نهاد الطويل - النجاح الإخباري - أثارت (إقالة أو استقالة)  نيكي هيلي زَعيمَة دِبلوماسيّة "الحِذاء" الأمريكيّة والمعروفة بمعاداة الفلسطينيين والدَّاعِمة لجرائِم الحَرب الإسرائيليّة ردود فعل كبيرة وذلك بسبب ما شكلته مسيرتها الدِبلوماسيّة من البذاءة والعنصريّة.

وفي أول تعليق فلسطيني أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور أحمد مجدلاني أن استقالة نيكي هيلي اخذت طابعًا مفاجئًا بالنسبة للجميع.

ولا يستبعد مجدلاني في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري" الأربعاء أن تكون الاستقالة جاءت بسبب العزلة السياسية التي تعاني منها الإدارة الأمريكية مع المجتمع الدولي وكانت هيلي طرفًا أساسيًّا فيها.

ورأى مجدلاني أنَّ الخطوة قد تكون في سياق محاولة البيت الأبيض تحسين صورة "سيدة دوبلوماسيته" في المؤسسة الدولية، ناهيك عن موضوع الترتيبات المتعلقة بالانتخابات النصفية المقبلة.

مشيرًا إلى أنَّ قلة في الأمم المتحدة سيأسفون على رحيلها، أبرزهم الوفد الإسرائيلي في الأمم المتحدة.

وردًا على سؤال يتعلق بحدوث تغير في خطاب الدوبلوماسية الأمريكية لمن سيخلف هيلي، شدَّد مجدلاني على أنَّ استقالة هيلي من منصبها لا تعني أنَّ من سيَخلِفها سيكون أفضل منها.

"فالسياسة ستبقى واحدة بالنسبة لإدارة ترامب الداعمة لجرائم الحرب الإسرائيليّة، وهي سياسة في صلب البيت الأبيض" أضاف مجدلاني.

وكانت هيلي قد سجَّلت موقفًا عدائيًّا عندما هدَّدت جميع دول العالم الأعضاء بـالأمم المتحدة ضد من يصوّت ضد قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمنظمة، خاصة تلك المتعلقة بدعم إسرائيل بقولها :" "سنسجل الأسماء" و"سأضرب بحذائي من يخالف"!

الوجه الآخر للاحتلال

بدوره قال مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان علي هويدي: "إنَّ وجود نيكي هيلي في الأمم المتحدة لم يكن إلا الوجه الآخر للاحتلال الإسرائيلي، وتصريحاتها في هذا السياق منذ سنتين تكاد لا تعد ولا تحصى، خاصة فيما يتعلَّق بقطع الدعم المالي للأونروا كاستهداف لقضية اللاجئين أو الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

"ويكفي ردود الأفعال لكثير من قادة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو كتعبير عن حجم خسارة نفوذ إسرائيلي معاد للقضية الفلسطينية لم يسبق له مثيل في المنظومة الأممية"، أضاف هويدي لـ"النجاح الإخباري".

وشدَّد هويدي على أنَّه باستقالة هيلي تكون قد طويت صفحة سوداء من سجل تاريخ الأمم المتحدة، واستهداف القضية الفلسطينية.

إقالة أم استقالة

الروايات حول أسباب الاستقالة انتشرت في واشنطن كالنار في الهشيم، فور الإعلان عنها، منها أن السفيرة تركت منصبها للعمل في القطاع الخاص، سعياً وراء المال، "الذي تحتاج بعضه لسد كلفة التعليم الجامعي لأولادها".

وزعمت شبكة "سي إن إن" أن للسفيرة الأمريكية طفل في المدرسة، والآخر سيلحق به قريبًا، ما جعلها تشعر باحتياج كبير لجني المزيد من الأموال.

ومن الروايات أيضاً أنها أرادت الخروج قبل أن يجري فتح تحقيقات حول قبولها السفر عدة مرات على طائرات خاصة لرجال أعمال من ولايتها ساوث كارولينا، وبما يخالف الأنظمة السارية.

وفي أبريل / نيسان، وقعت هيلي نيكي في خلاف مع البيت الأبيض عندما قال أحد مساعدي ترامب إنها تسرعت في إعلان عقوبات جديدة على روسيا.

وكانت هيلي، وهي من عائلة هاجرت من الهند، من معارضي ترامب في حملته الانتخابية، عندما كانت هي حاكم ولاية ساوث كارولينا.

وبدأت الخلافات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما أكدت السفيرة على وجوب حفظ حق المرأة في عرض قضيتها عندما تتعرض لمضايقات وتحرشات غير لائقة، وكانت بذلك تتحدث عن الممثلة ستورمي دانيال، التي رفعت شكوى ضد ترامب يعود موضوعها إلى علاقة سابقة مزعومة لها معه. 

ملاحظتها أثارت استياء البيت الأبيض، الذي رد عليها آنذاك بملاحظة قاسية ردت هي عليها بالمثل.

كما قالت في وقت سابق إن التصريحات التي يدلي بها ترامب قد تشعل حربا عالمية. 

ومن الأسباب المتداولة كذلك أن هيلي أرادت الابتعاد مبكراً عن البيت الأبيض قبل صدور تقرير التحقيقات الروسية، الذي قد يخلق تحديات ومتاعب كبيرة لرئاسة ترامب.

في هذا الإطار علق الكاتب والمحلل السياسي فكتور شلهوب القصة الراجحة لاستقالة هيلي تتحدث عن تراكم حساسيات وتباين في بعض المقاربات، أدت إلى نوع من التنافر بينها وبين البيت الأبيض، وبالنهاية إلى الافتراق.

ويكاد يجمع المراقبون على أن طموح هيلي الرئاسي (إن لم يكن في 2020 فسيكون في 2024) كان أحد الاعتبارات التي حملتها على الاستقالة، خاصة أن هناك قوى من المحافظين الجدد، ومن أنصار إسرائيل وكتل الضغط التي تمثلها، تعمل على دفعها وبقوة إلى حلبة الرئاسة. 

ووعد  الرئيس ترامب في مؤتمر صحفي ظهرت فيه هيلي بتعين بديل في غضون أسبوعين أو ثلاثة، والأرجح أن يؤجل اختياره إلى ما بعد الانتخابات.

ويرجح شلهوب  أن يكون السفير الجديد، أحد الصقور من طراز هيلي، لكن من المحسوبين على خط بولتون وترامب في النظرة إلى الأمم المتحدة والتعامل معها.

وأخير يكفي التذكير بما قالته هيلي في مؤتمر "الإيباك" رأس حِربَة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الذي انعَقد في نيسان (إبريل) الماضي "أنا أرتدي حِذاء ذا كَعبٍ عالٍ ليس مِن أجلِ المُوضة، ولكن أركُل أيَّ شَخصٍ يُوجِّه انتقادًا لإسرائيل".