرابع من نوفمبر أقامت "يارا" مع عائلتها في سوريا حفلة وداع، وارتدت فستانها الأبيض هناك.

بعد ذلك حملت امتعتها بما فيها الفستان الأبيض الذي يبلغ سعره ما يقارب (1200) دولار واتَّجهت إلى رحلة المعاناة مع السفر، لتصل بعد أربعة أيام قطاع غزَّة، وتحديدًا الساعة الثانية عشر من ليل الثامن من الشهر ذاته حيث استقبلها فادي وعائلته على بوابة معبر رفح.

حتى هذه اللحظة عاش الخطيبان أجمل أيام حياتهما، كيف لا ولحظة دخولها للقفص الزوجي لم يتبق لها سوى أيام؟!

يوم الإثنين الثاني عشر من نوفمبر دعت أم هاني وهي والدة فادي صديقاتها وأقربائها لحضور ترتيب ملابس العروس واعتلت معها صوت الأهازيج والزغاريد أرجاء الحيّ احتفالًا بالعروس.

لحظات معدودة وتحديدًا في الحادية عشر ومع ساعات المساء حدث ما لم يكن بالحسبان وتحوَّل صوت الزغاريد إلى صوت صراخ وعويل.

أم هاني تصرخ :" إخلاء ، إخلاء بدهم يقصفوا عمارة الرحمة" اتصال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على سكان المنطقة المجاورة لعمارة الرحمة التي تقع بملاصقة منزل فادي في حي النصر، مرَّت لحظات على الإخلاء لتلقي طائرات استطلاع الاحتلال تسعة صواريخ تبعها صاروخين من طائرات الـ (f16) الحربية حوَّلت المنزل وما حوله إلى رماد.

فادي وعائلته ذهبا لاحقًا لتفقد منزل الذي كان سيقطن به مع فتاة أحلامه بعد أيام ليجد غرفة نومه مدمَّرة ولا تصلح للعيش.

يقول لمراسل "النجاح الإخباري" :"من المقرَّر أن يتم عرسي يوم الأحد القادم الثامن عشر من نوفمبر والذي يصادف عيد ميلادي."

وتابع فادي قائلًا وهو ينفض الغبار عن بقايا أثاث غرفته: "لم يمض سوى أربعة أيام على قدوم خطيبتي من سوريا إلى غزَّة، أتت بعد معاناة كبيرة، فكان زواجنا بمثابة حلم، لكنَّه تحوَّل في لحظات إلى ركام".

وأضاف: "قمت بإزالة الغبار عن الفستان الأبيض الذي أحضرته خطيبتي من سوريا وعلقته على الخزانة الباقية داخل الغرفة لكي أوصل رسالة تحدي وصمود لما نعيشه وأن فرحنا سيكون عمَّا قريب رغم الدمار والخراب، مشيرًا إلى أنَّ آخر ما توقّعه حدوث قصف جوار منزله يدمّر عشّه وبقيّة حلمه.

 ليست المرة الأولى التي أكتوى بها فادي من الاحتلال فمصدر رزقه الذي تعلمه من والده وكان يعتاش منه دُمِّر أيضًا.

ففي عدوان (2014) تعرَّض محلَّه الذي كان يعمله به في صناعة الحلويات بمدينة بيت حانون لقصف ودمار.

وقال محمد الغزالي وهو والد فادي : "انتهينا من تجهيز الشقة لابني فادي بشراء جميع المستلزمات التي تلزمه، وكان ختامها تعليق زوجتي لملابس العروس استعداد للعرس بعد أسبوع.

وتابع قائلًا: "في تمام الساعة الحادية عشر من مساء يوم الإثنين جاءنا اتصال بضرورة إخلاء المنزل، هرعنا إلى الشارع بالملابس التي نرتديها لأنَّ العمارة التي تمَّ قصفها ملاصقة لمنزلنا.

عرس فادي تأجَّل، لكنَّ تعلقه بيارا أزداد ولن يتأجل، والفستان الأبيض سيظلُّ معلقًا شامخًا في غرفتهما لن ينزله فادي حتى تحين لحظة فرحهما، ليبقى شاهدًا على جرائم الاحتلال، ليجسدا محبة شعبين عربيين عريقين سوريا وفلسطين، طالبين العيش بسلام بعيدًا عن الدمار.