الخليل - أحمد زماعرة - النجاح الإخباري -  جريمة مكتملة الأركان ما بين جانٍ وضحية ووسيلة، طفت على السطح مؤخرًا لتتخذ من التكنولوجيا طريقًا وعرًا لها.

جرائم تختلف أهدافها وطرق ارتكابها، وحتى الفئات المستهدفة "الضحايا"، تجري في الخفاء وتتخطى المسافات وتجري منصات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها.

لهذا الغرض وللحد من قضايا الابتزاز والإشكاليات التي تهدد السلم المجتمعي تمَّ إنشاء وحدة الجرائم الإلكترونية في إدارة المباحث التابعة للشرطة الفلسطينية، وكذلك نيابة الجرائم الإلكتروينة.

وبخصوص ذلك قال مسؤول وحدة الجرائم الإلكترونية في شرطة الخليل الملازم أول معتصم العملة لـ"النجاح الإخباري": "يستغل البعض التكنولوجيا بشكل سلبي ما استدعى تدخل القانون والأجهزة الأمنية لمعاقبة كلّ جانٍ وكل من يستغل الآخرين، لذا تأسست وحدة الجرائم الإلكترونية عام (2013)، لمتابعة القضايا التي تندرج تحت إطارها، وحماية المواطنين من الوقوع في فخ الابتزاز بأشكاله المختلفة، وإلقاء القبض على كلّ من تسوّل له نفسه لاستغلال الآخرين من أجل تحقيق مآرب يطمح لها".

وأوضح العملة الجريمة الإلكترونية التي يعاقب عليها القانون بقوله: "هي أيَّة جريمة ترتكب عبر الشبكة العنكبوتية والإنترنت، واستخدمه بشكل يمس بالآخرين"، مبيّنًا أنَّ الجريمة الإلكتروينة لا تختلف عن الجريمة الواقعية المتعارف عليها، فالجريمة الإلكترونية وفق نص القانون هي مكتملة العناصر، فاعل وضحية ووسيلة.

وأردف قائلًا :"يجب توعيّة المواطنين حول الجرائم الإلكترونية وكيفيّة التعامل معها وتجنّب الوقوع فيها".

وأضاف أنَّ السب والشتم والتحقير، والتشهير وانتحال الشخصية، والنصب والاحتيال والترويج للمخدرات، واختراق الحسابات للأفراد بالإضافة للنوع المتعارف عليه وهو الابتزاز، كلها تندرج تحت مظلة الجريمة الإلكتروينة وكلّ من يرتكبها يعاقب تحت طائلة القانون".

وأشار أنَّ الابتزاز الإلكتروني رغم رواجه في المجتمع الفلسطيني إلّا أنَّ السب والشتم والتحقير والنصب الاحتيال تتفوق على قضايا الابتزاز من حيث عدد الشكاوي التي تتلقاها وحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة الفلسطينية.

وتابع في حديثه لـ"النجاح الإخباري": "في الآونة الأخيرة طفت قضايا النصب والاحتيال على السطح بشكل جلي، حيث يقوم بعض الأفراد ضعاف النفوس من قطاع غزة باستغلال الانقسام الداخلي، وانعدام سيطرة الأجهزة الأمينة على القطاع، باستغلال ثغرات معينة في مواقع التواصل الاجتماعي وسرقة حسابات لمواطنين من الضفة الغربية، وإرسال رسائل لأصدقاء مالك الحساب المخترق، من أجل تحويل أرصدة لأرقام هواتفهم الخلوية، و تبيّن من خلال متابعة وحدة الجرائم الالكترونية أنَّ  أغلب المخترقين هم وللأسف من سكان قطاع غزة."

وبيَّن أنَّ مؤشر التوعية لدى المواطنين ارتفع بشكل كبير حول الجرائم الإلكترونية التي تقع في المجتمع الفلسطيني، وأنَّ وحدة الجرائم تعقد ندوات التوعية والتثقيف في المؤسسات العامة والخاصة، وبعض القضايا التي كان سببها سوء استخدام الانترنت وصلت لقضية رأي عام، كما حصل في صور باهر في القدس المحتلة، قبل نحو شهر.

وعن الإمكانيات التي تملكها وحدة الجرائم الإلكترونية لمتابعة القضايا التي تتلقاها، أوضح "العملة" أنَّ الوحدة لديها مختبر جنائي ويديره ضباط مهندسون متخصصون في الحاسوب، لهم باع طويل في متابعة القضايا التي ترد للوحدة بمهنية عالية وكفاءة، ويد الشرطة ستصل من يرتكب مخالفات قانونية أو يستغل المواطنين.

وشدّد على أنَّ القانون الفلسطيني الرادع لمرتكبي الجرائم الالكترونية  من خلال وحدة الجرائم الالكترونية على تواصل تام ودائم مع نيابة الجرائم الإلكترونية وهي نيابة مخصّصة فقط لهذا النوع من الجرائم.

وأضاف أنَّه وفق قانون رقم (10) في سنة (2018) من خلال نصوصه شمل جميع الجرائم الإلكترونية، ووضع العقاب للجاني، وفي كل محافظة من محافظات الوطن وكلاء نيابة متخصصين في الجرائم الإلكترونية وحماية الأسرة، ونتيجة للتواصل الدائم عزّز السرعة في متابعة القضايا الواردة.

وأشار إلى أنَّ وحدة الجرائم الإلكترونية تلقَّت نحو(600) شكوى تتعلق بالجريمة الإلكترونية في محافظة الخليل، تمّت متابعتها، كان من ضمنها جرائم فاعلها من دول عربية مجاورة، تمَّ تبليغ "الإنتربول" بها، وتم التعامل مع الضحية وطمأنته نفسيًّا.

قضية ابتزاز

وسرد الملازم أوَّل معتصم العملة لـ"النجاح الإخباري" العديد من القضايا التي تعاملت معها وحدة الجرائم الإلكترونية في محافظة الخليل، بهدف توعية المواطنين ولتكون هذه القصص عبرة لهم، حيث تقدَّمت فتاة قاصر تبلغ من العمر (15 عامًا) بشكوى مفادها أنَّ علاقة وطيدة ربطتها بشاب مدّة سنة كاملة عبر مواقع التواصل، تبادلوا خلالها الصور، ولمّا قرَّرت الفتاة أن تضع حدًا لهذه العلاقة، بدأ الشاب عملية ابتزازها بالصور التي احتفظ بها، واستطاع أن يسحب منها مبلغًا بقيمة(10,000) شيكل، على دفعات، حتى قرَّرت أن تنقذ نفسها من الوحل الذي تعيشه، فتوجَّهت لوحدة الجرائم الإلكترونية، وتمَّ التعامل مع القضية وإلقاء القبض على الشاب وهو رهن الاعتقال.

ابتزاز وتهديد

وفي قضية أخرى تعاملت معها الوحدة قال العملة: "إنَّ آنسة تقدمت بشكوى لوحدة الجرائم الإلكترونية إذ تمكّن شاب من ابتزازها بمبلغ (40) ألف شيكل، و(200) غرام مصاغ ذهبي بعد أن حصل على صورها عبر التعامل الشخصي على الفيس بوك، وتمَّ إنهاء القصصة بعد متابعة حثيثة، وإلقاء القبض على الجاني، وتحويله لنيابة الجرائم الإلكترونية، لإنزال العقوبات بحقه وفق القانون.

قضية تحرش

كما تقدم طفل يبلغ من العمر (14 عامًا) بقضية مفادها أنَّ تعرض لابتزاز من قبل شخص تبيَّن فيما بعد أنَّه من المملكة المغربية، حيث صوّره عاريًّا وابتزازه على مدار فترة زمنية، وتعاملت معه وحدة الجرائم الإلكترونية من خلال تحويله لحماية الأسرة والأحداث، وتمَّ التعامل معه من خلال علاجه نفسيًّا من قبل متخصصين، وإخراجه من الحالة النفسية السيئة التي كان يعيشها.

ومن خلال موقع "النجاح الإخباري" أبرق الملازم أوَّل معتصم العملة مناشدات للحدّ من الجرائم الإلكترونية، وإيصال رسائل التوعية والتثقيف للمواطنين، وتجنب الوقوع في مصائد الوحوش البشريّة، موجّهًا مناشداته لأولياء الأمور لمتابعة أبنائهم ومراقبة حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لحمايتهم من أن يكونوا فريسة سهلة.

توصيات  الشرطة

كما ناشد المواطنين بضرورة تأمين حساباتهم الشخصية، وكذلك الهواتف الذكية التي يملكونها، وعدم قبول صداقة أشخاص مجهولين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكَّد على ضرورة التوجه لوحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة الفلسطينية في حال التعرض لأيّ ابتزاز أو إشكالية، مشدِّدًا على أنَّ السرية في التعامل مع هذه القضايا هي الأساس، لأنَّ سلوك الطرق القانونية يوفر الحماية للمواطنين ويحول دون الوقوع في المشاكل المادية والاجتماعية.