إياد العبادلة - النجاح الإخباري -
غادرت وفود الفصائل والقوى الوطنية والسياسية، قطاع غزة الى مصر للمشاركة في جلسات الحوار المقررة غدا الثلاثاء في القاهرة لمعالجة القضايا المتصلة بإتمام المصالحة، وإنهاء الانقسام، ودعم الاتفاق الاخير بين حركتي فتح وحماس، الذي عقد الشهر الماضي في القاهرة برعاية مصرية، لكنها ليست المرة الأولى التي تنتقل فيها الوفود للعاصمة المصرية, بل ما يميزها عن سابقتها، التغيرات الإقليمية التي تسير بوتيرة سريعة, في المنطقة العربية، ومحاولة الإدارة الأميركية لرسم سياسة جديدة للشرق الأوسط، فهل تنجح الجهود المصرية في هذه المرة، وهل فعلًا سيتم التغلب على العقبات، والسؤال الأبرز أن الثلاثة أيام, هل تكفي لإنجاح الاتفاق؟.
حوار القاهرة
وبالاشارة إلى إمكانية نجاح الجهود المصرية في هذه المرة من جولات الحوار بين حركتي فتح وحماس بمشاركة قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية،  أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة د. حسام الدجني أن، الإنجاز هذه المرة مرهون بتغليب الصالح العام على الخاص، والوطني على الحزبي، لكل الأطراف، وليس فقط على حركتي فتح وحماس، مبينًا أن نجاح الحوار مرهون أيضًا بصدق النوايا، والعمل الجاد من أجل انجاز ما تبقى من ملفات عالقة بين الطرفين.

تنازلات
وأشار "الدجني" إلى أن حركة حماس قدمت تنازلات، فيما يطلب الآن من حركة فتح أن تقدم المزيد من التنازلات من أجل مضي قطار المصالحة وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة عام 2011، واتفق معه "اليافاوي" حول أن المطلوب من الجميع تقديم تنازلات أكبر، فيما أكد على أن مصر لن تسمح بالفشل، بعد الزيارات التي قام بها رئيس جهاز المخابرات العامة لرام الله وغزة، واشراف مباشر من قبل وفود الأخير على تفاصيل تمكين الحكومة في غزة.
وأكد أن المطلوب من حركة حماس أيضًا تقديم المزيد من التنازلات في مسألة البرامج السياسية، وتجاوز المعضلات السابقة، وشدَّد على أن وثيقة الوفاق الوطني، تُشكل أرضية سليمة للجميع للدخول في إطارها، والعمل من خلالها.

ملف الأمن

وحول ملف الأمن كشف "الدجني" أن اتفاق القاهرة عام 2011 يُشكل ركيزة أساسية، للجميع في أي حوار أو اتفاق جديد، مشيرًا إلى أنه من خلال هذا الإطار، يستطيع الجميع أن يصل إلى قواسم مشتركة، بشرط أن يتم تغليب الصالح العام على الخاص, فيما قلَّل "اليافاوي" من مخاطر التي من الممكن أن تعترض طريق, هذا الملف بالتحديد،  مشيرًا إلى أن قرارات الرئيس بالتقاعد المبكر للعسكريين، والمدنيين، فسح المجال أمام حل معضلة هذا الملف الذي يعتبر أكثر الملفات حساسية.
وحذَّر "الدجني" من الخطر الأكبر الذي تواجهه المنطقة، والتغيرات الإقليمية المتسارعة، وتأثيرها على المصالحة، والمشروع القومي برمته، معتبرًا أن القرارات الأميركية ضد حركة حماس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، تحتاج إلى تكاتف الجميع من أجل مواجهتها.

من جهته قال  أستاذ التاريخ والعلوم السياسية د. ناصر اليافاوي:"  أن المصالحة لا تقاس بمعايير النجاح والفشل،  موضحًا أن المطلوب من الجميع هو القرار القوي الذي يفرض آلية تطبيق وتنفيذ التفاصيل الدقيقة في الملفات العالقة. 
وغرَّد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، "نغادر إلى مصر ونحمل معاناة وآلام شعبنا طيلة سنوات الانقسام وكلنا تصميم وعزم على عدم الارتداد عما تحقق من مسيرة إيجابية لإنهاء الانقسام، وأكد  "سنواصل مسيرة إنهاء الانقسام وصولا للتنفيذ الشامل لاتفاق المصالحة الموقع عام ٢٠١١ بما يحقق الإنهاء التام للانقسام وإتمام الوحدة وتلبية حاجات الناس وتحقيق مصالحهم وتعزيز الموقف الفلسطيني الموحد في مواجهة المخاطر".

المصالحة والإقليم
وعن علاقة المصالحة الفلسطينية، والمتغيرات الإقليمية،  اعتبر "الدجني" أن البيئة المحيطة مرتبطة بالقضية الفلسطينية، فلا يمكن إقامة علاقات تطبيع وعلاقات تجارية، وتحجيم النفوذ الإيراني، إلا عبر حل القضية الفلسطينية، والتي لن تحل إلا بإتمام المصالحة الفلسطينية التي تدعم الموقف الفلسطيني وتعزز من تواجده عربيًا ودوليًا، ورأى "اليافاوي" أيضًأ أن الرباعية العربية، تدرك جيدًا أنه لا حل عربي ولا اقليمي شامل سوى حل القضية الفلسطينية أولا، وحلها يكمن في مصالحة بين كافة الأطراف، لقطع الطريق على التجاذبات مع الفصائل ومحاولات إيران وبعض الدول تعزيز العلاقات مع حركة حماس وغيرها من الفصائل، الأمر الذي ترفضه السعودية وتحاول جاهدة ضم فلسطين إلى حلفها السني وكسر هلال محور الممانعة.
الأحمد: يجب أن تكون الفصائل شريكاُ فعلياً
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، أكد على أن الهدف من الاجتماع هو أن تكون الفصائل شريكة فعلياً، وليست مراقبة لطي صفحة الانقسام بشكل نهائي، مشدداً على أن لدى الفلسطينيين القدرة والإرادة لتجاوز أية عراقيل، قد تعطل تحقيق المصالحة، وأوضح، أن تمكين الحكومة هو خطوة أساسية للمضي في إتمام كافة خطوات المصالحة، غير أن تمكين العمل في الوزارات يسير ببطء، معتبراً أن فتح معبر رفح لثلاثة أيام مقدمة لافتتاحه بشكل نهائي ومتواصل، والخطوات العملية بالعودة للقانون بدأت فعلياً، حيث تم إلغاء جباية الضرائب والرسوم والتبرعات خارج إطار القانون.
وقال  الأحمد إن ملف الأمن يتعلق بأمن الوزارات، والسير، والمعابر، التي تتولى مسؤوليتها وزارة الداخلية، والعمل جار لتجهيز حرس الرئيس للتواجد بشكل فعلي ودائم وكامل على معبر رفح، وشدد على أن من يطالب بتنفيذ بنود اتفاق المصالحة دفعة واحدة، فإنه يريد وضع العصي في الدواليب، محذراً من تصريحات بعض النخب السياسية والدوائر الإعلامية المشبوهة التي تحاول إثارة المشاكل والإشاعات للتعطيل والتخريب على جهود الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.

مشتهي:آن الأوان لمواجهة لحظة الحقيقة

وطمأن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وعضو وفدها إلى القاهرة، روحي مشتهي، الشارع الفلسطيني وعناصر حركة حماس بأن كل القضايا لها أساس في المعالجة في اتفاقيات القاهرة الموقعة 2011 ومن ضمنها الملف الأمني".

وأضاف:"   أنه آن الأوان لمواجهة لحظة الحقيقة من قبل كل الفرقاء الفلسطينيين بأن المشروع الوطني الفلسطيني والحقوق الفلسطينية في خطر داهم، وإذا لم نسعف أنفسنا كفلسطينيين وننهي لمرة واحدة وللأبد هذا الانقسام البغيض؛ لنتفرغ للأهم وهو مواجهة الاحتلال الصهيوني الذي يحتل ارضنا ويهود قدسنا ولمواجهة الاستيطان الذي يلتهم أرضنا كل يوم فلن يسعفنا أو ينفعنا أحد،  وأوضح أن كل ما قامت وتقوم به "حماس" من تنازلات كما يسميها البعض كانت من أجل مصلحة أبناء شعبنا الفلسطيني؛ وحماس دائماً تقدم العام على الخاص.
وكشف عضو وفد حماس للقاهرة، روحي مشتهى، أن هناك خطوطاً حمراء لدى الحركة حيث من الصعب على كل فلسطيني حر أن يتجاوزها؛ وهي التمسك بحقوق شعبنا كاملة، ومنها ما يمتلكه شعبنا من سلاح للمقاومة.

ثلاثة أيام
وشدَّد المحللان على أن ثلاثة أيام لحوار القاهرة لا تكفي، إذا تم فتح الملفات، والبحث في تفاصيلها، لكنهما أوضحا أن الاحتكام لوثيقة الوفاق الوطني، والاتفاق على ما جاء فيها، يختصر المشوار في يوم واحد فقط، منوهين إلى أن ما جاء فيها واضحًا للجميع، لكن المطلوب هو وضع جداول زمنية فقط.
ووقّعت حركتا فتح و حماس اتفاق المصالحة الفلسطينية رسمياً الخميس 12 تشرين الأول/اكتوبر من العام 2017 في القاهرة،  بحضور رئيس المخابرات المصرية، اللواء خالد فوزي، واتفقت الحركتان على تمكين الحكومة الفلسطينية من العمل على كافة التراب الفلسطيني، في قطاع غزة ورام الله، بموعد أقصاه 1 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري.