عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - غداً الجمعة.. تدخل مسيرات العودة التي انطلقت في الثلاثين من آذار "يوم الأرض" على الحدود الشرقية المحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة أسبوعها الرابع، والتي سقط خلالها عشرات الشهداء وأصيب مئات الجرحى.

شهرٌ بالتمام والكمال على مسيرات العودة التي حظيت دعماً محلياً وإقليمياً ودولياً، خصوصاً وأن الاحتلال الإسرائيلي لم يفرق في استهدافاته بين بشر أو حجر، فردة فعله العنجهية والإجرامية كانت دليلاً واضحاً على ارتباكه وخوفه من هذه المسيرات التي حظيت بمسميات عديدة خصوصاً في أيام الجمعة.

فالجمعة الأولى سميت بجمعة يوم الأرض وهو اليوم الأول لها والذي تزامن مع يوم الأرض، والجمعة الثانية كانت "جمعة الكاوتشوك" حيث حرق فيها الفلسطينيين مئات إطارات عجلات السيارات وكان يوما فاعلا على الحدود الشرقية لغزة، أما الأسبوع الثالث فسمي بـ"جمعة رفع العلم الفلسطيني وحرق الإسرائيلي"، وغداً ستكون جمعة الشهداء والجرحى.

حيث أعادت هذه المسيرات إلى حد ما الاهتمام الدولي بقضية غزة المحاصرة منذ 11 عاماً، وخاصة  الأوضاع الإنسانية بعد شهور من عدم الاكتراث بضيقها، فالتحركات السلمية التي اتجهت على خطوط التماس شرقا في غزة، أكدت للعالم بأن الفلسطينيين لديهم حقوق مسلوبة لا بد من الحصول عليها وأهمها حق عودة اللاجئين.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد دعا إلى إجراء تحقيق مستقل في المواجهات حيث كانت وسائل الإعلام الدولية لا تهتم بقطاع غزة أكثر من عمليات القتل اليومية في سوريا أو التوترات بين واشنطن وموسكو.

من جهتها أعلنت الهيئة الوطنية لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، أمس الأربعاء، تقديم مخيمات العودة شرق قطاع غزة مسافة 50 مترًا باتجاه الشريط الحدودي العازل، في اليوم العشرين لفعاليات مسيرة العودة الكبرى.

وورد في بيان أصدره منسق الهيئة الوطنية لمخيم ومسيرة العودة وكسر الحصار، أنه "استمرارا للبرنامج الوطني لمسيرات العودة وكسر الحصار، وكرسالة إصرار من شعبنا إلى العالم من حولنا على المضي قدما نحو أهدافه المشروعة والثابتة، فإننا نعلن عن تقديم أماكن مخيمات العودة مسافة 50 مترا إلى الأمام".

وأضاف أن "ذلك يأتي كخطوة أولى تعبيرا عن التقدم المنظم للتأكيد على حقنا في العودة وتصدينا لصفقة القرن ومؤامرة الوطن البديل، ولتسقط صفقة العار الأميركية، وليسقط الحصار الصهيوني الظالم عن شعبنا الصابر، التحية لشهداء العودة والشفاء العاجل لجرحانا الميامين، والحرية لأسرانا الأبطال".

33 شهيدا وأكثر من 1500 مصاب

وأظهرت إحصائية تراكمية لصحة غزة، أن عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال خلال مشاركتهم في فعاليات مسيرة العودة الكبرى شرق قطاع غزة منذ 30 آذار/ مارس وحتى اليوم، قد بلغ 33 شهيدًا، يضاف لهم شهيدان يحتجز الاحتلال جثمانيهما، وأصيب 4279 آخرين.

وقالت في بيان لها: " إن من ضمن الشهداء 3 أطفال، ومن ضمن الإصابات 642 طفلًا و243 سيدة، وأشارت إلى أن 1539 مواطنًا أصيبوا بالرصاص الحي، 388 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، 478 إصابات أخرى، و1878 استنشاق غاز منها 459 حالة اختناق أدت إلى دخولها للمستشفى.

الصحافيون والطواقم الطبية في دائرة الاستهداف

ولم يكتفِ جنود الاحتلال باستهداف المتظاهرين في مسيرات العودة، بل أن استهدافات قناصة الاحتلال طالت الصحفيين والطواقم الطبية التي كانت على الحدود الشرقية، في محاولة لاستهداف الحقيقة والصورة والقلم لما يقدمه الصحفيون من نقل عنصرية وعنجهية الاحتلال ضد الفلسطينيين العزل، وفي محاولة لعدم تقديم أي إسعافات أولية للجرحى الذي يصيبوا في هذه المسيرات.

حيث استشهد المصور الصحافي ياسر مرتجى (30 عاماً) متأثرا بجراح أصيب بها في الجمعة الثانية لمسيرات العودة "جمعة الكاوتشوك"، برصاص قناصة جنود الاحتلال، أثناء تغطيته أحداث مسيرة العودة شرق غزة، في حين أصيب أكثر من عشرة صحافيين أثناء تغطيتهم الأحداث الجارجية شرق غزة.

في حين استهدف جنود الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة الماضية، مستشفى ميدانيا أقامته وزارة الصحة على قرب مخيمات العودة لإسعاف الحالات الطارئة من الإصابات التي تقع بفعل إطلاق جيش الاحتلال الرصاص صوب المتظاهرين شرق قطاع غزة.

وقال الناطق باسم صحة غزة "إن جنود الاحتلال الإسرائيلي، استهدفوا نقطة طبية شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، بقنابل الغاز المسيل للدموع".

وبحسب الصحة، فقد أصيب 10 عناصر من الطواقم الطبية بالاختناق جراء استهدافهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي بالغاز المسيل للدموع.

وعلى المستوى الإسرائيلي.. تتواصل التحليلات الإسرائيلية بشأن مسيرات العودة، والتعامل معها، مع اقترابها من الجمعة الرابعة .

فقد ذكر يوسي بيلين السياسي "الإسرائيلي" المخضرم أن الحكومة الإسرائيلية مطالبة بإجراء تحقيق جدي في كيفية وقوعها في شرك نصبه لها عدد من الفتيان الفلسطينيين المحبطين على حدود غزة، خلال أول جمعتين من اندلاع المسيرات الشعبية الفلسطينية منذ يوم الثلاثين من آذار /مارس الماضي، حيث لحقت بها أضرار كبيرة، مما جعلها تستدرك خطأها، وتمارس سياسة ضبط النفس في الجمعة الثالثة، وتغير طريقة تعاملها مع المتظاهرين.

وقال بيلين في مقاله على موقع يسرائيل بلاس، إن من الأشياء المستفزة فعلا خلال المظاهرات الفلسطينية الأخيرة أنها لم تحمل سيناريوهات مفاجئة غير متوقعة، فالفلسطينيين المعتقلون في سجنهم الكبير المسمى قطاع غزة، مستعدون لأن يخاطروا بحياتهم للتظاهر، والتعبير عن غضبهم.

في حين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأقوى في المنطقة، لا يعرف كيف يتعامل مع مدنيين غير مسلحين، لكنه بدأ بإطلاق النار، مما استجلب انتقادات عالمية على "إسرائيل" بسبب استخدام القوة المفرطة غير المتناسبة مع المظاهرات، والغريب أنه طالما أن الولايات المتحدة غير مشاركة في هذه الانتقادات فإن "إسرائيل" غير قلقة.

وأوضح بيلين، وزير القضاء الأسبق ونائب وزير الخارجية السابق، أن المظاهرات باتت نهايتها معروفة، وهو يوم الخامس عشر من مايو القادم، حيث يحيي الفلسطينيون "يوم النكبة" الـ 70، ومن المقرر أن تقام مسيرات ضخمة وكبيرة سيتخللها مقتل عدد كبير من الفلسطينيين أكثر من الأسابيع الثلاثة الماضية.

وتواصلت لليوم الخامس على التوالي الحرائق في الجانب الاسرائيلي من الحدود الشرقية لقطاع غزة.

وأفادت مصادر إعلامية أن حريقا اندلع ظهر الخميس في موقع "الكاميرا" العسكري على حدود وسط قطاع غزة حيث شوهدت ألسنة النيران في الاحراش المحيطة بالموقع العسكري.

وحسب شهود عيان، فان طائرات مروحية اسرائيلية تشارك في اطفاء الحريق الذي نجم على ما يبدو نتيجة قيام شبان باسقاط طائرة ورقة محملة بزجاجة حارقة على الجانب الاخر من الحدود.

وللأسبوع الرابع على التوالي يستمر آلاف الفلسطينيين في المشاركة بمسيرة العودة الكبرى، والتخييم قرب السياج الأمني شرقي قطاع غزة؛ طلبًا لتنفيذ حق العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وقابل الاحتلال هذه الخطوة بقتل 32 من المشاركين في المسيرات وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف.