النجاح الإخباري - تعيش بعض الأحزاب والشخصيات السياسية اللبنانية هاجس التوطين، ولا تكاد توفر مناسبة لاتهام هذا أو ذاك بالترويج للتوطين، الذي يُجمع لبنان السياسي والشعبي على عدم قبوله. مصادر هذه المخاوف اليوم تعود لحملة ملفتة أطلقتها ناشطة حقوقية افتراضياً بالتزامن مع الانتخابات النيابية الأخيرة، وسعى بعض المتخوفين إلى وضعها على الطاولة، علّ التحقيق في بعض ما يخفيه الفلسطينيون من نوايا يساعد اللبنانيين على الهدوء.

منال قرطام، فلسطينية من أب فلسطيني وأم لبنانية، برز اسمها كناشطة حقوقية شرسة حملت على عاتقها حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وكان لافتاً ترشح قرطام على الانتخابات النيابية الأخيرة عما سمّته المقعد الفلسطيني في الدائرة الثالثة. ويمكن لمتابعي حساب قرطام وصفحتها الخاصة عبر فيسبوك أن يلتفت لحملتها الانتخابية التي كانت تحت عنوان "موجودين" بالدلالة على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويتنبّه أيضاً إلى أن شعاراتها كانت مقتبسة من حملات أحزاب ومرشحين لبنانيين بطريقة ساخرة، مع تغييرٍ بسيط في المضمون بما يتناسب مع الهدف الذي أعلنت ترشيحها لأجله وهو حقوق الفلسطينيين في لبنان.

تشكك مصادر سياسية بحملة وسلوك قرطام، وترى فيهما دعوات مباشرة لتوطين فلسطيني مبطن، وتذهب بعيداً إلى اتهام قرطام، التي ربما غالت بالدفاع عن حقوق من تمثلهم في لبنان، بالتمهيد لما يسمى صفقة القرن التي تهدف لخلق دولتين فلسطينية وإسرائيلية، مع توطين الفلسطينيين في الدول المضيفة من بينها لبنان.

ونقل موقع "ليبانون ديبايت" عن قرطام  قولها إن إعلان ترشحها عن المقعد الفلسطيني غير الموجود في لبنان كان مجرد وسيلة ذكية لإطلاق حملتها "موجودين"، وتم اعتماده للفت النظر إلى حقوق الفلسطينيين في لبنان. 

ترفض اتهامات التوطين، وتشدد على أن حملتها التي انطلقت في الانتخابات النيابية والمستمرة حتى اليوم ليست بهدف المطالبة بتوطين الفلسطينيين في لبنان، بل بهدف المطالبة بحقوق الفلسطيني كلاجئ مقيم. وتوضح "لبنان وقّع على اتفاقية دولية تفيد أنه البلد المضيف للفلسطينيين لحين العودة، ولا يمنح لهؤلاء أدنى حقوقهم كمقيمين وبنفس الوقت يعطّل عليهم طلبات اللجوء إلى الخارج، كونه يعتبر نفسه بلداً مضيفاً لهم".

وهنا تطالب قرطام إما بإعطاء الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان والتي تتلخص بالسماح لهم بتأسيس جمعيات تمثلهم للحفاظ على هويتهم وثقافتهم ووجودهم كمجموعة، وحقهم بالعمل والتملك، والضمان الاجتماعي وحق التنقل، و"هي الحقوق التي تحفظ الكرامة الانسانية وتؤدي إلى تطور الانسان والبشر وتمنحه فرصه في الحياة"، وإما التخلي عن اتفاقية البلد المضيف ليفتشوا عن كرامتهم في بلدٍ آخر.

وتلفت الى أن هناك حالات حقوقية أخرى مثل الفلسطينية في لبنان لكن الحالة الفلسطينية هي الأكثر سخرية، على اعتبار أن اللبناني لديه حقوق ولكن الدولة اللبنانية لا تمنحه إياهم. أما الفلسطيني، لا تعترف الدولة بحقوقه في الأساس، وهي الحالة التي تعري الدولة بممارساتها مع عدد من الفئات اللبنانية الأصل كالمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال...، التي تثبت أن السلطة هي نظام إقصاء، وليس دولة دامجة، على حد تعبير قرطام.

وعن اعتمادها على شعارات حملات بعض الأحزاب والشخصيات السياسية الانتخابية، تقول قرطام "كان الهدف منها استهزائياً للفت نظر هؤلاء السياسيين إلى قضية ملحة ومهمة لا يمكن استثناءها من أساسيات الشأن السياسي في لبنان.

ولا تنكر قرطام أن شعارات حملتها كانت قوية، ما جعل البعض يتنبّه لها بطريقة استفزازية، وتوضح أنها تقصدت أن تكون الشعارات قوية لتساهم بإيصال رسالتها التي تعبّر عن حقوق 190 ألف فلسطيني لاجئ في لبنان.