هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - أكد الرئيس محمود عباس في خطابه اليوم أننا ملتزمون بالسلام القائم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وطالب باتخاذ قرار بنقل ملف الصراع برمته للأمم المتحدة، وتشكيل آلية جديدة تتبنى مسارا جديدا لضمان تطبيق قرارات الشرعية الدولية وتحقيق السلام الشامل والعادل، إذ لم تعد الولايات المتحدة أهلا للتوسط في عملية السلام، ووفقا لخطابه اليوم اوضح خبراء قانونيين لـ"النجاح الاخباري" أن الرئيس رسم ملامح الخطوات القادمة في ظل التصعيد الذي نشهده تنديدا بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فكيف يمكن البناء قانونيا على خطاب الرئيس لنقل ملف القضية الفلسطينية للأمم المتحدة، وما الذي كان ينقص خطابه اليوم؟، وما أبعاد الإنسحاب من إتفاقية أوسلو.

الخبير القانوني د. عبد الكريم شبير أوضح أننا بحاجة للتوجه إلى محكمة العدل الدولية والحصول على فتوى بعدم قانونية القرار باعتباره مخالف للقرارات الأممية ومجلس الأمن، والجمعية العامة، والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وكل الإتفاقيات الدولية والسياسية والمدنية والإنسانية والدينية.

وأشار شبير لـ"النجاح الاخباري" إلى أن المطلوب حاليا في ظل التعاطف الدولي الكبير، طرح إعادة النظر في المركز القانوني لدولة الاحتلال باعتبارها خالفت قرار التقسيم 181 وقرار الإعتراف بدولة الاحتلال كعضو في الأمم المتحدة 272 والذي جاء مشروطا باحترام القرارات الأممية والقانون  الدولي وحقوق الانسان وتنفيذ قرار 194، والتي لم تلتزم إسرائيل بأي منها.

آليات يمكن اللجوء لها لطرح القضية الفلسطينية على مستوى الأمم المتحدة

وطالب شبير بطرح تجميد عضوية دولة الإحتلال أمام الأمين العام للامم المتحدة، أو طردها من المنظومة الأممية الدولية، إضافة إلى جعلها دولة مراقب وسحب الإعتراف بها.

وأضاف أنه لابد من التوجه للقضاء الدولي والمحكمة الجنائية الدولية لملاحقة كل من يرتكب جريمة بحق الشعب الفلسطيني، ومحاسبة مقترفها.

كما أكد على ضرورة حاجة فلسطين لإجراءات عملية من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي وكل المؤسسات الدولية والانسانية الداعمة للقضية الفلسطينية، بحيث يتم وضع استراتيجية قضائية وحقوقية وقانونية، من جامعة الدول العربية واتحاد المحامين العرب والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.

وعقب شبير على خطاب الرئيس بأنه يحمل بعدا وطنيا، ويحمّل المجتمع الدولي المسؤولية كاملة، مشيرا إلى أن الخطاب كان ينقصه الأدوات والإجراءات التي يجب أن تعتمد كخطة قضائية استراتيجية وحقوقية.

وأوضح شبير أن قرار الإدارة الأمريكية بشأن القدس، ليس جديدا، حيث كان قد طرحه الكونغرس الامريكي عام 1995 واعتبار القدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال، إضافة إلى ما قيل على لسان وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول عام 2001 بأن اللقدس عاصمة اسرائيل الابدية ويجب نقل السفارة من تل ابيب للقدس.

بدوره أكد عميد كلية القانون في جامعة النجاح د. مؤيد الحطاب أن خطاب الرئيس جاء ملائما مع مستوى الحدث، خاصة وأن هناك استراتيجية تصعيد انتقل فيها من النظرة المتوسطة إلى الحادة بشكل متسلسل، واعتبره حطاب تكتيك استراتيجي ممتازفي ظل التصعيد على مستوى الوطن.

وأشار حطاب لـ"النجاح الاخباري" إلى أن الرئيس ركز على أهم نقطتين وهما المقاطعة الرئسمية للولايات المتحدة والتأكيد على أن أمريكا لم تعد راعيا لعملية السلام، لافتا إلى أن اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل يعتبر خرقو تنصل من الالتزامات المفروضة عليها وفقا للقانون الدولي.

أبعاد الإنسحاب من اتفاقية أوسلو

وحول الإنتقادات التي وجهت بمطالبة الرئيس محمود عباس في الإنسحاب الكامل من اتفاقية اوسلو، اوضح حطاب أن الأمر لا يتم بسهولة، خاصة وأننا نطالب الولايات المتحدة في الإلتزام بالقانون الدولي، ومن هذا المنطلق لا يمكن التنصل من الإتفاقيات التي وقعت عليها فلسطين.

وأضاف أنه على الرغم من أن إسرائيل أنهت عملية السلام واتفاق أوسلو على أرض الواقع إلا أن ليس من الحكمة القانونية والسياسية أن تعلن فلسطين انسحابها خاصة وانها تبحث من خلال الامم المتحدة على مشروعية قانونية ودبلوماسية في مواجهة الاحتلال.

وعزا حطاب السبب في عدم الانسحاب إلى وجود اتفاقيات متعلقة بالأمن والاقتصاد، بحيث لا يمكن ترك الساحة فارغة، إضافة إلى أن هذا القرار يحتاج لمشاركة وتفعيل منظمة التحرير بما فيها قيادات الحركة الاسلامية في ذلك، باعتباره قرار مصيري.

وأكد أن الإنسحاب من الاتفاق يترتب عليه شلل اقتصادي ومسؤوليات أمنية، لذلك لابد من وجود بديل أولا حتى لا يتم تحميل الرئيس المسؤولية كاملة عما سيحدث.

وأشار إلى ان الرئيس يرفع سقف وتيرة خطاباته، مرجحا حطاب أن يكون هناك استراتيجية قادمة للتلويح في انسحاب السلطة من عملية السلاموتحميل المسؤولية لاسرائيل في حال توفر الإجماع الوطني، ووجد البديل في موضوع الموظفين والأمن والتنسيق والمعابر.

وأكد حطاب أن فلسطين بحاجة لشراكة عربية أساسية خاصة من الاردن باعتبارها شريك مع فلسطين فيما يتعلق بالقدس، بحيث أن امكانياتنا بمحكمة العدل الدولية تحتاج لدعم عربي قوي، إضافة إلى حاجة الملفات القانونية لدعم قانوني ومادي.

واختتم حطاب حديثه مع " النجاح الإخباري" لافتا إلى قضية مهمة ستطرحها كليات القانون في كل الجامعات الفلسطينية، من شأنها تعزيز دور القيادة من الناحية القانونية.

وأوضح أن الجامعات الفلسطينية تسعى "كمجتمع أكاديمي" إلى تقديم أوراق عملية في القانون الدولي لدعم التوجه الشعبي والقيادي والعربي لمحاسبة اسرائيل، وتقديم الاستشارات القانونية ودراسة الملفات التي يمكن رفعها أمام الأمم المتحدة والعدل الدولية بحيث تساهم في فكرة المقاطعة.