سوزان الكوني - النجاح الإخباري - باب الساحة من أقدم المناطق في نابلس بل وأكثرها شهرة، تحوي الكثير من المحالّ التجارية والحلويات والمطاعم الشعبية، بالإضافة إلى وجود مهن قديمة قلَّ إقبال الناس عليها؛ لتوفّر ماكنات طغت على بساطة الحرف اليدوية، مما زاد من فرضها والتسويق لها عوضاً عن التمسك بالبساطة التي كانت تعيل الكثير من العائلات.

محل صغير مغلف بالرطوبة، يمارس به الحاج السبعينيّ "رايق عنّاب" مهنة الحياكة للحف، لم يغلق هذا المحل منذ سنوات، رغم تخلى الكثير من أصحاب الحرفة عن ممارستها والخوض في سوق التجارة.

أبو نبيل خاض عمله في مجال الحرف اليدوية وهو في العاشرة من عمره، حيث ورث تنجيد الُّلحف والمخدات عن والده.

ويعمل الحاج رايق في محل قديم كان منزلاً منذ قرن، خلال الحديث معه والتمعن في ملامحه التي ظهر عليها التعب والكبر لاحظت أنَّ أصابع يده مقطوعة ورغم اعتماد هذه الحرفة على اليد إلا أنّه  لم يتخلَّ عن مهنته التي تعيله.

يوضح أبو نبيل لـ"النجاح الإخباري"، أنَّه رغم اكتساح الماكنات في الأسواق؛ ما زال أغلبية من الناس يرسلون الّلحف والمخدات إليه، حيث يقوم الحاج بفك الّلحف والمخدات المكوّنة من الصوف، ثم ينثر الصوف ليتخلله الهواء ويتعرض لأشعة الشمس، وفي اليوم التالي أو خلال الظهيرة يعيد الصوف إلى القماش و يبدأ بالحياكة.

ويقول إنَّ هذا العمل يسبب الإرهاق؛ لانحناء الظهر طوال اليوم، ومع ذلك لا يملُّ منه لأنَّه مصدر قوته اليومي ولو كان دخلاً قليلاً لكنَّه يفي بسد الحاجات، وبيّن الحاج لـ "النجاح الإخباري" حتى مع مرور الزمن واقتصار الجيل الجديد على الماكنات فحسب إلا أنَّ هناك مجموعة ليست بالقليلة ترسل إليه البضائع لأنَّها تجد في نفسها المحافظة على الزمن الماضي.

خلال التحدث مع أبو نبيل حضرت السيدة أم كمال لبادة حاملةً أغراضها المصوّفة  وذلك لإعادة حياكتها على أيد أبي نبيل، وعند توجيه السؤال لها قالت: الصوف يبعث الحرارة الدافئة خاصة في الشتاء، ولم أتخلَّ عنه يوماً منذ كنت صغيرة في بيت والدي، فهو يغني عن كثيرٍ من اللحف المصنعة في هذا الوقت.

وأكملت حديثها: إنَّ مصنوعات الماضي أفضل بكثير من مصنوعات اليوم، موضحةً أنَّ الحياكة اليدوية أفضل بكثير من خياطة الماكنات.

لكن في موقفٍ آخر علّقت السيدة أم سعيد لـ "النجاح الإخباري": أنَّ الإقبال على تنجيد اللحف خفيف، وذلك لتوفر اللحف الجاهزة بأشكال وألوان جذابة، تختار السيّدة ما تشاء منها، وأيضاً لأن الصوف يعيق الحركة بسبب ثقله على الجسم.

في نهاية المطاف هناك من يفضل الاعتماد على المهن اليدوية للحفاظ على الماضي في ظلّ الحاضر والبعض لا يريد سوى الاعتماد على الماكنات لتحقيق التطور وإعطاء كلّ زمنٍ حاضره واستخدامته.