نهاد الطويل - النجاح الإخباري - في الوقت الذي تنسق فيه الأردن مع القيادة الفلسطينية لمواجهة قرار الرئيس الأمريكي بإعلان "القدس عاصمة لإسرائيل" وتهدّد بمقاضاته في الجنايات الدولية، يتم استدعاء ملف الرئيس السوداني عمر البشير والتهديد بإحالة المملكة لمجلس الأمن بتهمة عدم إلقاء القبض عليه عندما زار عمان في شهر أذار الماضي للمشاركة في أعمال القمة العربية التي انعقدت في البحر الميت.


قرار وصفته فعاليات أردنية رسمية وشعبية بـ"الاستفاقة المتأخرة" للمحكمة وبتوقيت مشبوه وسط حالة من الاستنفار الرسمي والنقابي والشعبي لمواجهة القرار.

النائب صالح العرموطي، استبعد بدوره فرض عقوبات على المملكة بعد قرار إحالة لها لمحكمة الجنائية الدولية، إلى مجلس الأمن لـ"تهاونها"، في القبض على الرئيس السوداني، عمر البشيربسبب بطلان قرار "الجنائية الدولية"، بهذا الخصوص.

وأوضح لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ قرار تجريم الأردن، بسبب استقباله عمر البشير وعدم القبض عليه، يحوي الكثير من المغالطات القانونية، وهو "سياسي بامتياز"، بسبب موقف الأردن من القدس.

وكشف العرموطي عن مذكرة نيابية يعد لها وتستند على أنَّ "الجنائية الدولية"، انتهكت سيادة المملكة بقرارها "السياسي".

تحرك قانوني

وقال نقيب المحامين مازن رشيدات: "إنَّ قرار الجنائية الدولية هو ردة فعل أميركية وتحريض إسرائيلي على الأردن".

وأضاف رشيدات لـ"النجاح الإخباري": "إنَّ النقابة ستتصدى للتهديد غير القانوني وغير المبرر الذي يستهدف المملكة، وسيكون لها رد فاعل على مستوى اتحاد المحامين العرب، ونقابات المحامين العربية".

مسرحية هزلية

نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة وصفت تهديدات الجنائية الدولية بالمسرحية الهزلية وهي لا تعدو أن تكون محاولة بائسة لابتزاز المملكة، لن تؤتي أُكُلَها.

وشدَّد السعايدة لـ"النجاح الإخباري":"على الأردن بات رأس رمح في الاشتباك مع القرار الأميركي.

داعيًا في الوقت ذاته إلى توفير شبكة حماية من العالمين العربي والإسلامي للأردن، وهذه الشبكة يوفرها حراك مستمر للشارع في هذين العالمين، وما يمكنهما أن يحركانه في الشارع الغربي، فضلًا عن دور الشارع في عزل وتجميد المواقف السلبية التحتية للدول العربية التي تعمل بشكل مضاد ومعاكس.

توقيت مشبوه ..
في هذا الصدد وصف ناشطون أردنيون توقيت القرار بـ"المشبوه سياسيًّا" ويضع علامات استفهام كبيرة وذلك في إشارة للضغط على المملكة بعدما تصدرت حملات التصعيد ضد قرار الرئيس الأمريكي بخصوص القدس المحتلة.

وقال الكاتب الصحفي المعروف إسلام صوالحة لـ"النجاح الإخباري" الثلاثاء :" لا يمكن فهم هذا القرار إلا في سياق الابتزاز السياسي الذي يتعرض له  الأردن حيال مواقفه من قرار ترامب."

وأضاف صوالحة: ولن ينتهي الأمر هنا، علينا أن نستعد للمواجهة .."

القرار ليس "مزحة"

الناشطة بثينة خريسات تؤكّد بدورها أنَّ القرار بحق الأردن يمكن أن يكون قرارًا سياسيًّ أكثر منه قانوني ناتج عن محكمة يفترض أن يكون صادر عن محمكة جنائية وليست "سياسية".

وأضافت: "لا ننسى هنا  أنَّ الأصل في القانون العموم وليس المزاجية، نذكر جميعًا عندما  زار عمر البشير  أكثر من دولة  ومنها  جنوب إفريقيا، والعديد من الدول الإفريقية وحتى الآسيوية، ولم تطبق في حقه وقتها أية عقوبات فالقرار هنا  فاقد للمصداقيه".

"اعتقد من وجهة نظري عدم التقليل من شأن هذا القرار في ظل الأوضاع السائدة، ولا بد من ترك الأمر للدبلوماسية الأردنية للتصدي لهذا الأمر بشكل محترف"، أَضافت خريسات محذّرة.

ورأت خريسات لـ"النجاح الإخباري": "إنَّ الاستفاقة المتأخرة للمحكمة الجنائية الدولية، على زيارة الرئيس السوداني للمملكة بعد سبعة شهور على مضيها، تؤكّد أنَّ القرار المشبوه مرتبط بموقف الأردن الذي ينسق مع الأشقاء الفلسطينيين على الدوام.

"قرار المحكمة محاولة رخيصة للضغط على الأردن الماضي بمواقفه التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، قيادة وحكومة وشعباً." أضافت خريسات.

دليل براءة 

ويؤكّد الإعلامي خليل النظامي أنَّ التهديد بمثابة"، دليل على براءة الشعب الأردني والنظام الأردني من التآمر على القدس والقضية الفلسطينية دونًا عن كلّ الدول التي استضافت عمر البشير.

وأضاف النظامي لـ"النجاحالإخباري": "لقد أثبتت الظروف الحاليّة ثبات ونزاهة النظام الأردني والقيادة الهاشمية، ووفاء الشعب الأردني للقدس والقضية الفلسطينية منذ البداية، وكشف تآمر العديد من الدول على الأردن والقضية الفلسطينية بنفس الوقت من زاوية أخرى".

الخيارات مفتوحة 

في المقابل قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير محمد الكايد: "إنَّ الحكومة تدرس القرار الذي صدر عن الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية".

وأضاف المتحدث في تصريح صحفي الإثنين، "تؤكد الحكومة الأردنية أنَّ هذا القرار الذي يعتبر أنَّ الأردن لم ينفذ التزاماته بموجب اتفاق روما الأساسي وإحالته لمجلس الأمن وجمعية الدول الأطراف في المحكمة، مجحف بحق الأردن، ولم يأخذ بعين الاعتبار أنَّ للرئيس السوداني حصانات بموجب القانون الدولي إضافة إلى وجود ثغرات قانونية فيه".

وأكَّد المتحدث أنَّ قرار الغرفة جاء تمييزيًّا ضد الأردن، وأنَّ الحكومة تدرس جميع الخيارات القانونية والسياسية للتعامل مع قرار الغرفة الابتدائية والثغرات الواردة فيه.

ورغم زيارات الرئيس السوداني للسعودية وروسيا ومعظم الدول الإفريقية ومشاركته في مؤتمر القمة الإفريقي أكثر من مرّة إلا أنَّ الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لم تصدر أي تعقيب أو قرار بهذا الخصوص وهو ما يضع القرار الأخير لجهة الأردن في مأزق حقيقي ويحرج المحكمة سياسيًّا بحسب مراقبين.

وصدرت مذكرتا توقيف دوليتين عن المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير في الأعوام (2009) و(2010) في إطار اتهامات بارتكاب أعمال إبادة وجرائم حرب في دارفور. لكن الرئيس السوداني يواصل رحلاته إلى بعض الدول من دون مشكلات.

على الهامش : قبل عشرين سنة