الاء عامر - النجاح الإخباري - وأنت تسير في أزقة البلدة القديمة في مدينة نابلس، تشمُّ عطر الحجارة المنبعثة من مصنع يتربع في ساحة التوتة وسط المكان.

 غرفة أثرية بنيت منذ (400) عام، ورفوف خشبية عمرها يفوق السبعين، علب بيضاء تحتوي حلوى طرية وسكرية في آن واحد،هكذا ظلّت هذه الحلوى تتّخذ بساطة الماضي وعبقه في كشك صغير.

ويروي أيمن حرز الله رجل خمسيني يرتب الحلوى بألوانها الزاهية :" ورثنا المصنع عن والدي حامد حرز الله، وكان قبل بنائه حمّامًا تركيًّا عُرِف بحمام ( القاضي).

يتابع حرزالله لـ"النجاح الإخباري" :" كانت الحلقوم أو (الراحة) تشكّل جزءًا كبيرًا من اقتصاد المدينة وقوّتها، نعتاش منها وتعيلنا، لكن في زمن الانتفاضة الأولى أغلق المصنع لأسباب سياسية وختم لسبع سنوات ذلك أدَّى لتراكم ديوننا،  والنتيجة باع والدي جزءًا من مصنع الحلوى".

يشير حرز الله: "صناعة الحلقوم  يدوية لا تحتاج لآلات ومعدات، سوى شعلة من النار و إناء كبير أضع فيه الخليط من السكر والنشا وملح الليمون".

 وعن آلية صناعة الحلقوم يوضح حرزالله : "يوضع السكر والماء ويخلط ليصبح كـ "القطر"،نضيف الماء تدريجيًّا في وعاء آخر ونذيب فيه النشا ليصبح شبيه (بالحليب)، في هذه الفترة يكون القطر وصل لحالة الغليان نسكبه على الخليط الثاني، ونضع ملح الليمون بكمية دقيق، مع التحريك المتواصل حتى تجمد وتشتد العجينة، ثم تخلط ساعة كاملة بماكنة خاصة بها".

 وتكون في انتظار هذا المزيج قوالب خشبية موزَّعة في زوايا المصنع (الفرش)، يوضع بها الخليط فور غليانه، ويترك ليبرد في القالب المعدّ خصيصًا لذلك، وهذا يحتاج  إلى (24) ساعة، بعدها يقطّع بخطوط طولية وعرضية، ويغمس بسكر ناعم  منعًا لالتصاقه.

وبحلول نسائم الشتاء البارد تزيد كمية إنتاج الحلقوم فهذه الحلوى تمدّ الجسم بنكهة جميلة وتزوده بالدفىء، أمّا عن الإنتاج بشكل عام، يبيّن لنا حرزالله: "منذ العقدين بدأ الإنتاج يقلّ وبشكل ملحوظ نظرًا لظهور أنواع أخرى من الحلقوم المحشية بالفستق وجوز الهند والمضاف لها مادة الجيلاتين"، ويضيف: "بالرغم من بساطة هذا المنتج الفلسطيني وزهادة ثمنه وتواضعه بين الأصناف المستحدثة، إلا أنَّ الزوار ما زالوا يقصدون محاله ومصانعه ويبتاعونه، خاصة من يفضلون أكل البسكويت بالراحة"

أما عن أسباب تراجع الإنتاج فيعزوها حرزالله بقوله : "عزوف المنتجين للحلقوم، وتوجّههم لمهن أخرى، بالإضافة لظهور المصانع الحديثة وتوارد الحلوى المصنَّعة من الخارج أدّى لتراجع إنتاجها ".

وحسب مصادر طبية يعتبر الحلقوم غني  صحيًّا إذا أكل بطريقة معتدلة ، فكمية الكربوهيدرات الطبيعية فيها لا تطرح من الجسم عبر التعرق أو التبول و ببذلك تعتبر طارحة للسموم الجسم اليومية وهو سبب كاف لأن تكون هذه الحلوى الأفضل بالنسبة للسلاطين قديمًا.