هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - بعد مرور سبعة أسابيع منذ انطلاق مسيرات العودة السلمية والتي بدأت في الثلاثين من آذار الماضي، استخدم الاحتلال خلالها القوة المميتة بحق المشاركين ما أسفر عن استشهاد 49 مواطنا بينهم أطفال وصحفيين، وإصابة 9520 آخر لا زال بينها حالات خطرة و24 حالة بتر في الأطراف، استعدادت وسيناريوهات عدة متوقعة ليوم الزحف الأكبر الذي دعت له الهيئة الوطنية لمسيرة العودة الكبرى بأوسع مشاركة غدا بقطاع غزة،بالتزامن مع افتتاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السفارة الأمريكية التي تنقل غدا من تل أبيب إلى القدس بذكرى اعلان الاحتلال اقامة دولتهم على اراضي فلسطين، فهل ستتغير معادلة الغضب المؤقت التي اعتاد عليها الفلسطينيون بخسائر في صفوفهم فقط؟ وما السيناريوهات المتوقعة ليوم غد وما بعد نقل السفارة؟ وهل سنشهد تدخلا عربيا بعد أن باتت القضية الفلسطينية تدافع عن نفسها وحدها؟ وما المطلوب من القيادة الفلسطينية في هذا الوقت العصيب؟ وما علاقة توجه وفد من حماس برئاسة اسماعيل هنية الى القاهرة؟

وأعلنت قوات الاحتلال استنفارها ونشر قواتها على الحدود بقطاع غزة والضفة، وأصدرت تعليماتها للجنود من أجل الاستعداد لعدد من السيناريوهات، بما في ذلك إطلاق نار أو وضع قنبلة تحت غطاء الفوضى التي ستكون مع محاولة الجماهير اختراق السياج، اضافة إلى توقع الاحتلال اختطاف جندي، وإمكانية تخفي مسلحين من حماس بين المتظاهرين الذين سيحاولون اختراق الجدار، كما توقع الاحتلال الإسرائيلي إمكانية اختراق السياج ووصول المتظاهرين لمسافة كيلو متر واحد أو اثنين شرق الجدار، كالمستوطنات القريبة من الحدود  مثل “ناحل عوز”، “نتيف هعسره” ، كيرم شالوم”، أو “كيسوفيم” وفقا لصحيفة يديعوت أحرنوت.

الكاتب والمحلل السياسي ابراهيم المدهون، أكد أن الأحداث لن تهدأ في ظل المواجهة المستمرة التي نشهدها بمسيرات العودة، مؤكدا أن عامل السلمية بهذه المسيرات ساعد بديمومتها حتى اللحظة، متوقعا أن تشهد المسيرات غدا اختراقا للسياج الحدودي لقطاع غزة والوصول إلى الأراضي المحتلة عام ـ48.

وأكد المدهون، في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أنه لابد من وجود قوة تحشيدية كبيرة ليوم غد، لتغيير الكثير من المعادلات على أرض الواقع، متوقعا أن استخدام الاحتلال للقوة المميتة غدا، قد يدفع لاحتمالية تحويل الاحداث من اشتباك جماهيري سلمي الى مسلح.

ويخشى الاحتلال من تحويل الساحة الهادئة في الضفة الغربية الى الاشتعال حيث أكدت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أن الاحتلال لن يخاطر دون استعداده أثناء نقل السفارة، خشية من تدهور الأوضاع الأمنية، مؤكدة ان هناك تخوفات من عمليات فردية والتي  تقع دون توفر معلومات مسبقة، مثل عمليات الطعن أو الدهس، أو التسلل لإحدى المستوطنات.

وأكدت الصحيفة أن الاحتلال شدد من تعليماته حول إطلاق النار من أجل احتواء أحداث الأسبوع القادم دون تدهور وتوتر الأوضاع الأمنية، ودون الوصول لحالة حرب في الساحة الفلسطينية.

وحول ذلك أكد المحلل السياسي المدهون، أن هدوء الضفة غير دائم متوقعا أن تثور الأحداث بأي لحظة، مستشهدا بأحداث 2015 وكثرة العمليات الفردية خلالها، والتي امتدت لأكثر من عام ونصف، لافتا إلى أن امتداد الأفق السياسي والاستيطان ونقل السفارة وعملية التصفية جميعها عوامل تدفع الضفة إلى الثورة مشيرا إلى أن الاحتلال قلق من تحرك الضفة أكثر من غزة لواقعها الجغرافي.

وفي ظل هذه التطورات غادر اليوم وفد قيادي من حركة حماس قطاع غزة اليوم متوجها للقاهرة، برئاسة إسماعيل هنية وخليل الحية وروحي مشتهى، وأوضحت الحركة على لسان متحدثها فوزي برهوم أن الزيارة جاءت  للتشاور حول آخر التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني والإقليمي، الأمر الذي دفع مراقبين إلى توقع وساطة مصرية من أجل تهدئة الأوضاع يوم الزحف الأكبر غدا.

وحول هذا أوضح المحلل السياسي المدهون، أن حماس معنية بتعزيز مسيرات العودة، لافتا إلى أن ما يشاع لم يتم تأكيده من أي طرف، مؤكدا أن حماس لن ترفض الوساطة المصرية إن وجدت لفك الحصار عن قطاع غزة.

وبعد أن بات النضال الفلسطيني محليا وداخليا،  أوضح المدهون، أن نقل السفارة استفزاز للعرب، والمطلوب من الدول العربية وقف التطبيع والخروج بتصريحات قوية ضد الاحتلال، مؤكدا أن التحرك العربي قد يتوقف على التحرك الفلسطيني وقدرته على فرض تصورات جديدة على القضية، قائلا "فشل الشعب الفلسطيني سيدفع لدعم أكبر من الدول العربية للمشروع الصهيوني".

وكانت قد اعلنت عدة دول مقاطعتها لاحتفالية افتتاح السفارة الامريكية في القدس بينهم سفراء وممثلي دول أوروبا وعلى راسهم ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها، فيما أكد ممثلوا 40 هيئة ديبلوماسية دولية الحضور، وفي ظل الصمت العربي انطلقت اليوم مظاهرات داعمة للقدس في إندونيسيا وتركيا وهولندا وإيطاليا وبريطانيا والأردن.

وأكد أن المطلوب من القيادة الفلسطينية دعوة الفصائل الفلسطينية لإعلان حالة الطوارئ وتشكيل هيئة موحدة تقود النضال الفلسطيني في ظل التحديات ومحاولات تصفية القضية.

بدوره أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن الصراع مفتوح مع الاحتلال، فالثمن الذي تدفعه فلسطين لا يحسب على أساس يومي، لافتا إلى أن توجه الجماهير لمسيرات العودة قد لا تغير مباشرة على أرض الواقع بتراجع الولايات المتحدة عن نقل السفارة، أوالعودة الى الاراضي المحتلة.

وأكد عوكل لـ"النجاح الاخباري" أن هذا لا يعني توقف النضال الفلسطيني والاستسلام قائلا "ربما قدر الفلسطينيون النضال بكل الظروف حتى الوصول إلى هدفه بشكل تدريجي".

وتوقع عوكل، اشتعال الأوضاع في الضفة وغزة، بحيث لا يتوقف الغضب عند حدود فلسطين، لافتا إلى ضرورة التعاون مع النشطاء والمنظمات المتضامنة في الدول الأوروبية، من أجل الوصول إلى رسالة قوية دون أن يمر حدث كهذا مرور الكرام.

ورأى عوكل، أن قوة الرسالة الفلسطينية ستمنع الدول التي تفكر بنقل سفارتها إلى القدس على غرار الولايات المتحدة، إضافة إلى أن ذلك مرتبط بردود فعل العالم العربي والإسلامي، متوقعا أن تجدد مواقفها من قرار ترامب.

وحول الدعوة المصرية لحماس بالتوجه الى القاهرة، توقع عوكل وجود تدخل من القاهرة وغيرها لتهدئة الأوضاع، مؤكدا أن إسرائيل تحاول تقديم عروض لتهدئة الأوضاع، ولكن في الوقت ذاته لا يوثق بها.

وأكد أن المطلوب توحيد الموقف السياسي مع الميدان لمواجهة القرار الاسرائيلي والأمريكي.

يذكر أن وزارة الخارجية الفلسطينية أكدت تواصلها العمل من أجل تكريس الشخصية القانونية الدولية لدولة فلسطين، بما في ذلك حقها الطبيعي في الانضمام الى المنظمات والوكالات الأممية المختصة كافة وصولا الى العضوية الكاملة لدولة فلسطين المحتلة في الأمم المتحدة. إضافة إلى أنها ستتخذ سلسلة من الخطوات والإجراءات السياسية والقانونية والدبلوماسية لملاحقة الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تتساوق معها في نقل سفارة بلادها الى القدس، لإرتكابها خرقا جسيما وفاضحا للقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها.