هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري -

وسط ازدحام الزوار ورائحة الشواء وصلنا إلى منطقة المسعودية شمال غرب نابلس والتي تبعد نحو 12 كيلومترا عن المدينة، ما أعاد إلى ذهني مشهد المرة الأولى التي زرت بها المكان، حيث كان رئيس بلدة برقة ووجهاء البلدة يستقبلون كل من يزور المنطقة ويشرحون له عن كمية الجمال الموجودة، وأهميتها من الناحية الزراعية، مؤكدين أنهم سعوا جاهدين كسر سيطرة الاحتلال على المنطقة وجذب السواح إلى حديقة المسعودية حتى لا تبقى مطمعا للاحتلال.

 

وذلك بعد انتهاكات عديدة شهدتها المنطقة، لافتين إلى أن المستوطنين استفزوا من بناء اهل البلدة حماما للزوار، فقاموا بهدمه في كل مرة يعاد بناؤه، والتهديد بهدم المنتزه كاملا هناك.
وأكدوا لنا أنهم استطاعوا خلال عامين جذب أكبر عدد ممكن من السواح، بعد تقديم شرح كامل لأهمية المكان التاريخية، وتنظيم مهرجانات للأطفال واستقطاب رحل للأندية والمؤسسات.

أينما تلتفت تجد رقعة خضراء بين سفوحها تتربع مجموعة متلاصقة من الغرف القديمة، والتي كانت مخصصة لحارس القطار الذي يصل إسطنبول بالحجاز، وما يزال معلمها حاضرا يتعرض لانتهاكات الاحتلال.

وحاول المستوطنون عدة مرات استيطان بالمنطقة، ولكن باءت محاولتهم بالفشل حيث استطاعت المقاومة الشعبية دحر هذه التوجهات المستمرة، ووقف كلا من أهالي سبسطية  وبرقة وبزاريا  وبيت إمرين أمام انتهاكاتهم.

كما ذكر لنا شهود عيان أن قوات الإحتلال تتوافد للمسعودية كمحاولة لمسح المنطقة هندسيا بشكل كامل، ما يؤكد الأطماع المتزايدة للمنطقة.

ولكن لم يكتمل المشهد لهذا الجمال، فما أن تلبث بالمكان من أجل الراحة واستنشاق الهواء النقي.

مدير الاغاثة الزراعية في نابلس ضرار ابو عمر أكد لـ"النجاح الإخباري" أنهم قاموا بعدة حملات لزراعة الأشجار الحرجية وحمايتها، في المناطق المحيطة بالمسعودية والمهدةة بالاستيطان آخرها بشهر يناير من هذا العام، حيث تم زراعة 8 دونمات و200 شجرة زيتون.

وأشار إلى انهم مستمرون بتنظيم حملات تضامنية للمنطقة، إضافة إلى مهرجان الربيع السنوي، قائلا "المهرجان أصبح تقليد سنوي في المنطقة بإشراف بلدية برقة ووزارة السياحة والآثار وبلدية سبسطية ومحافظة نابلس".

وأضاف أن المسعودية مدرجة على البرامج القادمة المتعلقة بالحفاظ على الأرض، وتعزيز صمود الناس في المنطقة خلال العام الحالي.

جمال الطبيعة يشتكي الزوار

وفي المسعودية تمنح الطبيعة الخلابة في تلك المنطقة الخضراء والجميلة لاسيما في شهر الربيع من جمال رباني ولوحة فنية تحتوي كافة العناصر الجمالية من ألوان متناسقة بين الأشجار الشاهقة والخضار والربيع وتراثية المكانة ووفرة المياه الهدوء والراحة وتوفر المكان المناسب للاستجمام وتناول الطعام وعملية الشواء التي تنتشر بكثرة.

ومن يزر المكان ويقضي وقتا طويلا هناك يشاهد استباحته أحيانا من قبل زواره غير تلك الاعتداءات المتكررة من المستوطنين وجنود الاحتلال فينتهك هذا الجمال بمخلفات الطعام وبقايا المأكولات ما يؤثر على جمالية المكان.

وترى كمية النفايات وإهمال الزوار لهذه المنطقة، دون الاكتراث لأهميتها التاريخية، تاركين وراءهم ما يبشع المكان، ويزيد من مبررات أطماع الاحتلال له. 

رئيس المجلس القروي لبرقة جهاد صلاح أكد لـ"النجاح الإخباري" أن منطقة المسعودية بعد ازدياد عدد السواح أصبحت مليئة بالنفايات، عدا عن حاجة المكان إلى الأمن.

وأضاف أن المسؤولية تقع على عاتق الزوار كونهم السبب الرئيسي لإلقاء النفايات بالمكان، دون الإكتراث إلى كمية الجمال الموجود.

وأوضح أنهم مهتمون بتطوير المنطقة باستمرار وبناء الوحدات الصحية، وتطوير المنتزه المخصص للأطفال، وزراعة الاشجار، لافتا إلى أن المشروع القادم بالتعاون مع صندوق البلديات لإعادة إعمار المناطق التاريخية بتمويل بلجيكيا، والذي بدأ العمل عليه قبل 3 سنوات، آملا أنيتم الإنتهاء من تصميم مشروع الحديقة وتنميتها خلال الفترة القادمة.

  ونوه إلى أن المسعودية تشهد تواجدا استفزازيا لقوات الاحتلال بين المواطنين، بين الفينة والأخرى مؤكدا أن البلدية تسعى جاهدة للحفاظ على الأمن دون الاحتكاك مع الاحتلال.

 وتقسم المسعودية إلى ثلاث مناطق ( ا، ب، ج)  وفق تقسيمات أسلو وبعد  إخلاء مستوطنة مستوطنة "حومش"  شرعت وزارة الاثار بإجراءات للمحافظة على المسعودية. 
كما تسعى  لجان الإغاثة الزراعية بنابلس بالتنسيق مع دائرة السياحة والأثار، أن تعمل جاهدة على حماية أراضي المسعودية من خلال تشجير الأراضي الزراعية هناك، ورعايتها وإقامة مهرجان الربيع السنوي.

ويعود تاريخ هذا الإرث العثماني "المسعودية" إلى عام 1914م، حيث تبرعت عائلة آل مسعود بقطعة أرض تبلغ مساحتها 38 دونماً إلى شركة الحجاز للسكك الحديدية، وذلك لإقامة محطة للسكك الحديدية هناك، وباتت المنطقة محطة رئيسية للسكك الحديدية الحجازية التي تربط ما بين مدينة حيفا والأردن ومن ثم بلاد الحجاز ( السعودية اليوم).
 وعشية حرب عام 1967م، تحولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية لقوات الاحتلال لفترة دامت 5 سنوات الذي فكفك بدوره السكك الحديدية بغية إخفاء معالم المنطقة، فبقيت المحطة القديمة ثابتة راسخة تشهد على تاريخ المنطقة، حيث يرفض الإحتلال أي عملية ترميم لها.