هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - لعل المصالحة الفلسطينية أهم إنجاز يستهل به في ذكرى إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة- حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" الثالثة والخمسين، رغم عدم اكتمال خطواتها لكنه إنجاز يسجل للحركة، بعد 11 عاما من الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس.
وأثبتت فتح أنها صمام الأمان للشعب الفلسطيني، فعادت لثورتها مؤخرا بالتصعيد المستمر، والتنسيق للتوجه على نقاط التماس مع الاحتلال، تنديدا بإعتراف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل، فكانت الحركة ولا زالت تهدف إلى دحر الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال للشعب العربي الفلسطيني على اعتبارها جزء لا يتجزأ من حركة التحرير العالمية ومن صف القوى العالمية الساعية إلى حرية واستقلال الشعوب.
ويحيي شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات اليوم، ذكرى الحركة التي انطلقت في  الفاتح من كانون الثاني/ يناير عام 1965.
وفي هذه الذكرى وجه رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله التحية إلى  ابناء شعبنا في القدس الصامدة الابية وفِي غزة المحاصرة وفِي الاغوار المهددة. واستذكر شهداء فلسطين الذين عبدوا بتضحياتهم الطريق نحو الحرية والاستقلال وإقامة الدولة.
وقال "نقف اجلالاً لأسرانا البواسل خاصة الأسرى الأطفال الذين يشكل استمرار اعتقالهم انتهاكاً صارخاً لكافة القوانين والصكوك الدولية".
كما وجه تحيته لكل الدول الشقيقة والصديقة و للجماهير العربية والإسلامية ولكل احرار العالم الذين اختاروا ان ينحازوا لقيم العدل والحق وان يدعموا حقوق ونضالات شعبنا.
وثمن الحمدالله عالياً الاجماع الدولي الرافض لقرار الرئيس الامريكي حول القدس، مؤكدا للعالم اننا ملتفون حول الرئيس محمود عباس، وعلى خطى الزعيم المؤسس ياسر عرفات.
وأضاف أنهم سيبقوا متمسكون بثوابتنا وحقوقنا الوطنية، مشيرا إلى أنه لن يغير اي قرار من هوية أو تاريخ او مكانة أرضنا، وستبقى قضيتنا عصية عن المصادرة والتدمير وقدسنا فلسطينية عربية إسلامية ومسيحية، وسيؤدي التراكم النضالي الذي يسطره شعبنا هنا على أرض فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات إلى إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة دولتنا المستقلة على حدود عام 1967 والقدس عاصمتها الابدية.

فعاليات إحياء الإنطلاقة

وعن فعاليات الحركة بالذكرى الـ53 أكد رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح منير الجاغوب، ان مسيرات ستنطلق من وسط رام الله باتجاه ضريح الشهيد الراحل ياسر عرفات.
وأضاف الجاغوب لـ"النجاح الإخباري" أن الحركة ستوقد شعلة الإنطلاقة بقرب ضريح الشهيد عرفات، بالتزامن مع قطاع غزة وكل أقاليم الوطن والشتات، سيتخللها كلمة للرئيس محمود عباس في تمام الساعة الخامسة والنصف مساء اليوم.
وأشار إلى أن الحركة اتخذت قرارا، بأن إحياء الذكرى سيكون باتجاه التصعيد والمقاومة الشعبية، والتوجه بمسيرات في كل نقاط التماس ضد الاحتلال انتصارا للقضية الفلسطينية وتعزيزا لنهج المقاومة الذي اتخذته الحركة.

وأشار الجاغوب إلى ان أهم إنجازات الحركة هذا العام، التي تصبو إلى تحقيقها، هي إنهاء الإنقسام الفلسطيني، وإعادة الوحدة إلى شطري الوطن، وإنجاز المصالحة.
ولفت إلى ان الحركة تكللت بإنجازات هذا العام على الصعيد التنظيمي والداخلي، ومواجهة التحديات السياسية الخارجية، لافتا إلى أن كل ذلك سيبقى منقوصا إذا لم  يتحقق الاستقلال، ويجسد بشكل طبيعي.
واختتم حديثه مؤكدا أن فتح ستستمر بنضالها لتحقيق هدفها الوطني الرئيسي وهو الاستقلال.

تصعيد فتحاوي قادم

ودعت فتح إلى اعتبار يوم الاثنين الموافق 1/1/2018 يوماً للتصعيد والغضب مع قوات الاحتلال ومستعمريه في كافة المواقع وزيارة عائلات الشهداء والأسرى والجرحى ووضع أكاليل الزهور على أضرحة الشهداء.
كما دعت في بيان لها وصل "النجاح الإخباري" إلى إعتبار يوم الجمعة الموافق 5/1/2018 يوم غضب، وأهابت بكافة أبناء شعبنا الفلسطيني الى الانطلاق في مسيرات حاشدة بعد الصلاة باتجاه نقاط التماس والمواجهة. 
د. حنا عيسى أستاذ القانون الدولي أكد أن فتح استطاعت من خلال سياستها الحكيمة رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لحماية حقوق اللاجئين وحقوق أهلنا في أراضي الــ 48.
واضاف في مقال له أن فتح من خلال موقعها الريادي و الطليعي منذ نشأتها وحتى الان ومستقبلا تلتزم بالقانون الدولي وتشجع التعايش السلمي ونبذ العنصرية والاحتلال والإرهاب والتعصب والتطرف، مع التمييز بين الإرهاب والمقاومة الشرعية، مشيرا إلى أن كل ذلك منحها مصداقية وثقة الشعب الفلسطيني لان تكون الإطار الوطني الشامل لكل أبناء الشعب الفلسطيني الصامد.
ولفت إلى ان الحركة تعمل من خلال برنامجها السياسي على النضال الشعبي المناهض للاستيطان ولإنقاذ القدس ورفض تهوديها ومقاطعة منتوجات المستوطنات الإسرائيلية في داخل الوطن وخارجه من خلال التحرك الشعبي.
ونوه إلى انها أثبتتت من خلال التفاف الجماهير حولها بأنها قادرة في الزمان المحدد العودة إلى هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتحميلهما مسؤولياتهما في حل الصراع وإنهاء الاحتلال. 
وأكد أنها قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية ، وفضلت أن تتجاهل وأن تناقض الإجماع الدولي الذي عبرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس.

هكذا انطلقت فتح

وعلى يد مجموعة من الشباب الفلسطيني ممن شاركوا في العمل الفدائي في قطاع غزة في عام 1953م، أو في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، نشأت الحركة عام 1958 وهم: ياسر عرفات، وخليل الوزير، وعادل عبد الكريم، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد. التقوا في الكويت، واتفقوا وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين، فكانت القاعدة التنظيمية الأولى لحركة فتح، وكان لهذه القاعدة امتدادات تنظيمية في الضفة الغربية وغزة ومصر والأردن وسوريا ولبنان والكويت وقطر. وقد بدأت بالتوسع سرا فلم تكن هناك شروط لاكتساب العضوية في التنظيم سوى التوجه نحو فلسطين، والنقاء الأمني والأخلاقي، وعدم التبعية لأي نظام عربي.
ففي الفاتح من كانون الثاني/ يناير عام 1965م كانت البداية وكانت الطلقة الأولى، حيث تسللت المجموعة الفدائية الأولى لحركة فتح إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وفجرت نفق عيلبون الذي يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب، لبناء المستوطنات من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها، وعادت المجموعة الفدائية إلى قواعدها بعد أن قدمت شهيدها الأول أحمد موسى أثناء العملية، لتعمّد بالدم باكورة مقارعتها للاحتلال.

البيان الأول لفتح

 وجاء في البلاغ العسكري رقم (1): "اتكالا منا على الله، وإيمانا منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج، وإيمانا منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم، لذلك تحركت أجنحة من قواتنا الضاربة في ليلة الجمعة 31/12/1964م، 1/1/1965م وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة ضمن الأرض المحتلة، وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمة. وإننا لنحذر العدو من القيام بأية إجراءات ضد المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا؛ لأن قواتنا سترد على الاعتداء باعتداءات مماثلة، وستعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب. كما أننا نحذر جميع الدول من التدخل لصالح العدو، وبأي شكل كان، لأن قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح هذه الدول للدمار أينما كانت. عاشت وحدة شعبنا وعاش نضاله لاستعادة كرامته ووطنه".


في حزيران/ يونيو عام 1967 هزمت إسرائيل الجيوش العربية الرسمية واحتلت ما تبقى من الأرض الفلسطينية وأجزاء واسعة من الأراضي العربية المتاخمة، فسارعت حركة 'فتح' في أعقاب الهزيمة إلى إعادة تشكيل الخلايا والمجموعات السرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فنفذت أكثر من 130 عملية فدائية خلال الشهر الأول بعد الاحتلال.
لم تكن معركة الكرامة في 21 آذار/ مارس 1968 انعطافة حاسمة في المسار الكفاحي لحركة 'فتح' وجناحها الضارب 'قوات العاصفة'، بل علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني بشكل عام. إذ تمكنت ثلة من الفدائيين تناهز 300 مقاتل، مدعومة بوحدات من الجيش الأردني من صد عدوان عسكري إسرائيلي مدجج بأحدث أنواع العتاد. فتراجع الجيش الإسرائيلي الغازي بعد معركة شرسة وقد مني بخسائر فادحة.
في عام 1982م خاضت الثورة الفلسطينية معركة أسطورية في مواجهة الجيش الإسرائيلي، في 6 حزيران/ يونيو 1982م بدأ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي لمدن الجنوب اللبناني، ثم تحرك برا وكان الهدف المعلن من قبل إسرائيل تدمير منظمة التحرير الفلسطينية. 
وبدأت المواجهة التي استبسل فيها أشبال ورجال فتح، فكانت قلعة شقيف شاهدا، وكان الصمود الأسطوري في بيروت والذي استمرّ 88 يوما من الحصار والقصف البري والجوي والبحري للمقاومة الفلسطينية التي فضّلت الموت على الاستسلام، لكن أمام الأوضاع الداخلية التي كان يعيشها الشعب اللبناني، ولوقف العمليات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين أيضا، اضطرت منظمة التحرير للخروج من بيروت، فرحل ما يقارب 12 ألف مقاتل فلسطيني إلى بعض الدول العربية في شهر آب/ أغسطس 1982م، وبدورها انتقلت القيادة الفلسطينية إلى تونس.


في عام 1987م اندلعت انتفاضة الحجارة التي عمت المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وتصدرت حركة فتح الجماهير الفلسطينية لتدير دفة الانتفاضة، وكان الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) الموجه والقائد؛ ما دفع بالموساد الإسرائيلي إلى استهدافه واغتياله في تونس، إلا أن هذا لم يوقف لهيب الانتفاضة، فقبل أن تكمل عامها الثاني، كان المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر بتاريخ 15 تشرين الثاني 1988م يعلن على لسان الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطين.
وخاضت فتح في مطلع تسعينيات القرن الماضي حربا سياسية فرضت من خلالها تواجدا وتمثيلا للشعب الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1991م، عندما شكّلت وفدا فلسطينيا برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي، وعضوية شخصيات فلسطينية من داخل الأراضي المحتلة، لتمثيل الشعب الفلسطيني في هذا المؤتمر.
وفي 13 أيلول/ سبتمبر 1993م، وقع اتفاق أوسلو بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وكانت عودة كوادر وقيادات الثورة من الخارج إلى أرض الوطن بتاريخ 4 أيار/ مايو 1994م، ثم الرئيس الراحل ياسر عرفات في الأول من تموز/ يوليو من نفس العام، لتبدأ مرحلة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني بعد أن أقر المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة في تونس بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1993م قيام أول سلطة وطنية فلسطينية على أرض الوطن، وانتخب أبو عمار من قبل الشعب الفلسطيني رئيسا لها في انتخابات ديمقراطية نزيهة في 20 كانون الثاني/ يناير 1996م إلى جانب انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني والذي فازت فتح بغالبية مقاعده.