منال الزعبي - النجاح الإخباري - تصرخ فينا الذكرى الأربعون  لعروس فلسطين دلال المغربي الحيّة في الذاكرة الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، تلك الفلسطينية التي أقامت الجمهورية الفلسطينية، ورفعت العلم الفلسطيني في قلب الأراضي المحتلة مسددةً الضربة القاسية لإسرائيل، على طريق طوله خمسة وتسعون كيلومترًا في الخط الرئيسي في فلسطين".

عملية الساحل:

بعد التصريح الشهير لمستشار الأمن القومي الأمريكي زبيغنيو بريجينسكي والذي قال فيه وداعا يا منظمة التحرير، بدأ أبو جهاد الوزير التخطيط لعملية تقهر العدو الإسرائيلي في هجوم اختار ان يسميه باسم،  "الشهيد كمال عدوان" الذي اغتاله الموساد عام(1973) في بيروت وهو أحد أبرز قادة حركة فتح، ومسؤول ما يعرف بالقطاع الغربي وهو الجهاز الذي يشرف على المقاومة في الأراضي المحتلة.

عملية تسابق على تنفيذها الشباب المتحمسون وعلى رأسهم بنت العشرين ربيعًا دلال المغربي، التي تمَّ فعلًا اختيارها رئيسة للمجموعة المكوَّنة من (13) فدائيًّا بينهم لبناني ويمني.

والشهيد أبو خليل الوزير هو الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية الذي أراد أن يكون الرد على مذبحة دير ياسين قاسيًّا فأرسل مجموعة أطلق عليها اسم فرقة دير ياسين إلى تل ابيب بحرًا تقودها الفدائية الشجاعة دلال المغربي لتكون أول امرأة تهاجم اسرائيل.

وكان ضمن الوصية التي حمّلها ابو جهاد للفلدائيين: " نريد أن يبكي ميناحيم بيغن كما أبكانا في دير ياسين".

دلال المغربي

فتاة فلسطينية ولدت في احد مخيمات اللجوء في بيروت عام 1958، اسرتها من مدينة يافا الفلسطينية

دلال الي التحقت بالحركة الفتحاوية وهي على مقاعد الدراسة ودخلت عدة دورات عسكرية تلقت خلالها تدريبات على استخدام جميع انواع الأسلحة وخوض حرب العصابات وعرفت بجرأتها وحماسها الثوري والوطني.

طالبت والدها في رسالة وداعها الأخير ان لا يذرف دمعًا كثيرا مبررةً بقولها : "صرت بنت الأرض".

خطة العملية وسيرها

عملية استهدفت الساحل الفلسطيني المحتل نفّذها 13 فدائيا اطلوا من خلف الشتات تقودهم فتاة بامكانيات بسيطة.

تمكنت الفرقة من الوصول الى الشاطئ عبر سفينة نقل تجارية وأرادوا الوصول الى مدينة يافا القريبة من تل أبيب حيث كان هدفهم الأول مقر البرلمان الاسرائيلي، وبسبب الرياح الشديدة في تلك الليلة بقيت الزوارق المطاطية التي ركبوها تطفو حتى لاحت أنوار تل ابيب ونجحوا في الانزال والتوجه نحو الطريق العام وايقاف مركبة محملة بالجنود يصل عددهم 30، أجبروهم على التوجه الى تل ابيب واستطاعوا خطف حافلة اخرى في الطريق ضموا ركابها الى الحافلة الأخرى ليصل عدد الرهائن الى 68 رهينة، وأخبرتهم دلال أن احتجازهم بهدف تحرير الأسرى الفلسطينيين من براثن دولتهم المزعومة الا ان القوات الاسرائيلية اكتشفت العملية  فجنّدت فرقة خاصة من الجيش يقودها ايهود براك سعت لايقاف الحافلة وقتل الفدائيين مستخدمة الطائرات والدبابات لحصارهم.

قطع كبيرة من الجيش وحرس الحدود وضعوا الحواجز التي تمكن الفدائيون من اجتيازها وقتل عدد من الجنود ما أجج الغضب الإسرائيلي، فامر ايهود باراك  بايقاف الحافلة باي طريقة فكانت بتعطيل عجلاتها ومواجهتها بمدرعة عسكرية، وحاول الفدائيون مفاوضة الطرف الاسرائيلي الذي رفض الاصغاء لمن سماهم المخربين فأمرت الشجاعة دلال المغربي بتفجير الحافلة موقعة خسائر فادحة آلمت العدو الإسرائيلي، استشهد (11) من منفذي العملية بينما فرَّ واحد وآخر وقع بالأسر.

وخلّدت الكاميرات اللحظة التي أعلن فيها ايهود براك انتصار دلال المغربي الفتاة القائدة التي استطاعت قهره، فحاول الانتقام منها جثة هامدة فجرّها من شعرها في صورة بدا فيها الميت أقوى من الحي لأنه صاحب حق ورسالة وصلت للعالم أجمع وما زال صداه يتردد عبر الانتفاضات والثورات في الشارع الفلسطيني.

 

واحتل عنوان عريض الصحف ضاجًا بهذه العملية الفدائية النوعية  

أما الاحتلال الاسرائيلي فكان رده على هذه العملية النوعية باجتياح جنوب لبنان حيث توغل في الأراضي اللبنانية حتى نهر الليطاني مخلفًا وراءه آلاف الشهداء والمهجرين

جسد العروس الفلسطينية دلال الذي لا زال محتجزًا في مقبرة الأرقام، هو بمثابة رسالة للعالم أجمع مفادها أن المرأة الفلسطينية عصية على الاحتلال وجبروته.