غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - تطلعوا إلى النجاح والتفوق، كدّوا وتعبوا وسهروا من أجل الحصول على الشهادة "الكبيرة"، وبالكاد استطاع آباءهم توفير مصاريفهم خلال الدراسة الجامعية.
خريجون كثر صدموا بالبطالة التي تفشَّت في قطاع غزَّة، فأصبحت الشهادة مجرّد حبر على ورق خطّوه بأغلى ثمن، تخصّصات كثيرة ومتنوعة ولكن أين سوق العمل لهؤلاء الطلبة الذين علّق مصيرهم في مهب الريح؟


الواسطة فقط !
"هبه أيش كنت أنا" حلمت بالتخرج من الجامعة بمعدل امتياز، فسهرت الليالي وتعبت حتى حققت حلمها، وتخرجت في جامعة الأقصى تخصص تربية فنية بمعدل يؤهلها للعمل، وفي حديث مع "النجاح" تقول هبة عن صدمة الواقع وفرحة لم تدم طويلًا:"حملت شهادة تعب وسهر 4 سنوات، وقصدت الوزارات والمدارس التي يمكن أن أجد لديها وظيفة شاغرة، تقدَّمت للامتحان التوظيف وكنت الأولى في كلّ مرّة، رقمي واحد وأنتظر في الطابور، فكانت المفاجأة بمعلمة غيري استلمت الوظيفة والسبب أنَّ لديها واسطة "كبيرة".

وأضافت هبة: " الواسطة ضيعت حلمي ومنحت حقي لغيري، واقع لا يعترف بالكفاءات ولا بالشهادات، فقط  من لديه واسطة هو الذي يعيش في هذه البلد، أنا ومن لم يتعلم ويتعب سواء، فلماذا ندرس؟"


وأشارت هبة لحلم راودها وأفاقت على كابوس مؤلم حالها حال الكثير من الطلبة والطالبات في غزَّة.


أفكار تراود الشباب
محمد قصة أخرى لشاب تكسّرت مجاديف حلمه في بحر الواسطات والمحسوبيات.
حلم أن يكون مهندسًا وله إنجازاته في بلده، شاركه والده الحلم المكلف، عمل وتعب  وشقي حتى " جمع القرش على القرش" ويدفع رسوم الدراسة لابنه، إلا أنَّ فرحته امتزجت بحزن عميق بعد أن انتهى به المطاف ليكون بائعًا في محل، يقول أبو محمد عن تجربة ابنه: "محمد من الطلاب النابغين والمتفوقين، ولطالما كان مصدر فخر لي وللعائلة، عندما كنت أسأل أساتذته عن مستواه الدراسي كانوا يشيدون برجاحة عقله وأخلاقه وكانوا يقولون إنَّ له مستقبلًا باهراً، ها نحن تفاجأنا بهذا المستقبل الذي لم يجلب لابني سوى الإحباط والهم".


وأضاف أبو محمد: "فرص العمل ضئيلة جداً في القطاع، ولا يستطيع شاب أن يظلَّ عاطلًا عن العمل، ابني محمد بحث كثيرًا، فلم يجد سوى العمل في سوبرماركت".
وأشار إلى أنَّ عمل محمد يساعد العائلة في ظلّ البطالة الموجودة، وقال إنَّه يرفض بشدة أن يسافر ابنه للخارج للبحث عن عمل في دولة عربية معلّلًا ذلك بقوله: "أنا صرفت عليك دم قلبي عشان تضل بينا نفتخر فيك وتخدم بلدك"، مضيفًا أنّه ندم بعد أن رآى الإحباط والتعب في وجه ابنه.


من الجامعة إلى الحلاقة
عصام خريج خدمة اجتماعية، يقول: "تقدَّمت بطلبات للعديد من المؤسسات للحصول على وظيفة تؤمن مستقبلي، ولكن للأسف كانت طلبات على الهواء" ويتابع بحزن وألم "لكي لا أكون عالة على أهلي، وخاصة بعد تخرجي، أعمل في مهنة الحلاقة لعلها تخفّف عني وعن أهلي العبء".


ويضيف: "لي زملاء تخرجوا معي ومستواهم مثل مستواي ولربما أنا الأفضل لكنَّ الواسطة خلقت الفرق فحصلوا على الوظيفة، والآن يعملون خلف مكاتب بينما أنا أصبحت حلاقاً"، ويتساءل: "ما فائدة تعليمي في الجامعة غير أنَّني أهدرت مال والدي في دفع الرسوم؟"


فرص العمل متوفرة للفتاة الجميلة!!
"سماح أحمد" خريجة صحافة وإعلام منذ عامين، ذكرت أنَّ فرص العمل متوفرة للفتيات أكثر من الشبان وتقول، إنَّ فرص العمل متوفرة للفتاة الجميلة وغير المحجبة، وأشارت إلى كثرة المؤسسات الإعلامية التي يمكنها استيعاب أكبر عدد من خريجي الإعلام، موضّحة أنَّ الازدواج الوظيفي يمنع ذلك، وأبدت استياءها من المؤسسات المحتكرة والمستغلة لقدرات الطالب والخريج في برامج التدريب.
آلاف الطلبة الذين يتخرجون من الجامعات الفلسطينية سنويًّا، يواجهون الواقع المؤلم الذي جعلهم رهن البيوت، أو في أماكن لا تناسب مجالاتهم، النداءات كثرت والآمال طالت، والطلبة يصرخون والآباء يستنجدون الحكومة بتوفير فرص عمل لأبنائهم بعيدًا عن الواسطة والمحسوبية التي تحرمهم حقهم في العمل وتقديم المشروعات البناءة التي تخدم الوطن والمواطن.