منال الزعبي - النجاح الإخباري - استحقت فلسطين لقب "بلد المليون أسير" بحسب الأرقام والإحصاءات التي رصدتها الجهات المعنية  فالاعتقالات، والسجون، والأسرى مفردات تتمدّد في ذاكرة ووجدان الشعب الفلسطيني بكلِّ أطيافه وأجياله، تجربة عاشها الفلسطينيون بكل ما فيها من أسىً ومرار.

أرقام وإحصاءات

ورصدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير لها أنَّ تاريخ الحركة الأسيرة بدأ مع بدايات الاحتلال منذ عام (1948)، كسياسة قمع لبث الرعب واحكام السيطرة على أبناء الشعب الفلسطيني لسلب أراضيهم ، وقد تحوَّلت لظاهرة يوميَّة تتصدر عنوان الأخبار التي رصدت على مدار سني الاحتلال نحو مليون حالة اعتقال طالت شرائح المجتمع الفلسطيني كافَّة.

يعاني أكثر من (6500) أسير وأسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال الإسرائيلي جراء الممارسات التي يتعرضون لها في معتقلات وسجون الاحتلال، ومراكز التوقيف والتحقيق التابعة له، وبحسب الإحصاءات الرسمية حتى آواخر الشهر الماضي، والتقرير الصادر عن لجان الصحة حصل "النجاح الإخباري"  على نسخة منه فإنَّ من بين هؤلاء (350) طفلًا و(62) أسيرةً منهن (21) أم، و(8) قاصرات، بالإضافة إلى ستة أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني وما يزيد عن (500) معتقل إداري.

 أمَّا المعاناة الأكبر والأكثر مرارة فهي التي يعانيها حوالي (1800) مريض بينهم (700) بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل.

وترفض سلطات الاحتلال تقديم العلاج لهم ولا تسمح للجهات الفلسطينية أو الدَّولية أن تأخذ دورها تجاههم، وفي أحسن الأحوال تكتفي مصلحة السجون بتقديم المهدئات.

 (48) أسيراً لا زالت دولة الاحتلال تحتجزهم منذ ما يزيد عن عشرين عاماً و(25) آخرين أمضوا أكثر من ربع قرن في السجون و (12) قضوا أكثر من ثلاثين سنة في الأسر أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس، اللذان يقبعان في المعتقلات الإسرائيلية منذ ما يزيد عن (35) عاماً.

وصرّح عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى أنَّه منذ العام (1967) أستشهد (215) أسيراً، (72) شهيدًا ارتقوا بسبب التعذيب على يد المحققين في أقبية التحقيق، و(60) شهيدًا  بسبب الإهمال الطبي المتعمد، و(7) أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس، و(75) أسيراً استشهدوا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والإعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة.

وتؤكد الإحصاءات الفلسطينية أنَّ أكثر من مليون فلسطيني خاضوا تجربة الاعتقال منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، من بينهم خمسة عشر ألف إمرأة ضمن سياسة العقاب اليومي الذي تنتهجه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بغية تركيعه وتطويعه منهم الجرحى والشيوخ والنساء والأطفال دون رادع دولي، وبصورة مخالفه لأبسط قواعد القانون الدولي، والاتفاقات التي تحدِّد وضع وواقع أسرى الحرب، فيما العالم أصمٌّ أعمى عن معاناة الشعب الفلسطيني وأسراه.

وأكَّدت وزارة الإعلام في بيان لها أنَّ السابع عشر من نيسان فرصة لمحاكمة دولة الاحتلال، التي اعتقلت مليون فلسطيني منذ النكبة، وقتلت (215) أسيرًا داخل السجون والمعتقلات منذ عام (1967)، ومارست سياسات القتل البطيء والإعدام التدريجي، وأمعنت في العزل داخل منافي الأحياء، وتقر قوانين عنصرية لتشريع قتل أسرانا بدم بارد، وتحاكم أطفالنا وزهراتنا.
وتدعو الوزارة إلى إسناد الحركة الوطنية الأسيرة، ورموزها ونوابها وفي مقدمتهم المناضل مروان البرغوثي، وفؤاد الشوبكي، وأحمد سعدات، وخالدة جرار، وإيصال رسالة الحرية الحمراء إلى كل ضمير حي، وإلى أروقة كل برلمان ومجلس نيابي في دول الأرض.

أوائل الأسرى:

نال الأسير الفلسطيني "محمود بكر حجازي" شرف القيد الأول في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وكان قد اعتقل في (18/كانون ثاني/1965)، وحكم عليه بالإعدام إلا أنه نال الحرية في عملية تبادل نفَّذتها حركة فتح مقابل الأسير الإسرائيلي"شموئيل فايز" عام (1969).

وتعتبر المناضلة "فاطمة برناوي" أوَّل أسيرة فلسطينية، اعتقلت في (14/تشرين أوَّل/1967)، وحكم عليها بالمؤبد، إلا أنها أبعدت بعد عشر سنوات ثمَّ عادت إلى غزَّة عام (1994).

اعتقالات تعسفية:

وتمارس قوات الاحتلال الاعتقال التعسفي بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل يومي طالت حتى الذين يستخدمون صفحاتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال توظيف وحدة ما يعرف بـ" سايبر العربية" لرصد ومتابعة النشاطات الإلكترونية، حيث اعتقلت قرابة (340) فلسطينيًا منذ (2015)، بتهمة التحريض ونشر صور الشهداء، أو مشاركة منشورات أو حتى وضع إعجابات لمنشورات اعتبرت تحريضية.

وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة الحبس المنزلي حيث أصدرت قرابة (300) قرار غالبيتها بحق المقدسيين منذ (2015) خاصة الأطفال، ما يفرض عليهم المكوث في المنزل بالإضافة لفرض غرامات مالية باهضة.

شهداء الحركة الأسيرة

وأوضحت هيئة الأسرى أنَّه باستشهاد المعتقل الجريح محمد مرشود يرتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة لـ (215) شهيداً، منذ عام (1967)،  (61) منهم سقطوا بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد، و(72) شهيداً ارتقوا بسبب التعذيب على يد المحققين في أقبية التحقيق، و(7) أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس، و(75) أسيراً استشهدوا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والاعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة.

وكان آخرهم الشهيدين محمد صبحي عنبر، ومحمد مرشود، اللذين اعتقلا وهما مصابين بجروح بالغة الخطورة،  وقد توفيا الأسبوع الأخير، وكان قد استشهد الأسير ياسين السراديح بعد إطلاق النار عليه والتنكيل به واعتقاله.

 

واعتبر عيسى قراقع رئيس هيئة الأسرى والمحررين، كلَّ هذه الممارسات جرائم حرب، تمارس ضد الإنسانية، وضد شعبنا الفلسطيني.

الشهيد محمد مرشود/ آخر شهداء الحركة الأسيرة 

 

وباستشهاد الشاب مرشود، يرتفع عدد الشهداء، الذين قضوا بنيران الاحتلال وقناصته منذ جمعة يوم الأرض إلى (33) شهيدًا في الضفة والقطاع.

وأكَّد عيسى قراقع لـ" النجاح الإخباري"، قائلا: "تزامنًا مع انطلاق فعاليات يوم الأسير الفلسطيني لا زال ما يقارب (700)  فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، بينهم (350) طفلًا و (62) أسيرة و(500) معتقل إداري وحوالي (100) حالة مرضية داخل سجون الاحتلال.

وأضاف: "لازال هناك (48) أسيرًا يقضون أكثر من عشرين عامًا في سجون الاحتلال، و(12) أسيرًا يقضون أكثر من ثلاثين عامًا، على رأسهم  الأسيران، كريم يونس، وماهر يونس، وأيضًا الأسير نائل البرغوثي.

وحول واقع الاعتقالات وتصاعدها أردف قراقع: "حملات الاعتقال مستمرة، ومتصاعدة وتحولت لعقاب جماعي للشعب الفلسطيني تطال الكبير والصغير الرجل والمرأة والأطفال تحديدًا هم مستهدفون، في حملات الاعتقال المستمرة ومعظمهم تجري بحقهم ممارسات صعبة، ومهينة، وتنكيل، وتعذيب، وممارسات مهينة، كما يحدث مع عهد التميمي وما يمارس عليها من ضغوطات نفسية.

الأسرى الإداريون ومقاطعة محاكم الاحتلال

الاعتقال الإداري أو ما يعرف ب"الملف السري"، هو اعتقال بلا تهمة أو محاكمة،  ويمضي الكثير من الأسرى سنوات طويلة رهن الاعتقال الإداري، دون البت بقضاياهم. وهي سياسة ينتهجها الاحتلال منذ عام (1967) كخيار سهل.

وبحسب تقرير هيئة شؤون الأسرى أصدرت سلطات الاحتلال منذ(2015-2018) قرابة (3600) قرار اعتقال إداري، في توسُّع مستمر دفع الأسرى الإداريين لمقاطعة المحاكم العسكرية منذ (15/ شبط الماضي) احتجاجًا على الاعتقال التعسفي ورفضًا للمحاكم الصورية والإجراءات الشكلية التي يقوم بها القضاء الإسرائيلي.

 

"فلا زال الأسرى الإداريون ما يقارب(500) معتقل إداري يقاطعون محاكم الاعتقال الإداري منذ شهرين تقريبًا؛ لنزع الشرعية عن هذه المحاكم الصورية والجائرة، التي لا تلتزم بإجراءات المحاكمة العادلة في ظلِّ استمرار الأسيرين كامل جناجرة، ومصعب هندي، في الإضراب المفتوح عن الطعام ضد اعتقالهم الإداري" حسب قراقع.

وطالب الأسرى الاداريون في وقتٍ سابق، برفع ملف الاعتقال الإداري للمحكمة الجنائية الدولية والتحرك على كافة المستويات لدعم خطوتهم ورفع الظلم الواقع عليهم.

وقد هدَّدت مصلحة سجون الاحتلال، بإجبارهم على المثول أمام محاكمها العنصرية، بالقوة، وقمع إضرابهم ومقاطعتهم.

 

وتحيي الجماهير الفلسطينية ومعها الشعوب الحيَّة، السابع عشر من نيسان كيوم وطني وعالمي لنصرة الأسرى داعيةً لتوحيد الجهود الشعبية والرسمية والحقوقية لفضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وما يتعرضون له من إعتداءات وحرمان لأبسط الحقوق الإنسانية، والإبتزازات والمساومة التي تمارس بحق المرضى منهم والتحرشات اللفظية والجسدية بحق الأطفال كما جرى مع الأسيرة الطفلة عهد التميمي من قبل المحققين الإسرائيليين

وتنطلق اليوم فعاليات يوم الأسير التي تطالب  بضرورة العمل على تبييض السجون من الأسرى والأسيرات من خلال العمل المستمر الميداني والدولي وتأمين العلاج للمرضى منهم.

في يومِ الأسير الفلسطينيّ نقولُ كما قالَ درويش بعدَ حنينه لخبزِ أمّه في الأسر:

يا دامي العينين والكفين ... إنّ الليلَ زائل

لا غرفة التّوقيف باقية .. ولا زردُ السّلاسل