عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - من منا لا يدهش حينما يرى القبة الصفراء التي تلمع بريقاً ذهبياً؟ من منا لم يحاول مراراً وتكراراً الدخول إلى المسجد الأقصى وشم رائحته العطرة؟ من منا لا يحترق ألماً لمنع الاحتلال الإسرائيلي الصلاة في أفضل مساجد الأرض؟

 كلنا نعلم الإجابة بالطبع فأغلب الفلسطينيين متشوقين للذهاب إلى المدينة المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى ومشاهدة قبة الصخرة المشرفة التي تتلألأ ذهباً منذ زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مراون.

لكن ليس الأمر سهلاً كما يظن البعض فالاحتلال المدجج بالسلاح هو من يعطي تأشيرة الدخول والخروج إلى القدس، وهو من يقبل أو يرفض في تصريحه أي عربي فلسطيني يريد.

"ثمانية أعوام لم أرَ فيها قبة الصخرة الذهبية التي دعوت الله ليل نهار وسراً وجهاراً بأن أزورها وأصلي في مسجدها، وأخيراً والحمدلله صليت في المسجد الأقصى وأول جمعة في شهر رمضان المبارك"، بهذه الكلمات بدأ المواطن أبو خليل حديثه عن زيارته للمسجد الأقصى الذي تمنى أن يصلي فيه بشهر رمضان المبارك.

أبو خليل البالغ من العمر (43 عاماً) من مدينة طولكرم، أعرب عن سعادته للسماح له هذه المرة بزيارة الأقصى، بعد رفضه مراراً وتكراراً من قبل الاحتلال، ليقول في حديثه لـ"النجاح": شهر رمضان مختلف تماماً في المدينة المقدسة، حتى طريقة العبادة وأداء الصلاة فيها له رونق خاص".

ويكمل قائلاً: في صلاة الجمعة ترى الناس من كل حدب وصوب يسارعون لدخول المسجد الأقصى، وحتى في صلاة العصر شعرت بارتياح كبير جداً"، ودعا الله بأن يمنح الصلاة في الأقصى لكل من يتمناها.

وكان 120 ألف فلسطيني قد أدوا صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان بالمسجد الأقصى في مدينة القدس، رغم القيود الإسرائيلية المشددة هذا العام.

ومنعت الشرطة الإسرائيلية الفلسطينيين الذكور دون سن 40 عاما من سكان الضفة الغربية وجميع سكان قطاع غزة من الوصول إلى القدس لأداء الصلاة.

وحيا الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى، في خطبة الجمعة، الفلسطينيين الذين توافدوا على المسجد الأقصى لأداء الصلاة رغم العوائق الاسرائيلية، مديناً بشدة افتتاح السفارة الأمريكية في القدس ووصفها بأنها "مستعمرة استيطانية أمريكية بكل ما تعنيه الكلمة".

الصلاة بالأقصى

أما الحاج أبو أحمد صافي (64 عاماً) فقد تمنى أن يمن الله عليه للصلاة في المسجد الأقصى بشهر رمضان المبارك.

فالحاج صافي صلى في المسجد الأقصى أكثر من خمس مرات، ويستدرك قائلاً "لكن ولا مرة صليت في الأقصى بالشهر الفضيل".

ليضيف "كل ما أتمناه هو أن أزور المدينة المقدسة وأصلي في الأقصى بشهر رمضان الفضيل، أريد أن أدعوا الله يوماً كاملاً وانا داخل الأقصى، فيارب حقق لي هذه الأمنية قبل مماتي".

المواطن أبو علي خضير (32 عاماً) من مدينة القدس، والذي يقطن في حارة المسارة، رغم أنه دائم الصلاة في المسجد الأقصى، إلا أنه يشدد على أن الصلاة بالأقصى تكون مختلفةً في شهر الصوم.

وقال خضير في حديثه لـ"النجاح": شعور رائع أثناء صلاتنا في أول جمعة بالأقصى، إلى جانب العديد من المواطنين، فمنهم من الضفة الغربية ومنهم من الداخل المحتل، شعرنا بخير رمضان علينا هذا العام".

ورغم التسهيلات التي قدمها الاحتلال للفلسطينيين بدخول الأقصى والسماح بالصلاة فيه خلال شهر رمضان المبارك، إلا أن شرطة الاحتلال لا تتوقف عن مضايقة المصلين واستفزازهم في صلاة الجمعة، بحسب خضير.

وكانت ما تسمى "الإدارة المدنية الإسرائيلية، أعلت سابقاً، عن سلسلة "تسهيلات" للمواطنين الفلسطينيين خلال شهر رمضان المبارك، والسماح لهم بالوصول إلى مدينة القدس لأداء الصلاة أيام الجمعة.

وتشمل الاجراءات تسهيل دخول الفلسطينيين إلى مدينة القدس من الضفة الغربية ومن قطاع غزة، خلال شهر رمضان وعيد الفطر السعيد.

وتشمل أيضاً منح 2000 تصريح دخول لرجال تتراوح أعمارهم بين 40-30 عاماً، والسماح بدخول الرجال ممن تتجاوز أعمارهم 40 عاما دون تصاريح، والسماح بدخول نساء دون تصاريح ودون قيود بخصوص العمر، والسماح بدخول الأطفال دون 12 عاماً بدون تصاريح.

شد الرحال

من جهته، دعا خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري الفلسطينيين إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى من مختلف المدن والمناطق في شهر رمضان الكريم.

وقال صبري لـ"النجاح": إن شد الرحال أمر من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتواجد المصلين في الأقصى يعطيه الهيبة والمناعة للحد من العدوان الصهيوني اليهودي المتطرف بحقه".

وأضاف: "أما العرب والمسلمون الذين هم خارج فلسطين فهم نائمون لا بد أن يستيقظوا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن القدس والأقصى"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات الامريكية بنقل السفارة إلى القدس عبارة عن حرب ضد الفلسطينيين والقدس والأقصى.

وأكد الشيخ صبري على أن هذه الإجراءات تجرّء الاحتلال الإسرائيلي على هيمنته وعنصريته بحق المدينة المقدسة، ويزيد من اقتحامات المستوطنين واستفزازاتهم داخل الأقصى، مستدركاً  "لكن تبقى القدس في مكانتها التاريخية والحضارية والدينية في نفوس المسلمين والمسيحيين".

وكانت الإدارة الأمريكية قد افتتحت يوم الاثنين الماضي 14 آيار سفارتها في مدينة القدس، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في وقت سابق عن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس والتي وقّع بأنها عاصمة لدولة إسرائيل.