بشار دراغمة - النجاح الإخباري - تحليل إخباري

يتسابق قادة الأحزاب والمسؤولون في إسرائيل لدق طبول حرب لم تتطور معالمها ولم تُعرف حدودها بعد، ويتجنّد اليمين واليسار بالبزّة العسكريّة خلف "قبة حديدية" لقرع الطبول إيذانا بسفك دم عربي.
ويعيش اليسار الإسرائيلي والذي يمثله "المعسكر الصهيوني" هذه الأيام مرحلة انصهار كامل مع اليمين، بعد أن ظلَّ يصنّف نفسه "وسط اليسار" وهي اللحظة التي سرعان ما تتحول إلى حرب عند اكتمال عملية الانصهار. 
والمتتبّع لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين يلحظ لغة تصعيد وتهديد بالحرب تتزامن مع تناغم وغزل من أحزاب اليسار التي تسعى لاستغلال عشق الناخبين للغة القوة والحرب فركبت ذات الموجة التصعيدية. 
وأعلن رئيس “المعسكر الصهيوني” آفي غباي، أنَّ القضايا الأمنية خط أحمر ولا يمكن المساومة عليها، زاعمًا عدم وجود شريك فلسطيني للمفاوضات ويوجه تهديدًا صريحًا لكلّ العرب بقوله: "علينا عدم الخوف من العرب، بل يجب عليهم أن يخافوا منا".
وواصل غباي حديثه العسكري مشدّدًا على حاجة إسرائيل لأقوى جيش في العالم بل أعلن بشكل صريح أنَّ إسرائيل يجب أن تكون عدوانية بشكل مستمر، وهي تصريحات غير مسبوقة منذ تأسيس "المعسكر الصهيوني" في العام (2014).
ويقول غباي: "إذا أطلقوا صاروخ واحد، علينا أن نطلق النار عشرين مرة، وهذا هو الأسلوب والطريقة الوحيدة التي يفهمونها بالشرق الأوسط.. نحن خائفون باستمرار، ولكن نحن الأقوى هنا، نحن أقوى من العرب، لا ينبغي لنا أن نخاف منهم، يجب أن يخاف العرب منا".
وفي الوقت الذي كان فيه هذا المعسكر يوجّه انتقادات لليمين بقيادة بنيامين نتانياهو بالتذرع بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام نرى اليوم أنَّ المعسكر نفسه يركب في ذات السفينة ويتفوه بذات الكلمات، كما أنَّ غباي يتجاوز في تصريحاته الحديث فقط عن فلسطين وإمكانية الحرب على غزة، واستخدم أكثر من مرّة مصطلح الشرق الأوسط والعرب في إشارة إلى أنَّ الحرب التي يريدها إقليمية بامتياز.

نهج موحد
الرئيس الإسرائيلي يتفق تمامًا مع ما تحدَّث به غباي وتحدَّث عن مخاطر مزعومة تواجه إسرائيل في الإقليم، وتطرَّق إلى نوايا موجودة لدى أطراف لم يمسها لمهاجمة إسرائيل، وقال "الجيش الإسرائيلي متيقّظ تمامًا لما يجري وما يبيته أعداؤه الذين يواصلون التسلُّح والتعاظم، ويبذلون الجهود للمساس بنا والحرب القادمة إذا ما فرضت علينا ستكون صعبة لكن الغلبة فيها ستكون لنا".
وأعلن وزير الاستخبارات "يسرائيل كاتس" بشكل أكثر صراحة إلى أين تتجه الحرب القادمة عندما قال: "إنَّ إسرائيل تتخذ الاستعدادات كافة للتعامل مع تهديدات حزب الله حيال العمق الإسرائيلي.
وذهب وزير الجيش الإسرائيلي قبل أيام إلى تحديد الآلية التي ستستخدمها تل أبيب في حربها القادمة، وكان يتحدث وكأنه يرسم خطة عسكرية وقال: "حال اندلاع المواجهة القادمة، فإنَّه لا مناص أمام الجيش من استخدام قوته بأكملها منذ اللحظة الأولى، فالأعداء سيحاولون أولًا وقبل كل شيء استهداف التجمعات السكنية والبنى التحتية المدينة مما سيحتم على إسرائيل الامتناع عن خوض حرب طويلة".
الملاحظ، أنَّ تصريحات المسؤولين في إسرائيل تصب باتجاه حرب قادمة، وعلى الأرجح تميل الكفة لحرب مع حزب الله، خاصة إذا ما صحَّت الأنباء التي تحدثت عن وجود بنود سريّة في اتفاق المصالحة الفلسطينية تقضي بامتناع حماس عن تنفيذ عمليات ضد إسرائيل ليس انطلاقًا من غزة فحسب بل من الضفة الغربية، رغم أنَّ ليبرمان تحدَّث في أكثر من مناسبة عن الحرب المقبلة بيقين تام وقال، إنَّها ستقع على ساحتين بالتوازي، في الشمال والجنوب، إلا أنَّ الأمور قد تتغير وتبقى ساحة الحرب في الشمال، وقد يعزز هذه الفرضية أنَّ الجيش الإسرائيلي غير جاهز الآن لحرب على جبهتين.
وتمَّ في أروقة الكنيست مؤخّرًا مناقشة خطة استعداد الجيش للمواجهة القادمة وأطلقوا عليها اسم "جدعون"، ووفق ما يذكره أليكس فيشمان، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، فإنَّ الخطة لم تأخذ بعين الاعتبار الجيش السوري، لأنَّ الفرضية كانت أنَّ سوريا باتت خارج اللعبة، ويقول فيشمان: "رغم امتياز الجيش الإسرائيلي في خطة جدعون إلّا أنَّ أعضاء الكنيست من لجنة الخارجية والأمن ليسوا واثقين فيما إذا كان الجيش على استعداد لخوض حرب شاملة في المنطقة على عدة جبهات".
إذا على ما يبدو لن يكون  التساؤل الآن هل ستقع الحرب أم لا، بل متى ستكون الحرب القادمة ؟