نهاد الطويل - النجاح الإخباري - "إذا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء المُقبل، اعترافه بمدينة القدس "عاصمةً لإسرائيل" فهو لا يتحدّى العالمين العربيّ والإسلاميّ، بل يُوجّه لهما رسالةً حادّةً كالموس".

هكذا يرى مراقبون لـ"النجاح الإخباري" المسألة في ملف يقولون إنه "ملتهب نحو التصعيد".

الحوار مستمر 

وفي هذا الصدد يقول مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، إن تنفيذ ترامب لتهديده يعني ضمنيا أنه لم يعد لواشنطن أي دور في عملية السلام في الفترة القادمة.

وأكد شعث، في تصريحات لـ" النجاح الإخباري" الاثنين أن الحوار مع واشنطن مستمر حالياً بقيادة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج الذي سافر قبل أيام لواشنطن.

ولفت شعث، الى الإتصالات والرسائل الخطية التي أبرقها لكل الرؤساء العرب بشكل مكثف لإطلاعهم على خطورة هذه الخطوة وأثرها على الأرض وردّ عليه الرؤساء العرب بأنهم على تواصل مع الإدارة الأميركية، وأنهم أبلغوها بموقفهم الواضح.

وشدّد شعث، على أن موقف القيادة واضح بأن أي قرارات أميركية أو إسرائيلية لن تغيّر حقيقة أن القدس الشرقية ستبقى عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، ولا دولة فلسطينية من دون القدس عاصمة لها.

من واشنطن!

ومن واشنطن لفت مدير مكتب الاْردن ومراسل وكالة الأنباء الاردنية (بترا) في أمريكا د. باسم الخطايبة، إلى التحرك الدبلوماسي الأردني لوقف مشروع ترامب الرامي لجعل القدس الغربية عاصمة لإسرائيل .

وتوقع الخطايبة، لـ"النجاح الإخباري" الاثنين أن تشهد الساحة الأردنية خلال الأيام المقبلة مسيرات وحشد أردني ومظاهرات ضد صيغة القرار المرتقب.

وحذر الخطايبة من أن يؤدي قرار ساكن البيت الأبيض في المستقبل إلى مزيد من الصدامات ولن تؤدي في الوقت ذاته إلى استقرار أمني في القدس كما يتوقع ترامب ـو الإسرائيليين.

وكشف الخطايبة، عن طلب قدمه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لجهة اعلان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين الحرة رسميا من قبل القيادة الفلسطينية وذلك في إطار التحرك التركي على هذا الصعيد.

وأكد الخطايبة، ما نشر من آخر تصريحات من البيت الأبيض وقبل ثلاثة أيّام جاءت على لسان سارة ساندر، المتحدثة الصحفية حيث قالت: "إن الحديث عن نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس هو حديث سابق لأوانه ولا شيء فعليا الان".

ويرى الأردن أنه وبموجب معاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية (وادي عربة)، تعترف بموجبها إسرائيل بوصاية المملكة على الأماكن المقدسة التي كانت تتبع إداريا الأردن قبل احتلالها عام 1967.

"توقيت ممتاز"

الكاتب والمحلل السياسي الليبي فرج إحميد، يؤكد بدوره أن الإدارة الأمريكية تدرك أن موضوع نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس "هو خط أحمر لدينا".

وقال إحميد،  في اتصال هاتفي مع "النجاح الإخباري" إن "هذه الخطوة ستزيد الأزمة تعقيدآ،وترامب يريد أن يضع العرب وبالأخص الجامعة العربية في اختبار حقيقي والتي ندرك سلفآ بأنها مغلوبة ومهزومة داخليآ ولن يكون لها موقف في زمن الموقف".

وشدد أن التوقيت بالنسبة لترامب "ممتاز"، في ظل ما تمر به الدول العربية من تمزيق وتفتيت وحروب داخلية.

في المقابل يرى إحميد، أن إعادة الحديث عن إعلان "القدس عاصمة موحدة لإسرائيل" والتهديد بنقل السفارة بأنه توقيت يخدم ترامب ونتنياهو على حدٍّ سواء.

وتفصيلا لما سبق يؤكد إحميد، أن الرئيس الأمريكيّ، وبعد إقرار مستشاره السابق للأمن القوميّ، مايكل فلين، بعلاقاته مع الروس، بات مُهدّدًا من قبل السلطات ذات الصلة بأنْ تصله نار العلاقات غير الشرعيّة مع موسكو خلال المعركة الانتخابيّة التي أوصلته إلى البيت الأبيض، لذلك فإنّ إعلانه عن الإعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل قد يصرف الأنظار عن تورّطه في العلاقات مع روسيا.

التوقيت الجيد ذاته ينسحب أيضًا بحسب إحميد، على رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، المتورط في حبل الفساد حيث أعلنت الشرطة رسميًا أنّها ستُوصي بمحاكمته بعدّة تهم فساد ورشاوى وخيانة الأمانة، وللتدليل على عمق أزمته الشخصيّة.

وأخيرا يحذر إحميد، من أن يكون الإعتراف بالقدس كعاصمةٍ لإسرائيل المُقدّمة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة مرّةً واحدةً وإلى الأبد، إذا أخذنا بعين الإعتبار صفقة القرن، التي يتحدّث عنها الرئيس ترامب، والتي تمّت صياغتها بالتنسيق مع قادة إسرائيل، بحسب التقارير أفادت التقارير الإعلاميّة في إسرائيل.

ستؤثر في العلاقات !!

الكاتب الصحفي الأردني نضال العضايلة، أكد أن "الخطوة ستؤثر في مسار العلاقات العربية الأمريكية".

وقال العضايلة، لـ"النجاح الإخباري" في اتصال هاتفي من عمان أن الحكومة الأردنية تسعى للتأثير على قرار ترامب فى هذا الصدد، إلا أن الرئيس الأمريكي جاد في مسعاه بغض النظر عن مواقف حلفائه العرب.

"ويعنى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس اعتراف واشطن بالقدس عاصمة أبدية لاسرائيل، إلا أن الحكومة الأردنية تصر على أن نقل السفارة سيكون انتهاكا للقانون الدولي، وبالتالي فإن هذه الخطوة ستؤثر على منطقة الشرق الأوسط بشكل سلبي." وفقا للعضايلة.

تحرك على كل الساحات!!

وكان الرئيس محمود عباس قد أجرى بالأمس اتصالات مع عدد من قادة الدول، وسيواصلها اليوم، للتحذير من مغبّة اتخاذ مثل هذا القرار، الذي في حال تم فإنه يهدد العملية السياسية وجهود صنع السلام.

ولفت الرئيس خلال اتصاله بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، بعقد قمة إسلامية طارئة وعاجلة لبحث هذه القضية ومواجهتها، قبل أن يطلب وزير الخارجية ، رياض المالكي، عقد اجتماعيْن طارئيْن لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث ملف مدينة القدس. 

وعلى الساحة الوطنية تلقى الرئيس عباس، مساء امس مكالمة هاتفية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية؛ ناقشا خلالها "النوايا الأمريكية تجاه مدينة القدس والتداعيات الناجمة عنها وضرورة تمتين البيت الفلسطيني في مواجهة هذه التحديات والمضي في مسار المصالحة بقوة".

كما اتفق الجانبان "على ضرورة حشد كل الجهود الإعلامية في قضية القدس والقضايا الوطنية ووقف أي شكل من أشكال التوتر أو التراشق الإعلامي الداخلي".

وكان البيت الأبيض قد أصدر في يونيو (حزيران) الماضي بيانًا أعلن فيه تأجيل الموعد النهائي نصف السنوي للالتزام بقانون 1995، الذي ينص على نقل سفارة أمريكا إلى القدس من تل أبيب، أو توضيح أن سبب عدم القيام بذلك يتوافق مع المصالح الأمنية القومية الأمريكية. وهذه التأجيلات الرئاسية، التي أصبحت شكلًا رسميًا، تدفع بأن نقل السفارة إلى القدس يثير مخاطر أمنية ويمكن أن يلحق الضرر بالتوصل إلى تسوية سلمية في نهاية المطاف بين إسرائيل والفلسطينيين.