خاص - النجاح الإخباري - استطاع رئيس وزراء حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، أن يتفادى اسقاط حكومته، بعدم المصادقة على ميزانية الحكومة للعام 2019، بعد التوصل إلى اتفاق يسمح له بتجنب انتخابات مبكرة بعد أيام من مداولات شاقة، لكن المسؤولين في الأحزاب الإسرائيلية يستعدون الان لمواجهة أزمة أخرى تتعلق باحتمال توجيه الاتهام لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في قضية فساد، ويضع الاتفاق الذي أعلن أمس حدا للحديث عن مخاطرة مكلفة لنتانياهو الذي يمكن أن توجه له تهمة تلقي رشى في الأشهر المقبلة، فيما اتهمه بعض اعضاء ائتلافه الحكومي بالسعي لانتخابات مبكرة بهدف تعزيز موقفه السياسي قبل صدور قرار المدعي العام، بينما تشير استطلاعات الرأي الى انه من الممكن ان يظل رئيسا للحكومة بعد انتخابات مبكرة ويقول بعض المحللين إن ذلك سيسمح بالقول إنه مطارد من النخبة في اسرائيل والاعداء السياسيين في حين يحظى بدعم شعبي.

فهل يعد تجنب نتنياهو انتخابات مبكرة بمثابة انقاذ له شخصيًا كما أنقذ حكومته من إنهيار الإئتلاف الحاكم، وهل لازال مطاردًا للنخب السياسية في اسرائيل، والأهم هل يمضي المدعي العام لكيان الإحتلال في اسقاط نتنياهو عبر ادانته بتهم الفساد الموجهة له، وانهاء حياته السياسية كما سقط أولمرت من قبل، اذا فكيف يستطيع نتنياهو مواصلة الاستمرار في الحياة السياسية، وما هي السُبل؟.

ورأى المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، د. هشام أبو هاشم أن قضية اسقاط نتنياهو بدأت بصراعات داخلية في حزب الليكود من قبل قادته خشية من الإنهيار بسبب، اتهام رئيس الحزب بثلاثة ملفات فساد، أقواها الملف الذي يعرف برقم 4000، بعد أن تعالت أصوات الأحزاب اليمينية الأخرى، التي تتشكل منها الحكومة، وأبرزها حزب بيتنا ويش عتيد وغيرهما من الأحزاب اليمينية الأخرى، وطالبت باسقاطه، موضحًا أن أي انسحاب من هذه الأحزاب يشكل خطرًا على استمرار حكومة نتنياهو، ويضعه في ركن الإتهام بمجرد الإنهيار، يسرع في تقديمه للمحاكمة، في ظل تعالي الأصوات في مجتمع الإحتلال وتعدد مطالبتهم برحيل الحكومة.

وأوضح في تحليل خاص لـ"النجاح" أن تجنب نتنياهو للإنتخابات المبكرة، والحفاظ قدر الإمكان على ائتلافه الحكومي، يمنحه وقت طول وفرصة أكبر، في الاستمرار في الحكم، والتلاعب قدر الإمكان للخروج من المأزق السياسي الذي يواجهه، إضافة إلى مده بقوة سياسية تمكنه من التغلب على العقبات التي يواجهها.

وأشار إلى أن الذي يستطيع اسقاط الحكومة هو وزير الحرب الإسرائيلي، ورئيس حزب "اسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، موضحًا أن الإئتلاف الحكومي شكل من 61 مقعدًا وزاد العدد باضافة رئيس حزب "كلنا" موشيه كحلون إلى الحكومة، ومنحه وزارة المالية ليرتفع عدد مقاعد الإئتلاف الحكومي إلى 66 مقعدًا، وبين أن أي انسحاب لأي حزب من الحكومة من شأنه أن يسقطها.

هدَّد ليبرمان بالإنسحاب من الحكومة في حال تمت المصادقة على مشروع قانون التجنيد الذي تطالب به الأحزاب المتشددة في القراءة الثانية والثالثة بالكنيست، وأعلن أن أعضاء حزبه "إسرائيل بيتنا" لن يصوتوا إلى جانب "مشروع قانون التجنيد" الذي تطالب به (الحريديم)، قائلا "إنه في حال المصادقة عليه في القراءة الثانية والثالثة في الكنيست، أو في حال إقالة الوزيرة سوفاه لندفر سنكون جميعنا خارجا".

وسبق وأن هدد أيضًا وزير مالية حكومة الإحتلال، موشي كحلون، بتفكيك الحكومة والانسحاب من الائتلاف والذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، إذا لم يتم المصادقة على "ميزانية 2019" في الموعد المحدد، خلال نحو أسبوعين، وجاء ذلك خلال محادثة له مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، الجمعة، كما أكدت وسائل الإعلام العبرية.

وتوصلت أطراف الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء، إلى ما أسموه حل وسط، لحل الأزمة، التي كانت تهدد استمرار عمل الحكومة، وتتعلق بمشروع قانون يهدف الى اعفاء شبان المتدينين المتزمتين "الحريديم"، من الخدمة العسكرية الإلزامية. وهذا ما أسقط احتمال اجراء انتخابات برلمانية مبكرة. إلا أن هذه الأزمة مرشحة لتنفجر من جديد حتى نهاية الصيف المقبل.

وكان المشهد العام طيلة يوم أمس، أن الكنيست سيحل نفسه، بغير رغبة الشركاء في الائتلاف الحاكم. بعد أن رفض وزير الحرب أفيغدور ليبرمان حل وسط بأن يتم إقرار قانون بالقراءة التمهيدية (من حيث المبدأ) يعفي شبان الحريديم من الخدمة العسكرية، على أن يتم تعديله في القراءات التالية، وقرر ليبرمان أن يصوّت حزبه ضد القانون، وفي هذه الحالة، فإن الوزيرة من حزبه ستكون تحت خطر الفصل، وقد تعهد نتنياهو بعدم فصلها من الحكومة في حال صوتت ضد قانون التجنيد.

وعقد رؤساء الائتلاف اجتماعا ، وتم التوصل فيه الى صيغة توافقية جديدة، تبقى ليبرمان وحزبه في الائتلاف الحاكم، إلا أن هذه القضية من المفترض ان تتفجر بقوة أكبر في الدورة الصيفية للكنيست الإسرائيلي، إذ بموجب قرار للمحكمة العليا، فإن على الكنيست أن ينجز قانونا بديلا، يلزم شبان "الحريديم" بالتجند للخدمة العسكرية، حتى موعد أقصاه شهر أيلول/سبتمبر المقبل. في حين أن أحزاب "الحريديم" تطالب بقانون يخفف عن شبانهم، وحتى يعفي غالبيتهم الساحقة كليا من أي نوع من الخدمة، ما يعني أن حكومة نتنياهو أقدمت على تأجيل الأزمة لعدة أشهر، حتى تتفجر من جديد.

وتوقع ابو هاشم أن حكومة نتنياهو ستبقى تراوح مكانها ما لم يتوصل إلى حل سياسي مع الفلسطينيين، مؤكدًا على أن الحراك السياسي في مجتمع الإحتلال سيستمر ولن يتوقف، ورجح بسقوط الحكومة في أي وقت، وذهاب نتنياهو إلى السجن على خطى سلفه "أولمرت" للمحاكمة على تهم الفساد التي تحقق فيها شرطة الإحتلال وتصر على جمع أدلة دامغة تدينه.

وشدد على أن حزب الليكود يميل في سياسته إلى اليمين المتطرف الذي سانده في تشكيل الحكومة، ويرى فيه أنه يحافظ على أمن المستوطنين في الجبهة الداخلية، 

ونوه إلى أن استمرار نتنياهو في الحفاظ على ائتلافه الحكومي اليمني المتطرف مبني على تبادل مصالح بسعي الأحزب اليمينية إلى تلبية مطالبها، وعدم تجنيد "الحريدم" في قوات الإحتلال، الأمر الذي قد يدفع نتنياهو في حال عارضه "حكلون" إلى الاستغناء عنه، وبالتالي يكون ائتلافه في أمان بنسبة، 61 مقعدًا من أصل 120، عدد أعضاء كنيست الإحتلال، أو قد يسعى إلى محاولة ضم أحزاب أخرى، للحكومة بمكاسب صغيرة لزيادة العدد في حال خروج حليفه "كحلون" من الحكومة.

وكان استطلاعان للرأي نشرتهما القناتين الثانية والعاشرة للتلفزيون الإسرائيلي الليلة قبل الماضية، أظهرا احتفاظ حزب "الليكود" بقوته البرلمانية الحالية، على الرغم من قضايا الفساد التي تلاحقه.  وتوصية الشرطة بتقديمه للمحاكمة، قد رفعت من قوته في الاستطلاعات، إذ كانت الاستطلاعات حتى قبل شهرين، تشير الى أن حزب الليكود، سيخسر ما بين 5 إلى 6 مقاعد من المقاعد الـ 30 التي له اليوم، كما أظهر الاستطلاعان أن حزب "يوجد مستقبل" المعارض سيضاعف قوته البرلمانية من 11 مقعدا اليوم، الى 21 مقعدا حسب القناة الثانية و24 مقعدا حسب القناة العاشرة. وهذا أساسا على حساب تحالف "المعسكر الصهيوني" الذي بضمنه حزب "العمل"، إذ قال استطلاع القناة الثانية إنه سيهبط من 24 مقعدا اليوم الى 13 مقعدا، وحتى 11 مقعدا في القناة العاشرة.

وتحافظ "القائمة المشتركة" التي تجمع الأحزاب والأطر الناشطة بين فلسطينيي 48 برلمانيا، ولها اليوم 13 مقعدا،  على مقاعدها ، على الرغم من  توقع استطلاع القناة الثانية خسارتها مقعدا واحد، وتوقع الاستطلاعان ارتفاع قوة حزب "ميرتس" اليساري الصهيوني من 5 مقاعد اليوم، الى 7 وحتى 9 مقاعد. وبعد كل التقلبات بين الأحزاب المختلفة، يتبين أن ائتلاف نتنياهو الذي يرتكز اليوم على 66 مقعدا، سيحصل 63 مقعدا حسب القناة العاشرة، وعلى 62 مقعدا في القناة الثانية، وقد يرتفع في القناة الثانية الى 67 مقعدا في حال انضم للحكومة حزب جديد أعلن عنه في الأيام الأخيرة.