غيداء نجار - النجاح الإخباري - مع حلول يوم المياه العالمي ومطالبة وزارة الاعلام الفلسطينية باستغلال هذا اليوم كفرصة لابراز انتهاكات الاحتلال بحق بيئتنا، ما دفع موقع "النجاح الإخباري" لاتخاذ وادي قانا نموذجاً لانتهاكات الاحتلال لبيئة الوادي من ينابيع وأشجار.

بداية طريقه مكسرة ومهمشة .. ومن ثم يسرح نظرك للأرض التي اكتست ثوبها الأخضر، ورود تزهر بالمكان بجميع ألوانها وتضيف للجمال جمالاً، ساحات شاسعة تزيد عن 10000 الآلاف دونم يتخللها أشجار النخيل الشاهقة، أنواع محددة من الأسماك تسبح في الينابيع  الرفيعة الممتدة بين البساتين والصخور، أشعة الشمس تخترق كل شيء، كهوف قديمة، بيارات الحمضيات..

ولكن كعادته الاحتلال لا يترك مجالاً لأصحاب الحق بالاستمتاع والتمتع بما هو ملكهم.

على الطريق الواصل ما بين مدينتي سلفيت وقلقيلية في وسط الضفّة الغربية، وعلى بعد 20 كلم من مدينة نابلس، تمتد أكبر محمية طبيعية في فلسطين، "وادي قانا".

يحيط بوادي قانا من الشرق بلدة ديراستيا، ومن الشمال قرى جينصافوت، وكفر لاقف، وعزون، ومن الجهة الغربية تحيط به قرى سنيريا، وكفر ثلث، ومن الجهة الجنوبية قرى قراوة بني حسان، ومن الجهة الشرقية اماتين وديراستيا.

قانا بين فكي التوسع السرطاني

وقال نظمي مهنا، أحد سكان الوادي:"يخيم على الوادي من جميع الاتجاهات المستوطنات، فعلى المدخل الرئيسي لقانا تتربع مستوطنة عمانوئيل والتي يسكنها مستوطنون متدينون متشددون، وعلى اليمين مستوطنة شيلو ، وباتجاه الغرب مستوطنات كارنيه ومعاليه وجنات شامرون ، وفي نهاية الوادي هناك البؤرة الاستيطانية إلي متان ، ومن الجهة الجنوبية هناك مستعمرات نوفيم وياتير وحفات يائير، بالاضافة لمعسكر لجنود الاحتلال".

الدار دار أبونا واجى الغرب طردونا

وحول الانتهاكات بحق منطقة ومواطني الوادي من قبل الاحتلال ومستوطنيه، قال مهنا: "يرافق إحاطة الوادي بالمستوطنات، تحركات المستوطنين، وقوات الاحتلال، وأمن المستعمرات، الذي يحمي التجمعات الاستيطانية من خلال تسهيل تحركاتهم وتواجدهم، يقابلها تشديد الخناق والمضايقات على تحركات المزارعين والمواطنين الفلسطينيين في الوادي، بالاضافة للاعتداءات التي تأتي من جانبين أحدهما من قوات الاحتلال نفسه وما يسمى الادارة المدنية، واعتداءات من قبل قطعان المستوطنين سواء بتخريب المزروعات من خلال اقتلاعها أو إفلات الخنازير البرية عليها، او الاعتداء المباشر بالضرب على المزارعين كما حدث الأسبوع الفائت".

وأضاف: "اعلنت سلطات الاحتلال منطقة وادي قانا محمية طبيعية وطبق ذلك عليها من خلال منع المزارعين من العمل، أو التحرك، أوالاستصلاح، أو حتى التوسع في البناء وذلك كله بحجة حماية الطبيعة، بالمقابل يسمح للمستوطنات بالتوسع، وفوق ذلك تقوم حكومة الاحتلال الاسرائيلية بايصال الخدمات لأي مستوطن حتى لو وضع كرفان "بيت متحرك" على جبل لوحده"، منوهاً ان أغلب المستوطنات المتربعة بالمنطقة بدأت بكرفان واحد فقط.

وبعد تنهيدة تعبر عن ثقل هموم قلبه وقهره على ما يجري بحقه وعائلته، أردف مهنا "ما يزيد الخناق منع زراعة الاشجار، أو القيام بأي اعمال ترميم أو بناء للعزب والبيوت القديمة، فقد أقدمت قبل شهر تقريباً بوضع "اسبست" فوق أحدى العزب التي نسكن بها، جاء الاحتلال بصباح اليوم التالي وهدم العزبة وجرفها بأكملها وكأنه يريد أن يمحي وجودنا، هم يخلون وانا أعيد البناء".

"ما يؤلم قلبي أن الزائر للمرة الأولى للوادي والذي لا يعرفه جيداً يعتقد للوهلة الأولى أن هذه البيوت غير صالحة للسكن والعزب مهجورة، وهذا ما يريده الاحتلال، ولكن هذا لن يحصل أبداً فنحن باقون وصامدون على أرضنا في الوادي، رغم كل المضايقات المختلفة، فهذا وطننا نحن، ولدنا به وعشنا به ولنا ذكريات ومورث لا نستغني عنا" قال مهنا.

وفي سؤال لمهنا،  عن عدد السنوات التي عاشها بغصة الاحتلال في الوادي، رد: "اووووه، فبداية المضايقات تعود لعام الـ75 أي منذ بداية النشاط الاستيطاني في المنطقة، مع اول مستوطنة في المنطقة وهي مستوطنة كرنيه شمرون".

في ظل هذه الانتهاكات برمتها، راودنا سؤال للمرابط في ارضه المواطن نظمي مهنا حول كيفية تدبير أمور عائلته ومنزله دون مقومات الحياة الأساسية من مياه وكهرباء، فقال: "هذه أكبر معاناتنا هنا، رغم مكوثي بمنطقة تملؤها الينابيع إلا أني أضطر لجلب المياه من بلدة ديراستيا المجاورة للوادي فبحسب وزارة الصحة فإن مياه الينابيع غير صالحة للشرب، فمخلفات المستوطنات تصب في ينابيع الوادي، كما ونستخدم المصابيح التي تعتمد على البطاريات للإنارة".

ووجه مهنا، بختام حديثه رسالة للجهات المسؤولة طالباً دعمهم ومساندتهم للمزارعين والتضامن معهم للاستمرار بوقوفهم بوجه دولة الاحتلال.

 

البلدية جهود محدودة..

وحول دور البلدية للحفاظ على المنطقة، قال رئيس بلدية ديراستيا سعيد زيدان: "نقف إلى جانب المزارعين بوجه اخطارات الاحتلال، وتقديم المساعدة القانونية من قبل المؤسسات الفلسطينية والأهلية والحقوقية، بالاضافة لتأهيل الطرق في الوادي بالسيارات الخاصة كي لا يتعمد الاحتلال بإعادة تشويهها".

وأضاف: "من أهم المشاريع التي نفذت لصالح الوادي كان آخرها عام 2012 والتي تمثلت بتمويل وزارة المالية لتأهيل الينابيع والمنازل لتكون صالحة للسكن، ولكن سلطات الاحتلال أقدمت على تدمير ما بدأ به المشروع قبل نهايته".

وتابع زيدان: "حققنا نقلة نوعية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فأصبح الوادي منطقة جذب للسكان، تكون ذروتها يومي الجمعة والسبت، حيث يستقبل الوادي ما لا يقل عن 4000 مواطن"، مشيراً إلى ان استقبال المنطقة للزائرين بكثرة يبدأ بشهر مارس حتى منتصف الصيف، لجمال طقسه وطبيعته".

وأردف:"يشكّل الوادي مزاراً استجمامياً للمواطنين الذين يتوافدون إليه للتمتع بجمال الطبيعة الخلابة، فإذا دخلت الوادي يومي الجمعة والسبت ستجد قرابة 4000 مواطن هناك يتنزهون على شكل مجموعات شبابية او عائلات، ولكن سياسية التنغيص المتبعة من قبل الاحتلال لا بد منها، ففي معظم الأيام يمنعون المواطنين والمزارعين من التواجد في الوداي ويعلنوها منطقة مغلقة، لاستباحة الوادي من قبل المئات من المستوطنين ومنهم الاطفال".

ورأى زيدان، ضرورة زيارة المواطنين والمتنزهين للوادي، لتعزيز صمود أصحابه والتأكيد على فلسطينيته وتفويت الفرصة على أطماع المستوطنين "باغتصاب" ما تبقى منه لصالح مستوطناتهم القريبة وتنزههم.

الوادي.. ضمن الدليل السياحي للرحل المدرسية

وفي ضوء استفسار النجاح الإخباري عن عدم توجيه الرحل المدرسة للمناطق الطبيعية كوداي قانا وغيره من المناطق البرية، قال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم العالي صادق الخضور: "من الصعب الحكم على هذه المناطق بشهادة السلامة والأمان، فالدفاع المدني يحدد الارشادات، ولكن بذات الوقت ليس نحن من نختار مناطق الرحل المدرسية بل المدارس نفسها ونحن نتعاون مع الدفاع المدني لتقييم شهادة السلامة بهذه الأماكن".

وأضاف الخضور: "للآن موضوع توجيه الرحل لوداي قانا ما زال عالقا، ولكن التربية تدرس جعل وادي قانا في العام المقبل وغيره من المسارات الطبيعية ضمن الدليل السياحي الفلسطيني".