أسامة الكحلوت - النجاح الإخباري - بصعوبة تمكن أربعة رجال من السيطرة على الطفل محمد عماد، وتثبيت جسده على سرير الشفاء في مستشفى الاقصى وسط قطاع غزة، بعد استنشاقه الغاز خلال مشاركته في مسيرة العودة، ودخوله في غيبوبة منذ يوم الجمعة الماضي حتى هذه اللحظة.

فكل زائر لمحمد يأتي لمواساة والده على حال ابنه، يستغله والده بمساعدته على تثبيت ابنه نتيجة التشنجات المستمرة التي يتعرض لها طفله، بعدما انهكه التعب من شدة المتابعة والتثبيت.

بحسرة وألم يجلس هاني عماد، والد الطفل محمد الذي استنشق الغاز الاسرائيلي بشكل مباشر شرق البريج، بجانب سرير طفله يحاول السيطرة عليه في اوقات التشنج، والرد على اتصالات الاقارب الذين يتواصلون معه بكل لحظة للاطمئنان على محمد.

ويشارك محمد في مسيرات العودة منذ انطلاقها منتصف مارس الماضي، للدفاع عن ارضه وارض أجداده، فلم يسجل جمعة واحدة بدون حضوره شرق البريج، بجسده الصغير وعقله الكبير.

محمد تخطي الـ 15 من عمره، وهو الثالث لوالديه، لكنه المميز والمحبوب لقلب والده، والذي يعتبره نسخته وصورته في الحياة، وكلاهما يكمل الأخر.

ويقول والد الطفل محمد:" اصيب طفلي في مسيرات العودة ثلاث مرات، الاولى طلق ناري في يده واضطر الاطباء لتجبيرها، ورغم ذلك شارك في المسيرة، والثانية بقنبلة غاز في صدره، واضطروا حينها لإغلاق جرحه بثمانية غرز، وهذه المرة اصيب باستنشاق الغاز بشكل مباشر".

ويرقد محمد في مستشفى شهداء الاقصى منذ يوم الجمعة الماضية، حتى هذه اللحظة بدون تحسن يذكر على صحته، بعدما استنشق كميات كبيرة من الغاز.

ويستذكر والد محمد بعض الكلمات التي كان يقولها طفله له قبل الذهاب لمسيرات العودة:" احنا محاصرين ومخنوقين في غزة، ولما اروح على مسيرات العودة ما بأصدق نفسي، لاني باشوف ورا السلك الاشجار والأراضي الحلوة والمساحات الواسعة، وأنا مشتاق ادخل هذه الاراضي ونرجع لأرضنا، ونطش فيها".

وبحسب رواية أصدقاء محمد لوالده عن اللحظات الاخيرة له شرق البريج، فقد اقتحم محمد السياج الفاصل، ووصل موقع أبو مطيبق الاسرائيلي شرق البريج برفقة اعداد كبيرة من  المتظاهرين.

وفجأة بعد استدراك الاحتلال لاقتحام الشبان للسياج والوصول للمناطق الحساسة، خرجت دبابة من الموقع العسكري وحاولت محاصرة الشبان، وأطلقت النار عليهم بكثافة من الاعيرة الثقيلة، رافقها خروج لطائرة صغيرة القت قنابل غاز بكثافة على المتظاهرين، وهنا استنشق محمد الغاز، وتمكن بعض الشبان من حمله على اكتافهم والوصول به الى السياج الفاصل، لتمكين رجال الاسعاف من الوصول اليه.

ووصل يوم الجمعة الماضية عشرات حالات الاختناق بالغاز لمستشفى شهداء الاقصى بعد اقتحامهم للسياج الفاصل، فيما توالت عشرات الاصابات في مناطق حساسة للشبان مع اقتراب مغيب شمس يوم الجمعة، في اللحظات التي بدأ فيها الشبان باقتحام السياج الفاصل.

ويلفت والد محمد، الى ان جميع حالات الغاز التي تصل المستشفيات، يتم علاجها على الفور، لكن حالة محمد شكلت صدمة كبيرة لطواقم وزارة الصحة والصليب الأحمر، لعدم استجابته للعلاج حتى الان منذ يوم الجمعة، حيث استمر في غيبوبة متواصل لأكثر من ثماني ساعات، ومن ثم دخل في حالات غيبوبة متقطعة، مع حالة تشنج مستمرة.

ويضيف:" اليهود بيقتلوا القتيل وبيمشوا في جنازته، وأصابوا ابني وأمطروه بالغاز وشنجوه، ويرفضوا الان ادخال العلاج الى قطاع غزة، ولذلك يتقطع جسمي وعقلي الف مرة في الدقيقة عندما ارى طفلي يتألم ولا استطيع علاجه، ولا تقديم اي مساعدة له".

وأكد ان طفله محمد اصيب بتشنج من لحظة استنشاقه للغاز، وبدأ بإخراج سوائل من فمه، كالحالات التي كانت تعرض على التلفاز حينما يتم القاء القنابل والغاز على المتظاهرين في سوريا.

ويتابع:" جسد محمد مشبع بالغاز السام بعد استنشاقه لكمية كبيرة، والتسمم وصل الى كافة اعضاء جسده بما فيها الدم، والأطباء ابلغوني بأني طفلي يعيش الان على المسكنات، وأقوم بشراء الادوية على نفقتي الخاصة في سبيل راحة طفلي وشفاؤه، برغم انني عاطل عن العمل ولا يوجد مصدر دخل لي".