عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - الجميع ينتظر شهر رمضان المبارك  بفارغ الصبر، كيف لا وهو شهر المغفرة والرحمة وصلة الأرحام، وشهر اعتاد فيه الناس على الجمعات واللمات فيما بين العائلات خصوصاً وقت السحور والفطور، ووأوقات الصلاة لا سيما صلاة التراويح حيث تشهد المساجد كثير من المصلين في هذا الشهر الفضيل.

يمر رمضان حاملا في طيات أيامه ولياليه المغفرة والرحمة؛ لكنه ورغم شعائره وثناياه البهية التي ينتظرها العالم العربي والإسلامي بفارغ الصبر فإنه يحمل مع أيامه لحظات قاسية وصعبة تمر على بعض العائلات الفلسطينية التي ذاقت ويلات فراق أحد من أفراد أسرتها.

فرمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة على أهالي الشهداء في قطاع غزة، فمنهم من فقد أبنه وأخيه وبنته وأبيه، ليسلط "النجاح الإخباري" الضوء على بعضاً من هذه الأسر المكلومة، التي لامست وجع الفراق عندهم، خصوصاً وأنها تفتقد لـ"لمة العائلة" وقت الإفطار.

أغلى شيء

حسام غراب ابن الشهيد ناصر الذي استشهد يوم الثلاثاء الماضي في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية شرق البريج وسط قطاع غزة خلال مشاركته في مسيرة العودة. يقول لـ"النجاح": إن والده قد ترك فراغاً كبيراً لدى عائلته حين استشهاده".

ويضيف غراب " بالطبع يختلف رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة، خصوصاً واننا فقدنا رب البيت الأب الحنون الذي كان يشاركنا السحور والفطور، وكان ييقظنا من نومنا للصلاة وقرآة القرآن".

ويكمل حسام بنبرة حزينة " ما هو شعور الإنسان عندما يكون جالسا وقت الإفطار في رمضان دون أن يكون أباه ؟.. كيف سيكون لرمضان الطعم والجمال الذي اعتدنا عليه كما الأعوام السابقة ونحن فاقدين أغلى شيء في عائلتنا؟

ومساء أول أمس الثلاثاء، أُعلن عن استشهاد المواطن ناصر أحمد محمود غراب 51 عاماً، برصاص قوات الاحتلال شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.

رمضان مختلف

أبو يوسف رحمي والد الشهيد "محمود" أوضح أن رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، معللاً بأن رمضان هذا العام لن يكون فيه ابنه محمود الذي كان "يعمللنا أجواء باللمة، الضحك والمسخرة والنكات".

ويقول رحمي لـ"النجاح": فقدت أعز أبنائي واليوم في السحور والدته بكت كثيراً عندما تذكرت محمود ولم تجده في أول يوم برمضان".

ويكمل قائلاً " لمن أجا موعد السحور وكلنا قاعدين وبأنظر إلى الكرسي الذي كان يجلس عليه محمود، هيو جنبي ضايل متل ما هو ما حد بيقعد عليه، لأنه إله وهيضل إله طول منا عايش"، مشدداً على أن فراق فلذة كبده أحدث وجعاً كبيراً له خصوصاً في شهر رمضان المبارك، لذكرياته الكبيرة التي كانت تجمعه معه.

واستشهد الشاب محمود رحمي "33" عاماً، في أول جمعة لمسيرات العودة التي انطلقت يوم الارض 30/3/2018، برصاص الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشرقية من قطاع غزة.

ومن المفترض أن يقيم الشهيد رحمي حفل زفافه الشهر القادم، لكن رصاصة الاحتلال الإسرائيلي أعادته محمولاً على الاكتاف.. ليزف شهيداً عند ربه.

فاكهة البيت

أما أبو محمود المدهون عم الشهيد شاهر المدهون الذي استشهد يوم الاثنين الماضي شرق مدينة غزة، فقد أكد أن مرور اليوم الأول في رمضان على عائلة الشهداء ليس بالحدث السهل، مشيراً إلى كم الحزن والأسى سيكون داخل نفوس أهالي الشهداء سيما الأمهات والزوجات اللاتي فقدن أبنائهن وزوجاتهن.

وقال المدهون لـ"النجاح": ذهبنا الأمس لصلاة التراويح لم يكن معنا شاهر.. تسحرنا اليوم ولم يكن شاهر.. وسنفطر اليوم أيضاً من دون شاهر".

ويضيف "شاهر الذي كان يسبقنا على المسجد للصلاة، عندما ننتهي من الإفطار يذهب إلى المسجد فوراً لتحضير نفسه للتراويح، وسنفقد وفقدنا هذا الأمر في رمضان هذا العام".

وبيّن أن العائلة كانت ملقبة محمود بفاكهة البيت لأنه كان يشارك أخواته وامه في إعداد الإفطار، ويضيف "واحيانا نستيقظ وقت السحور يكون شاهر مجهزه لنا، وهذا الأمر لم نره بعد الآن".

واستشهد الشاب شاهر المدهون (32 عاماً) يوم الاثنين الماضي الموافق 41/5، يوم افتتاح نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أثناء مشاركته في تظاهرات مسيرة العودة شرق مدينة غزة.