عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - ميناء في "قبرص" ومطار في "إيلات".. هذه أقصى أمنيات حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة من التهدئة التي تجري مشاوراتها بطريقة غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل الحديث المتسارع عن قرب إعلانها رغم رفض غالبية الفصائل لها لأنها لا توقف ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات يومية ضد الفلسطينيين، وإنما تحقق أماني حزبية ضيقة لحماس.

وتحاول حماس الإسراع إلى التوصل لهدنة مع الاحتلال الإسرائيلي، بعيداً عن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني "منظمة التحرير الفلسطينية" من أجل بسط سيطرتها التامة على غزة المحاصرة لأكثر من 12 عاماً، الأمر الذي ترفضه القيادة الفلسطينية وأغلب الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة الجهاد الإسلامي التي تربطها علاقة قوية مع حماس.

محاولة "لهث" حماس لـ"تهدئة الفصل" مع الاحتلال بعيداً عن المنظمة يراه البعض بأنه تكريساً للانقسام، وتمريراً لصفقة القرن الأمريكية، من أجل فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، فيما تراه بعض "الأحزاب الصغيرة" في غزة والتي أنشأتها حماس بعد الانقلاب عام 2007، بأن التهدئة لا بد أن تتم بالمنظمة أو بدونها، من أجل تحسين الوضع في غزة، على حد تعبيرها.

إشراك المنظمة

أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. صائب عريقات، جدد تأكيد موقف القيادة الفلسطينية والذي يؤيد تهدئة وليس ضدها، مشدداً على أنهم " مع الحفاظ على كل قطرة دم الفلسطينية".

وأشار عريقات في حديثه لـ"النجاح" إلى أنه ليس من حق أي فصيل أن يعمل مفاوضات أو تهدئه لوحده مع الاحتلال الإسرائيلي، لافتاً إلى ضرورة إشراك منظمة التحرير وكافة الفصائل في أي عملية تهدئة قادمة.

وقال " في عام 2014 تمت تهدئة شاملة بين منظمة التحرير بكافة فصائلها وبحضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي وعبر الوساطة المصرية للتوصل إلى تهدئة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، مؤكداً في الوقت ذاته على أنه لا أولوية فوق أولوية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية حالياً.

فيما وجه عريقات دعوته لجميع الفصائل للتعاون مع الجانب المصري الذي يرعى حوارات ومباحثات المصالحة الفلسطينية، مضيفاً أنه في حال لم يساعد الفلسطينيين بعضهم البعض لن يساعدهم أحد، على حد قوله.

وترعى العاصمة المصرية "القاهرة" الفترة الحالية مفاوضات غير مباشرة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي لتوقيع اتفاق تهدئة بشأن قطاع غزة، وتسعى إلى تثبيت اتفاق لوقف إطلاق النار يستند إلى اتفاق عام 2014 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على أن يفتح الاتفاق الجديد المجال لاتفاق لاحق حول صفقة تبادل أسرى وإقامة مشروعات كبيرة في قطاع غزة.

في حين اعترف مسؤول حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار أن السقف الزمني للوصول إلى تهدئة بين حركته والاحتلال الإسرائيلي "ليس طويلًا".

وقال السنوار بأنه سيكون خلال أسبوعين ورقة حول التهدئة، متوقعًا أن يكون تحسن ملموس في رفع الحصار حتى منتصف أكتوبر القادم.

عمل وطني

من جهته، اعتبر عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة فتح، ومسؤول وفد القيادة الذي يرعى مباحثات المصالحة مع القاهرة، عزام الأحمد، أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المخولة بإجراء مفاوضات من أجل توقيع تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وجدد الأحمد خلال حديث سابق مع "النجاح" أن التهدئة عمل وطني وليس فصائلياً، مشيراً إلى أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية عديدة تقوم بعملية التهدئة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف أن هذه الأطراف تحاول خلط الأوراق في مرحلة في غاية الأهمية في الوقت الحالي، لافتاً إلى أن هناك من يلعب لوحده وليس جديداً اللعب على بعض الأطراف التي تحب اللعب لوحدها خارج الصف الوطني"_في إشارة إلى حركة حماس.

هذا ويصل اليوم السبت وفد من جهاز المخابرات العامة المصرية، رام الله للقاء الرئيس محمود عباس والقيادة.

وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، أن الوفد المصري سيضع الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية في أخر المستجدات، كما سيتم التشاور لاستكمال مباحثات المصالحة الفلسطينية الداخلية.

وأكد الشيخ، أن حركة فتح جاهزة ومبدية استعدادها لتنفيذ أي خطوات يتم الاتفاق عليها من شأنها إنهاء الانقسام، وتجاوز العقبات التي تواجه مسار المصالحة.

تداعيات خطيرة

في السياق، يرى المحلل السياسي، مخيمر أبو سعدة- أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن حماس تعتبر المصالحة لن تتم، لذلك ستلجأ لخيار التهدئة، من اجل تحسين الوضع في قطاع غزة، حسب اعتقادها.

وبحسب تحليل أبو سعدة لـ"النجاح" فإنه في حال ذهبت حماس لتوقيع اتفاق تهدئة لوحدها دون إشراك فتح ومنظمة التحرير، فسيكون تداعياته خطيرة جداً، مؤكداً أن هذا سيؤدي أولا إلى تكريس الانقسام بين الضفة وغزة.

وأضاف " سيقضي هذا الاتفاق على مستقبل القضية الفلسطينية، والذهاب نحو فصل غزة عن الضفة، وهذا هو المشروع الأمريكي الإسرائيلي القائم"، لافتاً إلى أن حركة فتح تريد انجاز المصالحة أولاً، حتى يتسنى إشراك جميع الفصائل بما فيها المنظمة في أي عملية تهدئة بعد امام المصالحة.

وتابع المحلل أبو سعدة " مصر تسعى الآن من أجل المصالحة، وهناك وفداً سيزور رام الله اليوم، لذلك جهود المصالحة لن تفشل وطرقها غير مسدودة"، متسائلاً "لكن هل حماس تريد التوقيع على اتفاق مصالحة؟ أم أنها ستذهب نحو التهدئة لوحدها؟!

وكان خليل الحية نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، أعلن عن قرب التوصل لاتفاق تهدئة مع إسرائيل.

وقال الحية "باعتقادي نحن قريبون من اتفاق" للتهدئة مع إسرائيل.

وأمام الإجماع الفلسطيني على أن أي تهدئة مع الاحتلال تتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية تكرس الانقسام وتعزز فصل الضفة عن قطاع غزة، يبقى السؤال المطروح لماذا لا تلتزم حماس بالاجماع الوطني على الموقف من التهدئة؟ أم أن مصلحتها الحزبية أهم من المصلحة الوطنية؟.