وفاء ناهل - النجاح الإخباري - في الوقت الذي ينتظر فيه الشارع الفلسطيني تطبيق اتفاق المصالحة وتمكين حكومة الوفاق الوطني في قطاع غزة كما في الضفة الغربية، للنهوض بالقطاع الذي يعاني ظروفاً مأساوية، والتصدي معاً لصفقة القرن، لجأت حركة حماس التي تسيطر على القطاع إلى خيار التهرب من المصالحة والقبول بمسكنات أمريكية بمال عربي تحدث عنها سابقاً المبعوث الأمريكي لعملية السلامة جرينبلات بضرورة تحسين الوضع الإنساني لقطاع غزة، وهو ما تم بضخ مساعدات للقطاع عبر الأمم المتحدة.

ورغم رفض الفصائل الفلسطينية كافة، لتحويل الواقع في قطاع غزة إلى وضع إنساني لما له من انعكاسات سلبية على القضية إلا أن الحراك الحمساوي لم يلق بالاً لموقف الفصائل بذريعة أنها لن تدفع أثمان سياسية مقابل هذه التسهيلات رغم أن الجميع يدرك أنها تأتي في إطار المشروع الأمريكي المسمى بصفقة القرن، لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وهو الحل الإسرائيلي الذي فشل على مدار السنوات الماضية.

محللون سياسيون أجمعوا على أن هذه المساعدات لن تكون نتائجها في المحصلة خدمة للفلسطينيين وإنما التفاف على حقوقهم المشروعة.

وفي هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل لـ "النجاح الإخباري": "إن هذه المساعدات عنوان سياسي متكامل مع السياسة الإسرائيلية التي تحاول الوصول لتهدئة لتأهيل غزة لتكون الدولة الفلسطينية، وهي لا تهتم بالقضايا الإنسانية فالمهم للاحتلال استغلال الظروف الحالية وهذا عنوان الحلقة المطروحة على الطاولة من صفقة القرن وهي تحت عنوان"غزة".

وتابع: "الموضوع ليس مساعدات إغاثية في قطاعي الكهرباء والصحة والبيئة والحياة العامة، فهذه مشاريع كبيرة بما فيها ميناء ومطار وغير ذلك، وما هي إلا مقدمات لإعادة بناء البينة التحتية لغزة من أجل فصلها عن الضفة، والولايات المتحدة وإسرائيل تريدان تنفيذ هذه الخطة بشكل عاجل، وخاصةً بعد التصريح الإسرائيلي اليوم، ومفاده"سنرى كيف ستتعامل حماس بعد إدخال السولار بما يتعلق بمسيرات العودة، فهم يتوقعون أن تخفف حماس من التصعيد كلما تم إدخال مساعدات إلى غزة، لان الاحتلال يريد أن يسود الهدوء النسبي".

وأضاف عوكل: "المصالحة هي  الخيار الوطني والأفضل مقابل الخيار الأمريكي الإسرائيلي، ومنذ فترة ونحن نحذر من أننا أمام خيارين إما المصالحة والتي ستمكننا من مواجهة صفقة القرن، وإما الخيار الأمريكي الإسرائيلي الذي يسعى للدخول من باب المؤسسات الدولية، فعندما يعاني أي مكان من مشكلة كهرباء لا مجال لرفض الحلول، فهذه سياسة الأمر الواقع وهذا الأمر في غاية الخطورة إذا لم يذهب الفلسطينيون للمصالحة وأخذوا بالخيار الوطني، فعندها الخيار الأمريكي - الإسرائيلي سيتقدم".

وحول الثمن لهذه المساعدات قال: "غزة لن تدفع ثمناً سياسياً بشكل مباشر لكن الضرر سيلحق بكل الشعب الفلسطيني، بما فيها المشروع والمؤسسات الوطنية، فالموضوع أبعد بكثير من الثمن الذي نراه اليوم، فالكل يقول لن ندفع ثمناً سياسياً ونحن ضد صفقة القرن، لكن بالواقع السياسة الأمريكية الإسرائيلية تفرض على الفلسطيني وقائع تعمل على فصل غزة وتدمير المشروع الوطني".

الحل الوحيد هو المصالحة

من جهته قال المحلل السياسي جهاد حرب: "لا اعتقد أن أيًّا من المساعدات التي تقدم لغزة عبر إسرائيل أو أي دولة أخرى قد تنهي المعاناة التي يعيشها القطاع، فالمدخل  الصحيح لإنهاء ما يعانيه قطاع غزة، هو الذهاب لوحدة وطنية من أجل ترتيب البيت الداخلي، وإحداث نقلة نوعية فيما يتعلق بحياة  الفلسطينيين بغزة".

وحول عدم توجه حماس لخيار المصالحة وهو الخيار الأسهل لحل الأمور العالقة  كافة، تابع في حديثه لـ "النجاح الإخباري": "حماس لا تريد إنهاء سيطرتها على الحكم في غزة، وتريد تقاسم الحكم والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا الأمر كان واضحاً خلال الأشهر الماضية، بأن الخطر الداهم على القضية الفلسطينية لا يعني حماس بشيء، وكل ما يهمها الاستمرار بالتمسك بالحكم والسيطرة والنفوذ".

وأضاف حرب:" الثمن لهذه المساعدات سيدفعه الشعب الفلسطيني بأكمله، فالقضية الفلسطينية والمشروع الوطني ستتأثر، إضافةً لاستمرار الحصار على غزة، والإبقاء على بعض المساعدات التي تعتبر مجرد مسكنات لما يعيشه الشعب الفلسطيني".

استدارة أمريكية

المحلل السياسي هاني حبيب، أكد أن ما يطرح بشأن مساعدات أمريكية لغزة عبر مؤسسات دولية هو شكل من أشكال الاستدارة الأمريكية المتعلقة بالجانب السياسي،  كحق العودة والأونروا ووقف الدعم لها، فهي هنا تحاول الاستدارة على  الطابع السياسي لإجراءاتها، باتجاه الطابع الاقتصادي وهو ما سمي سابقاً بالحل الاقتصادي وتعتبر المساعدات الأمريكية عبر الأمم المتحدة شكل من أشكال تحويل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لطابع اقتصادي إنساني بدل السياسي كما هو عليه الأمر بالفعل".

وتابع خلال حديثه لـ"النجاح الاخباري": "الحلول كافة ذات الطابع الإنساني بدون إنهاء الاحتلال، في أفضل حالاتها هي حلول مسكنة ومخدرة ليس أكثر".

وأضاف حبيب: "فيما يتعلق بالمصالحة فالخلاف يكمن بأن السلطة الفلسطينية تريد إنهاء الانقسام والوضع المتأزم على الصعيد الداخلي، فيما تعتبر حماس إنهاء الانقسام أمراً ثانوياً والأهم بالنسبة لها التوصل لاتفاق مع الاحتلال حول التهدئة، وفي حال تم التوصل لمصالحة ستنتهي الخلافات كافة وتعود الأمور لما كانت عليه قبل الانقسام".

وحول الثمن لهذه المساعدات قال: "هناك رابط كبير بين المساعدات والمساعي الأمريكية لفصل غزة عن الضفة في سياق صفقة القرن،  باعتباره جزء أساسي من مخطط الإدارة الأمريكية لكي لا تتيح للسلطة الفلسطينية التواجد بغزة والثمن سيدفعه الشعب الفلسطيني بأكمله".