عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - لم يفرق الاحتل الإسرائيلي بين حجر وشجر وبشر، فجميع الفلسطينيين أمامه سواء، سواء كانوا طواقم طبية أو صحفية أو أطفال وشيوخ ونساء، وهم ما بدا واضحاً للعالم من خلال ما وثقته عدسات الصحفيين الفلسطينيين، خلال مسيرات العودة التي انطلقت في 30 آذار مارس الماضي، حيث تم قنص المسعفين والصحفيين والأطفال والنساء، ليرتقي بعضهم شهداء، ويصاب البعض الآخر، فيما الآخرون ينتظرون مصيرهم، في الوقت الذي كفلت فيه القوانين والمواثيق الدولية الحق في التظاهر السلمي وحماية الطواقم الطبية والصحفية وقت النزاعات المسلحة.

فمنذ بداية مسيرات العودة استشهد الصحفي ياسر مرتجى بعد أن أطلق جندي إسرائيلي رصاصة قاتلة عليه، وبعده الصحافي محمد أبو حسنين، ومن ثم الممرضة المسعفة رزان النجار التي لا تزال سيرتها العطرة تحاك في كل أزقة وحارة في غزة، وليس أخيراً الشهيد المسعف عبد الله القططي الذي استشهد أمس الجمعة.

السلاح الذي يستخدمه الاحتلال لقمع مسيرة العودة ليس كأي سلاح، فالرصاصة التي تطلق على الفلسطيني المشارك في تلك المسيرات مصوبة بدقة بأماكن قاتلة وحساسة، حتى تصيب أكبر عدد من هؤلاء العزل.

الصحة في غزة اتهمت الاحتلال الإسرائيلي بتعمد قنص المتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة وإصابتهم في أماكن قاتلة وحساسة، مما ساهم برفع عدد الشهداء والمصابين خلال مسيرات يوم الجمعة شرق القطاع.

وقال الناطق باسم صحة غزة، أشرف القدرة إن طبيعة ونوعية الاصابات التي وصلت للمستشفيات في الجمعة ال 20 لمسيرات العودة وكسر الحصار امس شرق قطاع غزة تدلل على ان قوات الاحتلال الاسرائيلي تعمدت القنص المباشر للمواطنين في الاماكن القاتلة والحساسة من الجسم باستخدام متنوع للاعيرة النارية مما رفع عدد الشهداء الى 3 شهداء وإصابة 307 مواطنين منهم 28 طفلا ولا زال 5 من الجرحى بحالة خطيرة".

وأوضح القدرة أن قوات الاحتلال ركزت استهدافها للطواقم الطبية رغم وضوح شاراتها الطبية المعرفة دوليا فأقدمت على قنص الشهيد المسعف المتطوع عبد الله القططي برصاصة قاتلة جهة القلب اثناء تأدية عمله الانساني مع فريقه التطوعي في اسعاف المصابين شرق رفح وهم يرتدون المعاطف الطبية.

وأضاف "بالاضافة الى اصابة 5 مسعفين بجراح مختلفة واطلاق النار صوب سيارات الاسعاف وتعرض حياة طواقمها الطبية للخطر المباشر وكذلك استهدفت 2 من الصحفيين رغم شاراتهم الصحفية الامر يستدعي من المجتمع الدولي ومؤسساته الانسانية والحقوقية العمل الفوري على وقف الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة بحق شعبنا الاعزل وفقاً للقانون الدولي الانساني و اتفاقية جنييف الرابعة".

شلل المصاب

الشاب داوود أبو ندى (27 عاماً) يشارك كل يوم في مسيرة العودة شرق جباليا شمال القطاع، لكن قبل نحو أسبوعين أصيب برصاصة اخترقت قدمه اليسرى ومن ثم أصابت اثنين آخرين معه.

يقول أبو ندى لمراسل "النجاح": جميع الإصابات التي أصيبت خلال مسيرة العودة إصابات في القدم لشلل المصاب، حيث يقوم القناص الإسرائيلي بالدقة في التصويب".

ويضيف " الطلق الذي أصابني أصاب إثنين آخرين في القدم أيضاً، وأنا الآن انتظر سفري إلى مصرلعلاج قدمي بعد أن قطع الشريان المغذي للقلب في تلك الإصابة"، مشيراً إلى أن الاحتلال يستخدم أسلحة جديدة لقمع المشاركين في مسيرات العودة، حسب قوله.

ويناشد المصاب أبو ندى الجهات الرسمية والمسؤولة للعمل على إجراءات سفره بأقصى سرعة ممكنة، كي يتم معالجة قدمه التي لا يكاد أن يمشي من خلالها من شدة الوجع الذي ما زال يشعر به حتى الآن.

وكانت سفارة دولة فلسطين في القاهرة، أفادت بأن جهود الجانبين المصري والفلسطيني مازالت مستمرة من أجل التنسيق بين مستشفيات جمهورية مصر العربية والجرحى الفلسطينيين الذين يصلون من قطاع غزة إلى مصر لتلقي العلاج.

وأوضحت السفارة في بيان صحفي صدر عنها، اليوم السبت، أنه لا صحة للشائعات التي تدعي نية تقليص أعداد الجرحى الوافدين إلى مصر، مؤكدة القرار القيادي المصري الذي يقضي بفتح أبواب المستشفيات المصرية للجرحى الفلسطينيين لتلقي علاجهم منذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة خلال مسيرات العودة السلمية، وحرص القيادة الفلسطينية على معالجة جرحانا ومتابعة أوضاعهم الصحية حتى شفاءهم التام والعودة إلى الوطن سالمين معافين.

 

استهداف الصحافيين

من جهته، أفاد المصور الصحفي حسن الجدي بأن مشاركة الصحفيين في مسيرة العودة لتغطية الاحداث أصبحت في غاية الخطورة، معللاً ذلك بأن جنود الاحتلال يستهدفون الصحافيين بشكل كبير.

وأشار الجدي في حديثه لـ"النجاح" إلى أن عدد كبير من الصحافيين تم إصابتهم خلال تغطيتهم لمسيرات العودة شرق قطاع غزة، منوهاً إلى أن الكثير منهم الآن يجلس في بيته لعدم مقدرته على الحركة.

وقال "بالرغم من أننا نلبس بزة الصحافة إلا أن الجندي الإسرائيلي لا يفرق بيننا كصحافيين من مواطنين"، منوهاً في الوقت ذاته إلى كمية قنابل الغاز الذي يقوم بإطلاقها تجاههم لتشتيتهم للقيام بمهامهم.

وأكد الصحفي الجدي على مواصلتهم في عملهم وتغطية كافة الأحداث وفضح جرائم الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل، بالرغم مما يقوم به ضد الصحافيين.

ومنذ اليوم الأول من انطلاق مسيرات العودة في الـ 30 من مارس الماضي، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 138 مواطنا، من بينهم 18 طفلا، و2 من النساء، و2 صحفيين، 2 مسعفين، و3 من الأشخاص ذوي الإعاقة، وأصابت 16100 مواطن، من بينهم 2600 طفل، 1200 من النساء، 184 من الصحفيين، 332 من المسعفين والأطقم الطبية، فيما توزعت الإصابات إلي 7700 جري علاجها ميدانيا.

المسعفون في خطر

من جهته، اعتبر المسعف معتز العزايزة الذي يقوم بإسعاف المصابين شرق البريج وسط القطاع، مهنة المسعفين بالخطيرة، وذلك نتيجة إطلاق الاحتلال النار صوبهم.

وقال عزيزة لمراسل لـ"النجاح": هذا الاحتلال المجرم لا يفرق بين أحد وهو يخالف لكل المعاريف والمواثيق الدولية، فنحن المسعفون نواجه الخطر الشديد على الحدود الشرقية، وبالرغم من الإصابات بيننا إلا أن هناك شهيدين نتيجة جرائم هذا المحتل".

وأضاف "بالأمس ودعنا زميلنا عبد الله القططي وقبله الشهيدة رزان النجار الفتاة البرئية التي كانت في قلب المعركة تقوم بنقل المصابين وإسعافهم، ولا نعلم من التالي"، مستدركاً" لكن لا بد من لجم هذا المحتل لأننا نحن مسعفين ولا بد من مواصلة عملنا بدون أي مخاطر".

وناشد المسعف عزيزة الصليب الأحمر والجهات الدولية بضرورة دعم المسعفين في قطاع غزة، وعدم تعرضهم لرصاص الاحتلال؛ كي يواصلوا عملهم في نقل وإسعاف المصابين دون أي خطر.

وأعلنت الصحة في غزة، استشهاد المسعف عبد الله القططى وإصابة 84 آخرين بجراح مختلفة، على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة خلال مسيرات العودة وكسر الحصار والمعروفة باسم «جمعة الحرية والحياة»، ومن بين الإصابات 25 بالرصاص الحى و 5 مسعفين وصحفى.

وطالبت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في فلسطين، بالتحقيق في الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين العزل في مسيرات العودة،

 وفى تقرير للمؤسسة حتى نهاية يوليو الماضى، فقد استشهد في مسيرات العودة الكبرى منذ بدايتها حتى اليوم، نحو (136) فلسطينيا، فضلا عن إصابة أكثر من15600 بجروح مختلفة واختناق بالغاز منهم 382 إصابة خطيرة، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة، من قبل قوات الاحتلال، لقمع مئات الآلاف من المواطنين المشاركين في تظاهرات سلمية خلال المسيرات.

ودعت المؤسسة، إلى الإسراع في تشكيل لجنة تحقيق دولية وفقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مجددة في الوقت نفسه إدانتها لجرائم الاحتلال التي تخالف جميع الأعراف والمواثيق الدولية.