النجاح الإخباري - كشف المنسق الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف عن اتفاق فلسطيني إسرائيلي لإجراء استعراض مشترك لآلية إعادة إعمار غزة (GRM)، لتحسين وظائفها وشفافيتها وإمكانية التنبؤ بها، وجاء ذلك خلال لقاء ثلاثي عقد أمس، بمشاركة ملادينوف ورئيس الوزراء الفلسطيني، د. رامي الحمد الله، ومنسق حكومة الإحتلال للأنشطة في الأراضي الفلسطينية، يوآف مردخاي، فيما كشف أن اللقاء تمخض عن اصرار د. الحمدالله على إعادة تعديل اتفاقية "GRM" الخاصة بإعادة الإعمار، وتيسير الحلول الإنسانية الحيوية المتعلقة بقطاعي الكهرباء والمياه والصحة"، إضافة إلى تطرقه إلى الحاجة الملحة لرفع جميع عمليات الإغلاق والقيود الإسرائيلية وتحسين حركة السكان بين غزة والضفة الغربية، وبحثه عدد من الخطوات الفورية لمعالجة الوضع بغزة على أرض الواقع، ودعم الجهود الرامية إلى إعادة القطاع إلى حضن السلطة الوطنية الفلسطينية.

ورأى استاذ علم الإقتصاد في جامعة النجاح د. طارق الحاج، أن توجهات رئيس الحكومة، د. رامي الحمدالله، وقبوله بالجلوس مع مع منسق حكومة الإحتلال، جاء من أجل إنهاء معاناة المواطنين في قطاع غزة، بكل السبل، ومناقشة الآليات من أجل منع تدهور القطاع في ظل الحصار المفروض عليه منذ منتصف حزيران/يونيو من العام 2006.

وأوضح في تحليل لـ"النجاح الإخباري" أن أي طرح من قبل الحكومة الفلسطينية، أو محاولة لتقديم تسهيلات لقطاع غزة، يستغله الجانب الإسرائيلي، من أجل الحصول على ثمن سياسي، موضحًا أن "مردخاي" طلب بكل وقاحة معلومات عن الأسرى الإسرائيليين المفقودين في القطاع.

وأشار "الحاج" إلى أن الإحتلال يضع العقبات في كل الطرق ويحاول قدر الإمكان أن يقدم أي شيء بمقابل سياسي، مشيرًا إلى أن الثمن السياسي يشكل عقبة مهمة في ظل محاولة رئيس الحكومة، انتزاع تسهيلات للمواطنين في قطاع غزة.

ولفت إلى أن الإحتلال يستغل الإنقسام الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من أجل الحصول على مقابل سياسي، إضافة إلى تعمد عزله سياسيًا واقتصاديًا، من أجل تنفيذ مخططه القديم المتجدد، وهو دولة فلسطينية مزعومة في غزة، بمساعدة بعض الأطراف العربية التي تسعى للتساق مع ما تسمى بصفقة القرن، التي تُسوّق لها الإدارة الأميركية، وقامت على أثرها بعدة خطوات عملية على أرض الواقع، منها إعلان ترامب في نهاية العام المنصرم بأن القدس عاصمة لدولة اسرائيل المزعومة، ومطالبة الجميع بالعمل على توطني الفلسطينيين في سيناء بعد القضاء على الجماعات المسلحة والمتطرفة فيها، واعتبر أن ما يدور على أرض الواقع هو محاولة لإلغاء دور الأونروا، والبحث للشعب الفلسطيني عن بدائل أخرى، ستكون الأصعب على الشعب الفلسطيني.

ونوه إلى أن الإحتلال يحاول قدر الإمكان وضع الحكومة الفلسطينية في خانة الحرج، ودحرها باتجاه مأزق اقتصادي كبير، ومحاولته سحب البساط السيادي منها حتى لا تستطيع الاستمرار، من أجل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وترسيخ فكرة إقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء من خلال المنابر الدولية واللقاءات المكوكية الدولية والعربية إلى حشد الدعم لمواجهة خطط الإدارة الأميركية والإحتلال، تمهيدًا لإستعادة الوحدة الوطنية، وتمكين الإقتصاد الفلسطيني، من خلال ربط الضفة بالقطاع.

وأكد منسق مؤسسات القطاع الخاص، علي الحايك على أن خطة إعادة إعمار قطاع غزة، "GRM" تعد مجحفة بحق الجميع، وأشار إلى أنهم كقطاع خاص قبلوا بها على أن مدتها ستة أشهر فقط، وكان الهدف الأساسي منها تسريع وتيرة إعادة الإعمار، بعد الكارثة الإنسانية التي حلت بالقطاع نتيجة حرب تموز عام 2014.

وثمن الحايك موقف رئيس الوزراء الداعي إلى إعادة بلورة الخطة، لتتناسب مع حجم احتياجات القطاع، واستطاعة الحكومة انجاز ما تبقى من إعمار المنازل والبيوت التي دمرت في حرب تموز 2014، كما طالب رئيس الوزراء بضرورة العمل على الغاء نظام المراقبة الأمنية على "السيستم" عبر "UNPOS" الذي أثر بشكل كبير على آليات إعادة الإعمار وقطاع الأعمال، ودمر الشركات والمقاولين، موضحًا أنه أخرج مئات المصانع والشركات من نظام "السيستم" الذي يعرف بـ"GRM" نتيجة أخطاء بسيطة غير مقصودة، مثل التصرف بكيس أسمنت دون صرف "كوبون خاص به، او تعطل مولد الكهرباء لساعات، الأمر الذي يعطل عمل الكاميرات".

وكشف الحايك أن عدد من المصانع والورش الصناعية توقفت عن العمل بسبب نظام "السيستم"، الأمر الذي أدى إلى تهجير آلاف العمال وفاقم من تزايد البطالة المنتشرة في القطاع، فضلًا عن توقف عجلة الإنتاج المحلي، والإعتماد على الاسواق الخارجية في كل صغيرة وكبيرة يحتاجها القطاع.

وأكد على أن منع الإحتلال أيضًا للمواد الخام الذي زعم بأنها مزدوجة الاستخدام، أثرت بشكل كبير على الصناعات الفلسطينية، وشلت كافة مناحي الحياة الإقتصادية، وتسببت في توقف المصانع، وتدمير بعضها نتيجة استهداف الإحتلال لها، ونتيجة تركها لأكثر من 11 عامًا.

وجدد منسق مؤسسات القطاع الخاص، علي الحايك والذي يترأس أيضًا جمعية رجال الأعمال وإتحاد الصناعات، مطالبته المستمرة بضرورة تعديل أو إلغاء إتفاقية إعادة الإعمار المعروفة بنظام السيستم "GRM" لما أحدثته من أضرار على القطاع الخاص بأكمله.

فيما رأى مسؤول العلاقات العامة في الغرفة التجارية، ماهر الطباع أن آلية "GRM" كانت ولا زالت مجحفة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأشار إلى أنها أعاقت فعليًا أنها عملية إعادة الإعمار، لما تركته من آثار سلبية، أبرزها عدم استكمال اعادة ترميم البيوت والمنازل التي دمرت في حرب 2014.

وأوضح أن مجموع ما تم ادخاله خلال الفترة السابقة منذ مؤتمر إعادة الإعمار حتى اليوم هو 2 مليون طن من الإسمنت، فيما يشكل ما يحتاجه القطاع، 6 مليون طن، أي أن الذي دخل القطاع يشكل 33% من الكمية المطلوبة.

ورأى أن اجتماع رئيس الوزراء مع منسق أعمال حكومة الإحتلال بحضور المنسق الأممي ميلادينوف، يشكل بادرة خير للقطاع، خصوصًا أنه هذه المرة شهد تدخل مباشر من الهرم الحكومي، الأمر الذي من الممكن أن يشكل انفراجة من قبل الإحتلال للقطاع، خصوصًا وأنه في الآونة الأخيرة تعالت عدة أصوات داخل الإحتلال تطالب بضرورة تقديم تسهيلات للمواطنين، خوفًا من انفجار الوضع في غزة.

واستعرض أستاذ الإقتصاد في جامعة النجاح، د. طارق الحاج، آليات الإحتلال المجحفة بحث القطاع، وثمن الأصوات المعارضة من مؤسسات القطاع الخاص في غزة، ورأى أنها ضرورية، وتخدم الحكومة في كل مفاوضات تخوضها من أجل اتفاقيات تحسين الوضع الإقتصادي، في قطاع غزة، وأشار إلى أن الموقف الشعبي، الرافض لما يفرضه الإحتلال، يشكل دافع قوي للحكومة في أي اتفاقيات مستقبلية.

وشدد الحاج على أن المواطنين في فلسطين يعيشون أوضاعًا استثنائية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بل يمتد أيضا للفكري والثقافي، نتيجة محاولات الاحتلال الدائمة لطمس الهوية الفلسطينية، وطالب بضرورة التصدي له بكل السبل من أجل أن يتوقف عن تدخلاته في كل المجالات.

يُذكر أن ملادينوف أكد في بيانه على أن الأمم المتحدة، قدمت مقترحات لتنشيط اقتصاد غزة، وناقشت الشروط المطلوبة لتيسير الحركة والوصول إلى التنمية الفلسطينية ودعمها.