هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - يتعمد الإعلام الإسرائيلي أن ينشر باستمرار أن سيطرة الجيش السوري على كامل الحدود الجنوبية، يعيد له "دوره في حراسة الحدود الشمالية دولة الاحتلال الاسرائيلي". ويعظم هذا الإعلام ايضا من المطالبات الاسرائيلية بإبعاد أي وجود عسكري ايراني عن هذه الحدود او تقليصه او انهائه، وهذا ما تخشاه اسرائيل ما يردعها عن شن حرب على قطاع غزة، ويدفعها إلى تكثيف لقاءاتها مع روسيا كونها الوسيط في ايجاد تسوية لهذه القضية بحكم انفتاحها على الأطراف كافة وحضورها العسكري الكبير في سوريا.

لماذا تخشى إسرائيل وأمريكا من الحضور الإيراني العسكري في سوريا؟ وما هدف إيران من ذلك؟ وهل سيتساهل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع مطالب رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تقديم التسهيلات لتقليم مخالب إيران أم أنه يرى مصلحته في الوجود الإيراني؟ وكيف سيؤثر التوتر الحاصل في قطاع غزة مع الوجود الإيراني على إسرائيل؟   

أكد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن العقيدة العسكرية الايرانية تعتبر الاحتلال هو العدو المركزي والقوة الاستعمارية التي يجب محاربتها اقتصاديا وسياسيا من خلال التحالفات.

وأضاف المدهون في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أن إيران تقوم بدعم فصائل المقاومة التي تقاتل اسرائيل في غزة ولبنان، ومن هذا المنطلق تخشى إسرائيل من وجودها العسكري في سوريا، كونها تشكل تهديدا حقيقيا على المدى البعيد للاحتلال.

وأوضح أن نتنياهو لديه مشروع بريادة إسرائيل للمنطقة وتشكيل تحالفات، مشيرا إلى أن وجود إيران التي لا تعترف باسرائيل يخلق حالة من الارباك لدى الأخيرة.

من أجل ايران إسرائيل مضطرة للتهدئة في غزة

واعتبر المدهون أن الأمر بين الطرفين ما زال معقدا، موضحا أن ما يهم إسرائيل عدم تشكيل قواعد غير نظامية  وخلايا على حدودها مع سوريا، إضافة إلى خشيتها من توسع رقعة المواجهة مع الاحتلال، مع غياب القدرة على ضبطها، ومن هذا المنطلق يوضح المدهون أن الاحتلال يفضل التعامل مع قوى نظامية ودولية مثل النظام السوري او روسيا.

ورأى أن روسيا غير معنية بالوجود الإيراني بقوة على الرغم من وجود تحالف إلا أنه حليف معروف بتناقضته،والأولى غير معنية بخسارة إسرائيل دون منحها مساحة أكثر مما يجب، قائلا "روسيا لا تتدخل في المواجهة الاسرائيلية الايرانية، وعندما تم ضرب قواعد ايرانية كان هناك تنسيق مع روسيا واشعارها بأي هجمة.

وحول اشتعال الأحداث في قطاع غزة والوجود العسكري لإيران، أكد المدهون أن الأولوية لدى إسرائيل الوجود الايراني في سوريا اكثر من غزة، موضحا أن تصاعد المواجهة في غزة سيمنح ايران تمدد اوسع في سوريا بعيدا عن العيون الاسرائيلية.

وأضاف أن تورط إسرائيل بحرب مع غزة ستمتد لأشهر وبالتالي فسح المجال لإيران من أجل بناء قواعد عسكرية كبرى على الحدود ما بين فلسطين وسوريا ما يدفع الاحتلال إلى المطالبة بحراك سياسي من أجل التهدئة والتفرد بمعالجة باقي الأمور.

وعن تأثير ذلك على نتنياهو، توقع المحلل السياسي أن الإشكالية في المناكفات السياسية الداخلية الاسرائيلة، والمزاودات الحزبية وارضاء الرأي العام في دولة الاحتلال الأمر الذي يربك حسابات اسرائيل.

وحذر مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق، وعلى رأسهم نتنياهو إيران من إقامة قواعد عسكرية في سوريا الأمر الذي يمكنها من تنفيذ هجمات على إسرائيل إنطلاقا منها.

وكثفت إسرائيل من نشر تصريحاتها حول أن طهران نشرت عناصر من الحرس الثوري الايراني وأسلحة في عدد من القواعد العسكرية والمطارات. وقد كثفت من وتيرة هجماتها وغاراتها الجوية داخل الأراضي السورية زاعمة أنها تستهدف قواعد إيرانية أو قواعد تتمركز فيها قوات إيرانية أو قوات مقربة منها.

روسيا لن تخسر اسرائيل

المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي د.رويد أبو عمشة أكد أن الوجود الإيراني في سوريا لا يصب في مصلحة إسرائيل الإستراتيجية، كون العلاقة عدائية، مضيفا أن إسرائيل تعتبر أن إيران تطمح لتشكيل قاعدة عسكرية آمنة مع حزب الله لتحريكها في حال تعرضت لهجوم يخص برنامجها النووي الايراني.

وأوضح أبو عمشة في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن إسرائيل تخشى من وجودها باعتبارها الممر الرئيسي لتمديد حزب الله بالأسلحة من العراق لسوريا، الأمر الذي يفسر تعمد إسرائيل ضرب قافلة امدادات في سوريا.

وأشار إلى أن إسرائيل عززت علاقتها مع واشنطن وروسيا من خلال لقاءها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 7 مرات خلال هذا العام لمناقشة الوجود الإيراني في سوريا.

ونوه إلى أن روسيا التي تمد سوريا بالمعدات من 2015 لا تعتبر وجود قاعدة في سوريا تضرب إسرائيل يصب في مصلحتها، مؤكدا أن بوتين أعطى الحق لإسرائيل بحماية أمنها، حيث وجهت الأخيرة 140 ضربة لسوريا ولم تتصدى لها الدفاعات الروسية.

ورأى أبو عمشة أن روسيا تعلم أن إيران مظلة لسوريا، والوجود الروسي في سوريا ضمن موافقة ايرانية، مؤكدا الأولى تحافظ على التوازن بين الطرفين.

مرحلة العض على الأصابع

وفيما يتعلق بالتوتر الحاصل في غزة وعلاقة ذلك بالوجود الايراني أوضح المحلل السياسي أن الأمور ما زالت منضبطة، وهناك التزام بقواعد الاشتباك بين الطرفين، من حيث القصف المحدود، وعدم وقوع عدد كبير من الضحايا، قائلا "في حال زاد التوتر ستتدرحرج الأحداث لمواجهة غير معنية بها إسرائيل.

وأشار إلى أن هذه المرحلة تعد مرحلة العض على الأصابع، "حديث عن تهدئة والجميع يقاتل ويفاوض من منطلق القوة.

يذكر أن الشراكة الاستراتيجية بين ايران وسورية تمتد لعقود وعقود ولم تكن وليدة الانقلاب بعد عام ٢٠١١. وسوريا تعد سندا لإيران منذ شن صدام حسين ضدها حربا ممولة خليجيا ومدعومة غربيا بالمعلومات والسلاح.

ووقفت ايران وسوريا معا في دعم لبنان ضد حروب شنها الاحتلال الإسرائيلي.

وبدأ التصعيد الكبير بين إسرائيل وإيران في 10 فبراير/شباط 2018 عندما شنت إسرائيل غارات على مطار تيفور وسط سوريا، حيث شيدت إيران قاعدة للطائرات المسيرة ( درون) هناك حسب المصادر الاسرائيلية وقتل في الغارة عدد من الخبراء والمستشارين الإيرانيين.

وفي 14 أبريل/نيسان تواترت أنباء عن انفجارات ضخمة في قاعدة عسكرية في جبل عزان في ريف محافظة حلب الشمالية قُتل فيها عدد من عناصر تابعة لإيران ونفى حزب الله والحكومة السورية هذه الأنباء.

وفي 30 أبريل شنت إسرائيل هجمات بصواريخ كروز وطائرات مقاتلة على أهداف في سوريا من بينها مستودع أسلحة قرب مدينة حماه وسط سوريا كما ذكرت الأنباء وتسببت الانفجارات التي تلت الهجوم بهزة أرضية شدتها 2.6 درجة على مقياس ريختر.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن 26 شخصا قتلوا في الهجوم، أغلبهم إيرانيون. كما شملت الغارات مطار النيرب العسكري المجاور لمطار حلب المدني.

أما الهجمات التي شنتها إسرائيل يوم 10 مايو/أيار فشملت ضرب أكثر من 35 هدفا بينها عدد من قواعد الدفاع الجوي، واستخدمت فيها الطيران الحربي وصواريخ كروز والمدفعية والدبابات.

وقال الجيش الاسرائيلي إنه استهدف عدداً كبيراً من المواقع العسكرية التابعة لايران في سوريا رداً على الهجوم الصاورخي الايراني على إسرائيل.

واتهمت إسرائيل فيلق القدس بالوقوف وراء الهجوم الصاروخي وتوعدته بأنه سيدفع ثمن ذلك.